الوقت- بدأت جولة جديدة من الاشتباكات بين مقاتلي المقاومة الإسلامية الفلسطينية في قطاع غزة والجيش الصهيوني عقب استشهاد أحد قادة حركة الجهاد الإسلامي، "بهاء أبو العطا"، في غارة جوية نفذتها مقاتلات حربية صهيونية على منزله في منطقة "الشجاعية" بغزة، وردّاً على عملية الاغتيال هذه، قام أبطال المقاومة الفلسطينية حتى هذه اللحظة بإطلاق أكثر من 250 صاروخاً على المستوطنات الحدودية المحتلة وفي عمق الأراضي الفلسطينية المحتلة وصولاً إلى "تل أبيب".
الدفاعات الجوية الإسرائيلية والهجمات الصاروخية للمقاومة
بعد معارك الكيان الصهيوني مع حزب الله في لبنان عام 2006 ومع قوات المقاومة الإسلامية في غزة عام 2008 والخسائر الكبيرة التي مُنيت بها العديد من المستوطنات الصهيونية، فكر الإسرائيليون في تطوير نظام دفاعي صاروخي قصير المدى من أجل التصدي لتهديدات المقاومة الفلسطينية واللبنانية الصاروخية ولهذا فلقد قامت "تل أبيب" بصناعة نظام القبة الحديدة عام 2011 وتم الاستفادة من هذا النظام الدفاعي خلال النزاعات اللاحقة في قطاع غزة، وعلى الرغم من نجاح هذا النظام إلى حدّ كبير في اعتراض العديد من الصواريخ وقذائف الهاون القادمة من قطاع غزة، إلا أنه من الناحية الاقتصادية كان غير مجدٍ.
نظام القبة الحديدية وتكلفته العالية لاعتراض صواريخ المقاومة
نظام القبة الحديدية وسيلة دفاعية ضد الصواريخ قريبة المدى وقذائف الهاون، وهو غالباً ما يوجد قريباً من المناطق المأهولة بالسكان، ليحدد الصواريخ القادمة نحوه، ومن ثم يطلق صواريخ مضادة لتفجير الصواريخ الأولى في الجو قبل سقوطها، ولقد طُوّر النظام من قبل شركة "رافائيل" لأنظمة الدفاع المتقدمة، واختاره وزير جيش الاحتلال الإسرائيلي السابق، "عمير بيرتس"، في فبراير 2007، انطلاقاً من تجربة حرب 2006 مع حزب الله اللبناني، ومن تجربة صواريخ المقاومة الفلسطينية محلية الصنع ومنذ ذلك الحين بدأ جيش الاحتلال بتطوير النظام كحل دفاعي لإبعاد خطر الصواريخ قصيرة المدى عن مستوطناته.
وهنا تجدر الإشارة إلى أنه لم تسعف القبة الحديدية التي كلّفت دولة الاحتلال الإسرائيلي ملايين الدولارات في صدّ صواريخ محلية الصنع أنتجت في ورشات حدادة بشوارع وأزقة قطاع غزة المحاصر، على يد عناصر المقاومة الفلسطينية الذين لا يمتلكون خبرات كبيرة في تصنيع المتفجرات المتطورة.
صاروخ من طراز "تامير"
اعتراف المسؤولين الإسرائيليين بعدم جدوى نظام القبة الحديدية
كشفت العديد من التقارير الإخبارية بأنه بعد التصعيد الأخير بين "إسرائيل" وقطاع غزة، نهاية الأسبوع الماضي، أثارت تقارير صحفية أسئلة متكررة بشأن فاعلية أنظمة القبة الحديدية.
يذكر أن حركتي حماس والجهاد أطلقت نهاية الأسبوع الماضي ما يقرب من 700 صاروخ من غزة على "إسرائيل"، ما أسفر عن مقتل 4 أشخاص وإصابة أكثر من 200.
ووفقاً لصحف إسرائيلية، اعترض نظام القبة الحديدية 240 صاروخاً من أصل 690 تم إطلاقها من غزة.
وحول هذا السياق، كشف العديد من الخبراء العسكريين بأن نظام القبة الحديدية الإسرائيلي سجّل فشلاً جديداً في مهمته الأساسية القائمة على اعتراض وإسقاط صواريخ المقاومة التي تطلق من قطاع غزة نحو الأراضي المحتلة عام 1948م وتوفير الحماية للمستوطنين، واعترف الناطق باسم جيش الاحتلال، "رونين مانيليس"، بإخفاق القبة في إسقاط صاروخين أطلقا من غزة، أصاب أحدهما فناء منزل في مدينة بئر السبع المحتلة جنوب فلسطين المحتلة والآخر سقط في بحر مدينة "بيت يام" جنوبي "تل أبيب"، قائلاً: "لا يمكن نشر منظومة القبة الحديدية في كل مكان وهي ليست لها قدرات مطلقة".
صاروخ "خيبر إم 302
وفي هذا السياق، أكد المختص بالشؤون العسكرية "رامي أبو زبيدة"، أن الوقائع الميدانية الجديدة والقديمة أثبتت عدم جدوى القبة الحديدية في التصدي لصواريخ المقاومة، الأمر الذي يكشف زيف الدعاية الإسرائيلية التي تروّج للقبة على أنها أحدث الصيحات التكنولوجية المتخصصة في اعتراض المقذوفات الصاروخية قصيرة ومتوسطة المدى.
وقال "أبو زبيدة": "عقب عدوان 2014 أدخلت قيادة جيش الاحتلال بعض التحسينات على عمل المنظومة، ولكن تلك التعديلات تثبت فشلها في جولات التصعيد الأخيرة عندما لم يجرِ تفعيل عمل القبة من الأساس"، مبيناً أن الفشل المتكرر للقبة يسبب إرباكاً على الصعيدين العسكري والسياسي إلى جانب الجبهة الداخلية.
عدد من صواريخ المقاومة الإسلامية في غزة وخصائصها
ما هو نوع الصواريخ التي استخدمها مقاتلو المقاومة في غزة؟
كشفت كتائب القسام خلال المعركة الأخيرة التي خاضتها مع الاحتلال عن قدرات عسكرية أذهلت العالم، سواء في مجال القدرة الصاروخية، أم الصواريخ المضادة للطائرات، واستخدامها للأسلحة الموجهة، وكان من ضمن المفاجآت التي كشف عنها القسام، ضرب عمق الكيان لأول مرة منذ 20 عاماً، واستخدام صواريخ صنعت بأيدي القسام وصل مداها إلى 80 كم، ولم تقتصر على ذلك بل استهدفت المركبات والطائرات الحربية والبوارج البحرية وصولاً إلى اختراق أنظمة الإعلام.
كما تمكّنت كتائب القسام ولأول مرة في تاريخ الصراع مع العدو الصهيوني من قصف شمال "هرتسيليا" التي تبعد عن غزة 80 كم وتل أبيب المحتلة بصواريخ محلية مطوّرة من طراز "M75"، وصواريخ "فجر5"، كما واصلت الكتائب مفاجآتها التي أذهلت العدو حين استخدمت الصواريخ الموجّهة المضادة للدروع، فدمّرت جيباً صهيونياً على عمق 3 كيلومترات شرق مخيم البريج وسط القطاع، بصاروخ موجه "خيبر إم 302".
البحرية الإسرائيلية تضبط صواريخ من طراز "خيبر"
الجيش الإسرائيلي يبحث عن بديل مناسب للقبة الحديدية
على الرغم من أن المسؤولين الإسرائيليين يزعمون أن نظام القبة الحديدية قادر على حماية المدنيين من الهجمات التي تنطلق من قطاع غزة، إلا أن التكلفة الباهظة وغير المنطقية لاستخدام صواريخ "تامير" البالغة 80 ألف دولار لتدمير صواريخ المقاومة التي يبلغ قيمتها مئات الدولارات، كانت أحد الاسباب الرئيسة لظهور العديد من الاقتراحات الصهيونية لتطوير نظام دفاع ليزري لاعتراض وتدمير الصواريخ قصيرة المدى.
مبنى دُمر في شمال تل أبيب بواسطة صاروخ "خيبر"
المكاسب التي حققتها هجمات المقاومة الفلسطينية
كشفت العديد من التقارير الإخبارية بأن الاحتلال الإسرائيلي خرج بعد عدوانه الأخير على غزة بخسائر في مجالات متعددة، في حين يرى سياسيون وإعلاميون أن ما جرى مجرَّد مكسب سياسي لـ"نتنياهو"، بعد قبول "إسرائيل" بالتهدئة.
وحول هذا السياق، لفتت تلك التقارير إلى أن صواريخ المقاومة التي انطلقت من قطاع غزة تمكّنت من إصابة العديد من الأهداف وهذا الأمر أدّى إلى هروب الكثير من الإسرائيليين إلى الملاجئ، الأمر الذي انعكس سلباً على خطة "نتنياهو" والذي كان يريد أن يستغل قضية اغتيال "أبو العطاء" لتحقيق بعض المكاسب السياسية ولم تقتصر إنجازات المقاومة الفلسطينية على المجال العسكري فقط، بل وصل إلى أكثر المجالات تطوراً، وذلك باختراقها للقناتين الصهيونيتين الثانية والعاشرة، وبث رسالة تهديد للعدو الصهيوني في حال قرر الدخول براً لقطاع غزة، وبهذه المفاجآت التي كشفت عنها المقاومة الفلسطينية، تكون قد صنعت النصر بعد فضل الله تعالى للأمة العربية والإسلامية، تاركةً بعدها الرسالة الأهم، أن المقاومة الفلسطينية لم تكشف كل ما في جعبتها من مفاجآت.