الوقت- ثلاث جولات سعت فيها الكويت جاهدة لترميم العلاقات الخليجية ورأب الصدع داخل البيت الواحد قبل انقسامه إلى عدة بيوت مفتوحة الأبواب على عدة جهات متعاكسة لا تلتقي أبدا، ورغم كل المساعي الكويتية التي قام بها أمير الكويت، صباح الأحمد الجابر الصباح لإعادة الأمور إلى سابق عهدها بين دول مجلس التعاون إلا أن النتائج جاءت محبطة ومخيبة للأمير نفسه من جهة ولشعوب هذه الدول من جهة أخرى.
منذ بدء الأزمة سعت الكويت التي تتسم سياستها الخارجية بالوسطية نوعا ما إلى التوسط إلى حل الأزمة، ولكن الندءات الكويتية لم تلقى آذان سعودية واماراتية صاغية، بل تمسك الجانبين بشروطهم ومطالبهم الـ13 تجاه قطر في محاولة لإجهاض أي محاولة كويتية لحلحلة الأزمة.
حلول قطر
أمام هذا الحصار الكبير الذي تعرض له قطر من قبل السعودية، الإمارات، البحرين ومصر، لم يكن أمامها سوى بدء تحالفات جديدة مع دول مجاورة والتي كانت إيران أولها وذلك لمساعدتها في تخفيف حدة الحصار وإيجاد منفذ خارجي لها بعد إغلاق كافت المنافذ عليها والتي كان آخرها منفذ سلوى الذي أغلقته السعودية الأسبوع الفائت لتقطع بذلك أي تواصل لقطر مع العالم الخارجي، ولكن في الحقيقة تمكنت قطر من الحصول على دعم اقليمي من ايرن وتركيا حال دون انكسارها امام الشروط، وبالتالي كانت تجلس مع الوسيط الكويتي بقوة دون أن تضطر للخضوع كما حصل في الأزمة السابقة عام 2013.
ومنذ بداية الأزمة، فرضت الكتلة السعودية قيودا خطيرة على الدور الذي يمكن أن تلعبه الكويت في الأزمة. ومن خلال ذلك، أرادوا ضمان فرض نفوذ الرياض القوي على دول مجلس التعاون الخليجي الصغيرة، فضلا عن إجبار قطر على الامتثال لرغباتها وهذا ما لم يحدث، لذلك اتجهت الامور نحو التصعيد أكثر فأكثر.
الحلول السعودية
أصبح واضحا للجميع أن السعودية ومن خلفها الإمارت ليس لديهم أي رغبة في حل الأزمة مع الجارة قطر، بل على العكس يتجهون أكثر فأكثر نحو تصعيدها واحساس الأمير الصباح بالإحباط لم يأتي عن عبث فالرجل دبلوماسي من الطراز الرفيع ويملك خبرة سياسية كبيرة فيما يخص المصالحات وتقريب وجهات النظر بين الأفرقاء والجميع يشهد له بذلك، إذا لماذا عجز الأمير الكويتي الآن عن حلحلة الأمور أو التقدم ولو خطوة صغيرة للأمام في هذا الملف؟!
أولاً: لا توجد أي نية سعودية لحل الأزمة والدليل ما سمعه أمير الكويت بذات نفسه خلال زيارته إلى المملكة العربية السعودية منتصف أكتوبر/ تشرين الأول الجاري، والتي سمع فيها من الملك سلمان، كما سمع وزير الخارجية الأميركي، ريكس تيلرسون، الذي زار الرياض أيضا، أنّ الحصار ضد قطر سيكون "استراتيجية طويلة المدى".
ثانياً: تطرّف السعودية والامارات جعل الوساطة الكويتية منذ اليوم الأول في مهب الريح، وعلى ما يبدو أن الإمارات يناسبها الوضع الحالي فهي تجد فيه مصلحة كبيرة لها، خاصة أن ما يجري يقوض من دور قطر والذي كان من الممكن أن يؤثر على سياستها الخرجية في المنطقة خاصة أن الإيديولوجية السياسية للدولتين مختلفة تماما.
ثالثاً: مفاوضات اليمن في الكويت لم يكتب لها النجاح لأن السعودية والامارات لم تأتي إلى المفاوضات لتفاوض بل لفرض الشروط، وهذه السياسة تحاول أن تنتهجها الآن السعودية مع قطر إلا أن القطريين لا يريدون أن يملي عليهم أحد ماذا يفعلون، وهذا ما جعل السعودي يغضب لأنه لم يعتد مع جيرانه الخليجيين على مبدأ المفاوضات، بل كان الخضوع هو السياسة السائدة.
رابعاً والأهم : لا يوجد قرار أمريكي في حل الأزمة بل على العكس تماما، حيث تدفع إدارة ترامب حاليا في تأزيم الأمور أكثر فأكثر لقناعة ترامب بأن هذا الأمر يساعده في تحقيق سياسته الحالية لكن هناك أصوات أخرى داخل البيت الأبيض تعارض هذه السياسية ويرون أنها تضر بالمصالح الأمريكية، خاصة الولايات المتحدة تملك قاعدة عسكرية كبيرة في قطر واللعب هناك خطير.
وتعتقد الولايات المتحدة الأمريكية أن عرقلة جهود المصالحة يصب في خدمة مصالحها الاقتصادية وتحقيق مشروعها التقسيمي في المنطقة، أم السعودية فتجد في هذا التقسيم استمرار في السيطرة وتصدر زعامة المشهد السياسي، فهي حتى الآن لم تقتنع بأن أغلب الدول وحتى الخليجية منها خرجت من تحت عبائتها، وعل سبيل المثال، الأمارات اليوم ورغم تحالفها مع السعودية إلا انها أقوى من أن تفرض السعودية عليها الشروط، الآن كل من قطر وسلطنة عمان خارج هذه العباءة.
الكويت أيضا تعتبر خارج العبائة السعودية ولكن بشكل جزئي رغم وجود سيطرة جزئية من المملكة على الكويت، تبقى البحرين هي الوحيد التي تنظر إلى السعودية كشقيقة كبرى، وخارج المنطقة الخليجية جميعنا يعرف الآن موضوع الحساسية الجديدة مع الجزائر.
في الختام، هناك ضياع واضح في الساسية السعودية وفشل ذريع في عدد كبير من الملفات وانخفاض حاد في شعبية المملكة خاصة بعد قرار ترامب بنقل العاصمة الاسرائيلية إلى القدس وصمت السعودية حيال هذا الموضوع الخطير، وبالعودة إلى الخلاف مع قطر وعدم حلحة الأوضاع، يمكن القول هنا أن المشكلة ليست في النداءات الكويتية، بل في المستمع السعودي.. لن تسمع الصمّ الدعاء.