الوقت- أصدرت محكمة استئناف في العاصمة الليبية طرابلس حكما بالإعدام رميا بالرصاص على تسعة من رموز نظام القذافي بينهم نجله سيف الإسلام ومدير المخابرات الليبي عبدالله السنوسي وآخر رئيس وزراء في عهد القذافي البغداجي المحمودي.
وأصدرت هيئة المحكمة حكما غيابيا على سيف الإسلام القذافي الذي تغيب عن الجلسات السابقة لأسباب أمنية، وذلك خلال جلسة المحاكمة التي شملت 37 من رموز نظام معمر القذافي. كما أصدرت المحكمة حكما بالإعدام رميا بالرصاص في حق كل من منصور ضو وأبو زيد دورودة وميلاد دامان ومنذر الغنيمي وعبد الحميد إوحيدة وعويدات النوبي. وبرأت المحكمة وزير الخارجية الليبي السابق عبد العاطي العبيدي.
ووجهت طرابلس لنجل معمر القذافي ورفاقه تهما، بينها المشاركة في قتل الليبيين بعد ثورة 17 فبراير/شباط عام 2011 والتحريض على القتل والإبادة الجماعية والنهب والتخريب وارتكاب أفعال غايتها إثارة الحرب الأهلية في البلاد وتفتيت الوحدة الوطنية وتشكيل عصابات مسلحة وجرائم أخرى تتعلق بفساد مالي وإداري وترويج المخدرات.
إعتراض دولي وتظاهرات مندّدة
وأثارت أحكام الإعدام هذه موجة من الإعتراضات على الصعيدين الداخلي والدولي، حيث خرجت العديد من المظاهرات المندّدة، فقد خرج اهالي منطقة الغريفة بوادي الحياة في مظاهرات حاشدة ضخمة ضد الحكم الذي وصفوه "بالجائر والذي اصدرته محكمة استئناف طرابلس ضد قيادات الوطن"، فيما جاب عدد من الليبيين بمركباتهم الآلية شوارع بني وليد في مظاهرة حاشدة رافضة لقرار المحكمة التي صدرت الثلاثاء ضد عدد من رموز النظام السابق .
ونادى المشاركون في المظاهرة بالافراج على سيف الاسلام القذافي وعودته الى العمل السياسي لانهاء المأساة التي تعاني منها ليبيا منذ اكثر من اربع سنوات.
ودعا المتظاهرون في هتافاتهم واللافتات التي رفعوها المجتمع الدولي ومنظمات حقوق الانسان الى العمل على "وقف تنفيذ هذه الاحكام الجائرة التي صدرت تحت تهديد سلاح المليشيات التي تسيطر على العاصمة طرابلس".
فيما خرجت مظاهرات في مدينة سرت، رفضا لاحكام الاعدام التي صدرت في حق رموز النظام السابق المعتقلين في سجون الميليشيات في طرابلس .
دولياً، أعرب عدد من المنظمات الدولية عن اعتراضها على حكم الإعدام، وذكرت منظمة "هيومان رايتس ووتش" أن المحاكمة شابها انتهاكات جسيمة في سلامة الإجراءات، ودعت المحكمة العليا للنظر في الحكم بشكل مستقل. كذلك أعرب الاتحاد الأوروبي، الأربعاء، عن قلقه تجاه الأحكام التي أصدرتها محكمة في طرابلس.
وقف التنفيذ
إلا أن العديد من المراقبين يؤكدون أن عمليات الإعدام هذه لن تتم، فقد جددت المحكمة الجنائية الدولية مطالبتها ليبيا بتسليم سيف القذافي ونقله إلى المحكمة، وفقاً لمذكرة الاعتقال التي صدرت بحقه إبان ثورة فبراير 2011 . وقالت في بيان لها إن "السلطات الليبية لديها التزامات قانونية إيجابية واضحة للقيام بذلك " .
وأوضحت المحكمة أنها أحالت ملف سيف الإسلام لمجلس الأمن الدولي بعد تكرار رفض ليبيا تسليمه للمحكمة لاتخاذ تدابير مناسبة لضمان تعاون ليبيا في هذا الأمر، مستنكرةً حكم الإعدام الصادر بحق سيف الإسلام لمخالفته للوائح اتفاقية روما المنشأ على أساسها المحكمة .
في السياق نفسه، إستبعد الناشط الحقوقي الليبي وعضو المرصد الليبي لحقوق الإنسان ناصر الهواري، تنفيذ الحكم على سيف الإسلام القذافي.
وقال الهواري في حواره مع موقع «دويتشه فيلة» الألماني: لا أظن أنه سيتم تنفيذ الحكم، فسيف الإسلام يوجد تحت قبضة إحدى الميليشيات الرئيسية في الزنتان المعارضة للحكومة في طرابلس. والحكومة المعترف بها دوليا ليس لديها أي نفوذ هناك، وبالتأكيد فإن المليشيات لن تسلمه إلى طرابلس ذلك لن يحدث وفي حال قاموا بتسليمه، ربما سيسلمونه للمحكمة الجنائية الدولية في لاهاي، ولكن يجب ألا ننسى أنه لا يزال بإمكان المتهم أن يطعن في الحكم .
إلى ذلك، وبعد ساعات قليلة فقط من إصدار أحكام الإعدام، أقر مجلس النواب الليبي بالأغلبية أمس قانونا يقضي بالعفو العام، نص في مادته الأولى على "العفو العام والشامل عن كل الليبيين منذ منتصف فبراير (شباط) 2011 وحتى تاريخ أمس".
وقال طارق الجروشي، عضو المجلس، إن القانون اشترط "تقديم تعهد مكتوب من قبل المعفو عنه، يفيد بعدم عودته للإجرام مرة أخرى، وإرجاع المال محل الجريمة، إضافة إلى التصالح مع المجني عليه وولي الدم بالنسبة للقتل".
من جانبه قال أحمد قذاف الدم، المبعوث الخاص السابق للقذافي وابن عمه، في تصريح للشرق الأوسط، إن أحكام الإعدام "تنهي محاولات الحل السلمي الذي كانت الأطراف الليبية تسعى إليه، بما فيها (اتفاق الصخيرات) الذي رعته الأمم المتحدة وجرى إقراره قبل أسبوع".
وحذر من أنه سيكون هناك "رد فعل عنيف على هذه الأحكام" من جانب المدنيين والعسكريين وحركة اللجان الثورية، بالإضافة للقبائل، لأن "أحكام الإعدام صدرت من سلطة غير شرعية".
وتصدر هذه الأحكام في وقت تشهد فيه ليبيا صراعا على السلطة منذ إسقاط النظام السابق عام 2011، تسبب بنزاع مسلح قبل عام، وبانقسام البلاد بين سلطتين، حكومة يعترف بها المجتمع الدولي في الشرق(طبرق)، وحكومة مناوئة لها تدير العاصمة منذ شهر أغسطس (آب) من العام الماضي، وذلك بمساندة تحالف جماعات مسلحة تحت اسم "فجر ليبيا".
ويحتجز سيف الإسلام القذافي في بلدة الزنتان، التي تبعد 180 كيلومترا جنوب غربي طرابلس، والتي تعتبر موالية للسلطات الليبية المعترف بها من المجتمع الدولي. ومنذ سيطرة ميليشيات فجر ليبيا المناهضة على طرابلس، منعت الزنتان مثول سيف الإسلام أمام محكمة طرابلس عبر الدائرة المغلقة لعدم اعترافها بشرعية السلطات الموازية في طرابلس .