الوقت- وإن كان مستوى تأثيره قد تراجع عمّا كان عليه في السابق، إلا أنه لا يزال يمارس إجرامه في أي بقعة من هذه الأرض وفقاً لما تقتضيه مصلحة الكيان الإسرائيلي، نتحدث هنا عن جهاز الاستخبارات الإسرائيلي "الموساد" الذي يعمل على جمع المعلومات الاستخباراتية وينفّذ عمليات سرية خارج حدود "إسرائيل" وخلال عقد واحد من الزمن نفّذ 800 عملية اغتيال، بحسب صحيفة "ديلي ميل" البريطانية.
قد يكون تقرير الـ "ديلي ميل" الجديد حول "الموساد" يحمل في طياته أبعاداً تسويقية لجهاز الاستخبارات هذا لإعادة الروح إليه بعد أن تراجع أداؤه مقابل ظهور أجهزة استخبارات إسرائيلية أخرى لعلّ الوحدة "8200" أحدها، وقد رأينا رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو مراراً وتكراراً يحاول تبييض صفحة "الموساد" عبر إحباط عمليات إرهابية لهذه الدولة أو تلك كما حصل عندما نقل نتنياهو معلومات إلى نظيره الهندي، ناريندرا مودي، حول خلايا "إرهابية" تعمل في الأراضي الهندية.
بعض الحقائق
إن كان جهاز الموساد أخطأ هدفه مرات ومرات إلا أنه في الحقيقة تمكّن من إنجاز مهمات مؤثرة في الإقليم تمكّن من خلالها من قنص قادة بارزين في المقاومة الفلسطينية وعلماء وشخصيات رسمية، ويذكر أن آخر عملية إرهابية قام بها الموساد كانت في 21 ابريل الماضي، حيث قام باغتيال العالم الفلسطيني فادي البطش بعد صلاة الصبح بمنطقة سكنية في العاصمة الماليزية كوالالمبور.
وفي أحدث تقرير نشرته صحيفة "ديلي ميل" البريطانية عن الموساد، قالت: "إن جهاز الاستخبارات الإسرائيلي قتل عدداً من الأشخاص أكثر من أي جهاز آخر في أي دولة بالعالم منذ الحرب العالمية الثانية".
ولفتت الصحيفة إلى أن فريقاً من "الموساد" قام بتدبير عملية اغتيال القيادي بحركة المقاومة الإسلامية (حماس)، محمود المبحوح، في يناير 2010 بمدينة دبي، وأوضحت أن عملاء الموساد وصلوا إلى المبحوح في غرفته بأحد الفنادق، ودسّوا له السم في رقبته عبر جهاز موجات فوق صوتية عالي التقنية، دون أن يتم اختراق جلده ليلفظ أنفاسه الأخيرة بعدها بدقائق.
الصحيفة البريطانية استندت في تقريرها إلى كتاب "انهض واقتل أولاً" التاريخ السري للاغتيالات المستهدفة لإسرائيل "للصحفي الإسرائيلي رونين بيرغمان الذي يستعرض عدداً من عمليات الاغتيال السرية للموساد".
أغرب طرق الموساد في عمليات الاغتيال
يقول بيرغمان في كتابه الذي نقلت صحيفة "ديلي ميل" البريطانية مقتطفات منه": إن الموساد نفّذ 800 عملية في العقد الماضي فقط متحدثاً عن جواسيس "بنكهة هوليوودية" جندتهم "إسرائيل" لتنفيذ عمليات اغتيال.
منذ 40 عاماً كان "وديع حداد" أحد مؤسسي الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، واحداً من أكثر المطلوبين الفلسطينيين لدى "إسرائيل"، وتقول الصحيفة البريطانية نقلاً عن كتاب بيرغمان، أن حداد تعاون مع الفنزويلي "كارلوس جاكال" أو "كارلوس الثعلب" الذي كان يعدّ رمزاً للإرهاب الدولي.
وبحسب الصحيفة، فإن حداد أدار عملية اختطاف طائرة "آير فرانس"، التي كانت متجهة من تل أبيب إلى باريس، حيث أجبر المختطفون الفلسطينيون طاقمها على تحويل مسارها إلى عنتيبي في أوغندا حيث أنقذتها وحدة كوماندوز إسرائيلية.
وبعد هذه العملية أصبح حداد متصدراً قائمة الاغتيالات في الموساد لكن بعد مرور 6 سنوات على إصدار "أمر بالقتل"، كان حداد لا يزال على قيد الحياة يعيش حياة رغيدة بالعاصمة العراقية بغداد.
في النهاية تمكّن "الموساد" من حداد
الذي جرى بعد هذه الأعوام التي عاشها حداد دون أن تطوله يد "الموساد" كان كارثياً، ويمكن إعادة صياغته على شكل فيلم سينمائي، ففي 10 يناير 1978، استبدل عميل من الموساد كان مقرباً من محيط حداد، معجون الأسنان الخاص بحداد إلى أنبوب مماثل ممزوج بمادة سامة، وقد عمل مختبر سري بالقرب من تل أبيب على تطويره.
وفي كل مرة كان حداد يفرّش أسنانه، تتفاعل كميات السم لتأخذ طريقها، من خلال اللثة إلى مجرى دمه، وبمرور الأيام بدا حداد وكأنه يحتضر. اتصل أصدقاؤه الفلسطينيون بالشرطة السرية لألمانيا الشرقية التي نقلته إلى مستشفى في برلين الشرقية، وبعد 10 أيام نزف حداد من مناطق مختلفة بالجسم، ثم مات.
وفي ألمانيا تحيّر الأطباء في تشخيص مرضه، بينما كانت "إسرائيل" تحتفل بما حققه الموساد الذي أصبح "رائداً" في عمليات الاغتيال.
فشل لا يغتفر
فشل الموساد في اغتيال شخصيات بارزة أعلن صراحة أنه كان يعمل على استهدافها ليلاً نهاراً، خاصة قادة المقاومة الفلسطينية واللبنانية، ولعلّ أبرز عملياته الاستخباراتية الفاشلة تتجسد في محاولة اغتيال ياسر عرفات، ففي العام 1968 وظّف الموساد طبيباً نفسياً (سويدي الأصل) لغسل دماغ أسير فلسطيني ليقتل ياسر عرفات رئيس منظمة التحرير الفلسطينية آنذاك.
اختار طبيب النفس السجين المناسب، وقضى 3 أشهر في تنويمه مغناطيسياً، وأخذ يردد عليه جملة "عرفات فاسد، يجب إزاحته"، وحدث أن السجين تدرّب على التصويب بالنار على صور عرفات في غرفة سرية أعدت خصيصاً لهذا الغرض.
وفي 19 ديسمبر 1968، هرّب فريق من الموساد السجين عبر نهر الأردن حيث كان من المفترض أن يتسلل إلى مقر عرفات، ثم انتظروا. وبعد 5 ساعات، جاءتهم الأخبار، السجين لم يضيّع وقتاً، فقد توجّه مباشرة إلى مركز للشرطة واتهم الموساد بمحاولة غسل دماغه، فحققت العملية فشلاً ذريعاً.