ويبدو ان توصل ايران والدول الست الى برنامج عمل مشترك وبدء جولة جديدة من عمليات بناء الثقة على الصعيد الدولي قد زاد من وتيرة التعاون لحل الأزمات في المنطقة اكثر من ذي قبل وهناك حاجة لبدء تعاون جديد وبأفق متجدد بين دول المنطقة، وفي هذا المضمار يترك حل القضايا العالقة مع السعودية اثرا بليغا واساسيا على علاقات ايران مع باقي الدول العربية وكذلك على حل الازمات الاقليمية.
وكانت السعودية خارجة عن المحطات التي زارها وزير الخارجية الايراني خلال جولاته الاقليمية الماضية في المنطقة وظل الطرفان الايراني والسعودي يتحفظان ازاء بعضهما البعض وهناك الآن ايضا خلافات جدية بين طهران والرياض فيما يخص الازمة اليمنية والاحتجاجات الشعبية في البحرين ولكن حالياً هناك حاجة وضرورة لكي تعمل ايران على تهيئة الظروف لبدء حوار مع السعودية بعد الاتفاق النووي لكي تقوم بتذكير السعوديين بمضرات عدم وجود تعاون بين الجانبين.
وهناك الآن علاقات جيدة جدا بين ايران والكويت وعمان وهما من اعضاء مجلس التعاون كما ان العلاقات الايرانية القطرية والايرانية الاماراتية تأتي في المستوى التالي ويمكن القول انها علاقات مرضية اذا قمنا باستثناء بعض القضايا لكن علاقات ايران مع البحرين وخاصة مع السعودية ليست مرضية بسبب انجرار المنامة خلف السياسات السعودية وقد شهدنا توترا ملحوظا بين ايران وهاتين الدولتين خلال الفترة الاخيرة لكن يجب القول انه نظرا الى المكانة الجيوسياسية للسعودية في الشرق الاوسط ودورها العربي فإن ادارة العلاقات مع السعودية ستترك تأثيرها على خفض تأثير الازمات في المنطقة كما ان تحسين علاقات طهران مع الرياض سيؤدي الى تحسين العلاقات الايرانية مع منظومة دول مجلس التعاون أيضاً.
ويجب الاشارة الى ان السعودية قد اعلنت مرارا خلال السنة الاخيرة قلقها من امكانية التوصل الى اتفاق نووي بين ايران والغرب وكانت الرياض تدعي بأن هذا الاتفاق سيمنح ايران حرية اكبر للتحرك في العواصم العربية وقد بادر المسؤولون الامريكيون الكبار الى زيارة الرياض مرارا لاعطاء ضمانات للسعودية وتخفيف أثر هذا الاتفاق النووي على السياسات السعودية في المنطقة وفي هذا السياق يمكن الاشارة الى الزيارة الاخيرة التي قام بها وزير الدفاع الامريكي اشتون كارتر خلال الاسبوع الماضي الى السعودية والضمانات الامنية التي قدمها ومنها بيع انظمة "ثاد" للدفاع الصاروخي الى السعودية وقطر والامارات كجزء من مشروع ادارة وتخفيف القلق الموجود لدى بعض العرب.
وهكذا يبدو ان على الجهاز الدبلوماسي الايراني ان يبادر الى شرح وتبيين الانجازات الايجابية والتأثير المفيد للاتفاق النووي على امن المنطقة وحل ازماتها للجهات العربية التي تقودها السعودية ويعمل على ادخال هذه الجهات في قنوات الحوار وتذكيرهم بمخاطر واضرار عدم التعاون في المرحلة القادمة، وفي المقابل ايضا يبدو ان الفريق الامني والسياسي الجديد الحاكم في الرياض لديه بعض الرغبة في الحوار في وقت نرى بأن المسؤولين الامريكيين هم موافقون كذلك على رضوخ القوتين الكبيرتين في الشرق الاوسط الى الحوار حول القضايا الثنائية.
ورغم هذا يجب القول ايضا إنه من غير المنطقي ان نتوقع تطابق السياسات الايرانية والسعودية سريعا ونظرا الى حالة التنافس الموجودة بينهما فمن الافضل ان يبدأ البلدان اولا بالتركيز في المرحلة الاولى على النقاط المشتركة والقضايا التي تعتبر أقل حساسية واتخاذها منطلقا واساسا للتفاوض والحوار.