الوقت- يتواصل الحراك الشعبي في لبنان وسط متغيّرات وضعته على مفترق طريق، فقد دعا الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله أنصاره للخروج من الساحات بعد سرده للإيجابيات والسلبيات لهذا الحراك.
بدا لافتاً اهتمام الأمين العام لحزب الله بأدقّ تفاصيل الحراك، بدءاً من التصريحات الشعبية وليس انتهاءً بالمواقف السياسية، ليمعن في شرح الإيجابيات والسلبيات، ويخلص إلى نتيجة مفادها ترك الساحة.
انطلق السيد نصرالله في خطابه، كما الخطاب الأوّل، من فرصة هذا الحراك وأهميته، وتهديد انحرافه عن مساره أو ركوب الموجة من قبل آخرين.
الإيجابيات والسلبيات
أسهب السيد نصرالله في الحديث عن إيجابيات هذه الحرك، فقد أشار إلى الورقة الإصلاحيّة التي نتجت عن الحراك، وفي حين أشار السيد إلى أن هذه الورقة دون الآمال أكّد أنها خطوة أولى متقدمة جداً، ولاسيّما أن الحراك فرض على الحكومة أن تقرّ ميزانية خالية من الضرائب والرسوم وعجزاً يقارب الصفر.
في السلبيات، هناك توجّس واضح من الفراغ الذي سيؤدي إلى الفوضى وعدم القدرة على دفع المعاشات، ولن تنتهي الأمور عند هذا الحد فالفراغ سيؤدي إلى الفوضى ودخول الخارج على خطّ المواجهة، وربّما تكرار السيناريو العراقي في لبنان، أو ربّما الليبي.
من السلبيات التي تعتري التحرّكات عدم وجود جهة واضحة ترعى هذا الحراك، وبالتالي هناك تخوّفات حقيقة من تدخّل السفارات لاسيّما أن هناك الكثير من المؤشرات على الأرض تؤكد دخول هذه السفارات على خطّ المواجهة، لا نقصد هنا كل الحراك، لا بل إن الكثير ممن هم في الشارع يطلقون شعاراتهم الاقتصاديّة، لكن في الوقت عينه هناك من يمارس تحرّكات مشبوهة ومدروسة على الأرض لنقل الحراك من واقعه الاقتصادي نحو الواقع السياسي وتصفية الحسابات السياسيّة.
داخلياً، يبدو واضحاً سعي القوات اللبنانية لركوب الموجة، في طرابلس أيضاً هناك جهات تسعى لتصفية حساباتها مع الحريري وإسقاطه سواء اللواء أشرف ريفي، أم النائب نجيب ميقاتي، هناك من يتحدث عن وجود متظاهرين من الجنسية السورية (النازحين المعارضين) داخل هذه المظاهرات لإظهار زخم هذه المظاهرات. وأما على الصعيد الخارجي فهناك إشارات لدعم إماراتي سعودي أمريكي، كما ابتعدت الكثير من الشعارات عن أهدافها الاقتصاديّة، نحو الشعارات السياسيّة.
في السلبيات أيضاً، بدا واضحاً استياء الشارع من سياسة قطع الطرقات التي تمارسها بعض المجموعات، والتي وصل الأمر بها لابتزاز الناس عبر أخذ الأموال منهم مقابل السماح لهم بالمرور إلى أعمالهم. صحيح، أن هذه الفئة لا تمثّل الحراك بأكمله بل هي فئة صغيرة، لكن هذه الخطوة التي بدأت عند قطع الطرقات تتجه للبدء بحواجز "الهوية" التي تذكر اللبنانيين بالحرب الأهلية، وربما استخدام السلاح، وهذا الأمر الذي أبدى السيد نصرالله تخوّفه منه، باعتبار أن أمريكا تريد استهداف رأس المقاومة عبر حرف هذا الحراك عن مساره وتوجيهه نحو المقاومة.
في موضوع قطع الطرقات قال السيد نصرالله: "صحيح أنها من وسائل الاحتجاج المدني وفي السابق قطعنا طرقات لتحقيق مطالب محقة"، وتابع "أنا لا أناقش في المبدأ إنما في الظروف القائمة في البلد حيث الوضع المعيشي الصعب في البلد، هناك من يقول إنه إذا لم أعمل لا يمكنني أن أطعم عائلتي بينما البعض يستمر بقطع الطرق، بالإضافة إلى بعض التجاوزات التي تحصل في بعض المناطق أو الطرقات"، ودعا "المحتجين إلى المبادرة لفتح الطرقات ونقل الاحتجاجات إلى الساحات والميادين".
السيد نصرالله الذي حذّر في الخطاب السابق من محاولات لركوب الموجة، تحدث عن امتلاك الحزب معلومات تؤكد أن الوضع في لبنان دخل في مرحلة الاستهداف السياسي، ما يؤكد كلام السيد نصرالله هو التقرير الذي تحدّث عنه محلل البيانات والمتخصص بكشف الحسابات الكاذبة على تويتر، مارك اوين جونز، فقد أوضح جونز أنه من خلال تحليل قرابة 6500 تغريدة استخدمت وسمي#نصرالله_واحد_منن و#حل_عنا_انت_وسلاحك، تبيّن أنّ مصدرها 4500 حساب فردي، مؤكداً أنّ الكثير من التغريدات التي هاجمت نصر الله مصدرها الدول الخليجية، خاصة السعوديّة. وقد أظهرت الأرقام أن 35% من أصل 2297 حساباً مصدرهم السعودية، كانوا خلف الحملة التحريضية ضد الأمين العام لحزب الله، بصورة توحي أنّ المتظاهرين اللبنانيين يقفون خلفها.
يقف الحراك اليوم على مفترق طريق مصيري، فإما سلبه من قبل جهات سياسيّة، أو أن هناك حاجة لحركة تصحيحية اليوم، وهذا ما يبدو مستبعداً في ظل الشعارات التي سمعناها في الأربع وعشرين ساعة الأخيرة.
هناك انسحابات بالجملة من الحراك بعد خطاب السيد نصرالله، آخر هذه الانسحابات كانت ليل الأحد عبر فك المحاربين القدامى في الجيش اللبناني لخيمهم من الساحة بعد التطاول على رئيس الجمهورية والمقاومة.