الوقت- إن التوزيع غير العادل للثروة والعائدات في أمريكا أشعل شرارة الاحتجاجات في "وول ستريت" عام 2016، ولا تزال هذه المشكلة أحد أهم العيوب الاقتصادية الموجودة في أمريكا، والتي لها العديد من العواقب الاجتماعية ويشير تقرير لمنظمة الإغاثة الدولية "أوكسفام" إلى أنه من بين كل ثمانية أشخاص أثرياء في العالم، هنالك اثنان منهم من أمريكا ولكن هذه الثروة ليست موزّعة في أمريكا بالتساوي، وإنما هناك نسبة واحدة في المئة فقط من المواطنين الأمريكيين يتمتعون بهذه الثروات وحول هذا السياق نشرت مؤسسة "الاحتياطي الفيدرالي" تقريراً مفصّلاً ركّزت الضوء فيه على حجم الفجوة بين الفقراء والأغنياء في أمريكا، حيث أكدت هذه المؤسسة بأنه في عام 2016، نمت سلة الدخل للأسر الثرية بنحو 16 في المئة مقارنة مع عام 2013.

وفي السياق ذاته أكدت العديد من التقارير الاقتصادية، أنه خلال الخمسين سنة الماضية، كان هناك أسر أمريكية تعادل واحداً في المئة من إجمالي الأسر التي تعيش داخل أمريكا، تمتلك أربعين في المئة من ثروة البلاد وهذه الثروة تعادل 90 في المئة من الثروة التي يمتلكها باقي الشعب الأمريكي وتشير نتائج استطلاع عام أجري في 2011 إلى أن جميع المواطنين الأمريكيين الذين ينتمون إلى مختلف الأحزاب السياسية، احتجوا باستمرار على التوزيع غير العادل للثروة في البلاد وتشير نتائج الاستطلاع الذي أجراه باحثون في جامعة "برينستون" وجامعة "نورث وسترن" عام 2014 إلى أن سياسات الحكومة الأمريكية تعكس وتلبي فقط مطالب الأغنياء، وأن معظم الأمريكيين لا يُسمح لهم بلعب أي دور فعلي في العملية السياسية وعملية صنع القرار.
ويُعدّ توزيع الدخل غير العادل، أحد المعايير لقياس الفجوة الحاصلة بين الفقراء والأغنياء ووفقاً لاستطلاع أجرته مؤسسة "بيو"، فإن هذه الفجوة شهدت نمواً سريعاً في أمريكا منذ سبعينيات القرن الماضي ووفقاً لبنك "الائتمان السويسري"، فإن واحداً بالمئة من أغنياء العالم يمتلكون أكثر من نصف ثروات سكان العالم وبعبارة أخرى، فإن إجمالي رأس المال لأكثر من 3 مليارات شخص في العالم، تعادل أقل من واحد في المئة من ثروة أثرياء العالم وتستند هذه الإحصائيات على حساب الثروة الصافية لجميع السكان، والثروة الصافية عبارة عن مجموع إجمالي ممتلكات الفرد، مطروح منها مجموع ديونه ووفقاً لبنك "الائتمان السويسري"، فإن ثروة أغنياء العالم والذين يعادلون واحداً بالمئة من كل سكان العالم، قد وصلت إلى 283 تريليون دولار ولقد بلغت سرعة نمو الثروة المالية والاقتصادية للأغنياء منذ ازدهار سوق العقارات وسوق الأسهم العالمية في العالم بين عامي 2013 و2017، أعلى مستوى لها في تاريخ الاقتصاد العالمي.
ولقد حذرت منظمة الإغاثة الدولية "أوكسفام" في عام 2016 من أنه إذا لم يتم اتخاذ إجراءات لضمان تحقق ولو الحد الأدنى من العدالة الاجتماعية في العالم، فإن نصف سكان العالم في السنوات القادمة سيكونون أكثر فقراً بسبب أولئك الأثرياء الذين يشكلون واحداً في المئة من سكان العالم، وفي عام 2017 تحققت توقعات منظمة "أوكسفام"، حيث أظهرت الإحصاءات أن أكثر من نصف الثروة التي بلغت 16.7 تريليون دولار والتي تم إنشاؤها في أمريكا، أي حوالي 8.5 تريليونات دولار، كانت لأولئك الأثرياء الذين يشكلون واحداً في المئة من سكان العالم، كما أشار تقرير منظمة "أوكسفام" إلى أنه من بين كل ثمانية أشخاص أثرياء في العالم، هنالك اثنان منهم من أمريكا ولكن هذه الثروة ليست موزعة في أمريكا بالتساوي، وإنما هناك نسبة واحدة في المئة فقط من المواطنين الأمريكيين يتمتعون بهذه الثروات.

النتيجة
إن الصفة القائمة على أكثرية الفقراء وأقلية الأغنياء، تعدّ أحد أهم السمات التي يتمتع بها المجتمع الأمريكي وبعبارة أخرى، يمكن تقسيم المجتمع الأمريكي إلى فئتين، فئة فقيرة وأخرى غنية وفي الوقت الحالي، تعترف جميع الطوائف السياسية الأمريكية ابتداءً من الديمقراطيين ووصولاً إلى الجمهوريين بالتوزيع غير العادل للثروة في أمريكا وهنا يؤكد البعض منهم بأن السياسات الاقتصادية التي اتخذها الرئيس الأمريكي "دونالد ترامب"، ستجعل الأغنياء أكثر ثراءً وتجعل الفقراء أكثر فقراً ويعتقد الخبير الاقتصادي الأمريكي "ألستون" بأن المجتمع الأمريكي يقترب من حافة البؤس، باستثناء أولئك العشرة بالمئة الذين يعيشون في ثراء فاحش.
يعتقد "ألستون" بأنه لا يوجد حالياً أي وسيلة عملية للحدّ من التوزيع غير العادل للثروة في أمريكا ولفت إلى أن هذه الحالة يمكن أن تؤدي في النهاية إلى انتفاضة شعبية وحركة مدنية قوية ضد الائتلاف الحاكم في أمريكا وأشار إلى أن انتفاضة "وول ستريت" التي حدثت عام 2011، تعتبر واحدة من أهم النتائج للتوزيع غير العادل للثروة في أمريكا.