الوقت- السنوات السبع التي تلت بداية الربيع العربي؛ شهدت العديد من الدول خلالها تدخلات مباشرة من قبل دولة الإمارات، فبعد نشر قوات الأمن الإماراتية في البحرين، والتدخل في النزاعات العسكرية في ليبيا، ودعم حكومة الجنرال السيسي في مصر، ولعب دور قيادي في الحرب الأهلية اليمنية واحتلال جزيرة سقطرى؛ يحاول الإماراتيون اليوم تفكيك دولة الصومال وإنشاء قاعدة عسكرية لهم بالقرب من مضيق باب المندب ذي الأهمية الكبيرة.
منطقة ميناء بربرة القديم في أرض الصومال ذات الحكم الذاتي – تحاول الانفصال عن الصومال - تشهد هذه الأيام وكما تقول صحيفة الإيكونيميست أحداثاً غريبة على شواطئها، وترتبط هذه الأحداث بميناء تقوم شركة موانئ دبي العالمية ببنائه، حيث تمتلك حكومة دبي النسبة الأكبر من ملكية الشركة، وهي جزء من حكومة دولة الإمارات.
واليوم فإنّ ميناء بربرة يُعدُّ ميناءً صغيراً، ويستخدم لتصدير الغذاء إلى دول الخليج الفارسي، كما يُستخدم لاستيراد المواد التي يتم شحنها إلى مدينة هرجيسا وسط إقليم أرض الصومال.
وتؤكد الصحيفة أنّ شركة موانئ دبي العالمية تخطط أن يُصبح هذا الميناء واحداً من أكبر الموانئ في منطقة شرق إفريقيا خلال العقد المقبل، حيث إن بناء هذا الميناء إلى جانب برنامج الإمارات لبناء قاعدة عسكرية في بربرة يظهر كيفية تغيير أموال الدول الخليجية للقرن الإفريقي، ومن ناحية أخرى، ستضعف هذه الإجراءات الحكومة الفيدرالية الصومالية، المعترف بها من قبل المجتمع الدولي ومقرها مقديشو، من قبل الانفصاليين في إقليم أرض الصومال.
برنامج الإمارات لتفكيك الدولة الإفريقية وبناء قاعدة عسكرية في الدولة الجديدة!
إقليم أرض الصومال ومنذ عام 1991 أعلن استقلاله عن جمهورية الصومال، وبات دولة مستقلة، وتُشير الصحيفة إلى أنّ الاستثمار الإماراتي البالغ 450 مليون دولار لبناء الميناء في بربرة يُعدُّ أكبر استثمار في المنطقة، البرنامج الإماراتي لبناء ميناء بربرة ذي الأهمية البالغة دفع حكومة جيبوتي لطرد شركة موانئ دبي العالمية منها في فبراير من هذا العام، حيث كانت شركة موانئ دبي تُدير هذا الميناء منذ العام 2009.
دولة جيبوتي التي تُجاور إقليم أرض الصومال، تمتلك الآن ما يقارب من 90% من التجارة المائية الإثيوبية، وتستضيف أيضاً قواعد بحرية فرنسية وصينية وأمريكية، ويأمل مسؤولو أرض الصومال أن يجذبوا قسماً من تلك التجارة، وفي آذار/ مارس الماضي أعلنت الحكومة الإثيوبية أنها ستشتري 19 بالمئة من أسهم ميناء بربرة.
المشروع الإماراتي بدأ يُثير قلق الحكومة المركزية الصومالية، وهي التي تعاني أصلاً من وضع هش، وفي محاولة للتأقلم مع خطط الإمارات الجديدة، أقر البرلمان الصومالي الشهر الماضي قانوناً يحظر على شركة موانئ دبي العالمية ممارسة العمل في الصومال، غير أنّ الحكومة الصومالية لم تكن في وضع يسمح لها بتطبيق هذا القانون.
مسؤولو أرض الصومال وبرأي الصحيفة ليسوا قلقين بشأن قرار السلطات الصومالية وقرارها البرلماني، حيث يؤكد نائب وزير خارجية إقليم أرض الصومال لبان يوسف عثمان أن الحكومة الفيدرالية الصومالية ليست قادرة حتى على السيطرة على 10 كيلومترات مربعة من العاصمة مقديشو، ومع ذلك، فإن البرنامج الإماراتي في ميناء بربرة أوجد خلافات عميقة بين حكومتي الصومال وحكومة إقليم أرض الصومال.
وفي الوقت نفسه، فإنّ المسؤولين في مقديشو يتلقون مساعدات نقدية من دولة قطر، كما وأصبحت تركيا إحدى أكبر المستثمرين الأجانب في دولة الصومال.
أكثر من ذلك، فإنّ الحكومة المركزية في مقديشو تعاني الكثير من الفوضى، ومؤخراً اضطر محمد عثمان جعفري رئيس البرلمان الذي هُزم أمام رئيس الوزراء والرئيس، إلى الاستقالة، وقبل أيام من الاستقالة هاجم الحراس الشخصيون لجعفري مبنى البرلمان واشتبكوا مع القوات الموالية لحسن علي خيره رئيس الوزراء، غير أنّ كلاهما يعارض البرنامج الإماراتي في ميناء بربرة.
وتختم الصحيفة بأنّ مثل هذه الخلافات ستزيد من إضعاف الحكومة الفيدرالية في الصومال، كما ستفتح الطريق لمزيد من التدخل من قبل الإمارات، وفي الوقت نفسه، أتيحت لحركة "الشباب" وهي جماعة إرهابية مرتبطة بالقاعدة فرصة جيدة لتكثيف أنشطتها، حيث إنّه وخلال هذا الشهر، شنّت قوات الشباب هجوماً واسعاً على القوات الأوغندية المتمركزة في الصومال الأمر الذي نتج عنه مقتل العشرات من تلك القوات، كما أنّ هجمات حركة الشباب وكما تقول الصحيفة تصبُّ في مصلحة الإماراتيين، فإنّ انعدام الأمن في الصومال سيزيد من اتجاه الاستقلال في إقليم أرض الصومال، كما سيزيد من إهمال الحكومة المركزية في الصومال لذلك الإقليم ولبرنامج بناء الميناء.