الوقت - يوماً بعد آخر؛ تتزايد الضغوط التي تعيشها السعودية ولا سيما فيما يتعلق بحقوق الإنسان وكفُّ يدِ تلك السلطة عن الشعب السعودي وباقي شعوب المنطقة، كما ويتزايد انكشاف الوجه الحقيقي للسلطة الحاكمة، وبحسب تقرير لمنظمة "هيومن رايتس ووتش"؛ استمرت السعودية بالاعتقالات التعسفية والمحاكمات والإدانات للمعارضين السلميين، كما يواصل عشرات المدافعين عن حقوق الإنسان والنشطاء قضاء فترات مطولة بالسجن جراء انتقاد السلطات والمطالبة بإصلاحات سياسية وحقوقية، كما استمرت السلطات بالتمييز ضد النساء والأقليات الدينية.
تحرك دولي
منظمة "القسط" الحقوقية وغير الحكومية وبمناسبة اليوم العالمي لحقوق الإنسان والذي يصادف "الأحد 10 ديسمبر" عقدت مؤتمراً حمل عنوان: "السعودية.. أخطاء الماضي ومخاطر المستقبل"، دعا خلاله المشاركون في المؤتمر إلى تحرك دولي مشترك لوقف انتهاكات حقوق الإنسان في السعودية، كما حذّر معارضون سعوديون وناشطون حقوقيون بريطانيون من غضِّ الطرف عن حملة الاعتقالات الممنهجة في السعودية.
الناشط الحقوقي السعودي ورئيس منظمة القسط "يحيى عسيري" أكد خلال بداية المؤتمر على أنّ منع حرية التعبير من أبرز المشكلات الموجودة في السعودية، منوّهاً بأنّ نشاط منظمته سيستمر رغم العوائق التي واجهت وما زالت تواجه انعقاد مؤتمرها.
بدورها الأكاديمية والمعارضة السعودية "مضاوي الرشيد" أكدت على أنّ الصوت المعارض في السعودية اختفى ليس مجازياً ولكن داخل السجون، مشيرةً إلى عدم وجود مؤسسة يلجأ إليها المواطن في بلد كالسعودية لتنصفه من السلطة.
ونوّهت الرشيد بأنّ المشكلة هي أن الشعب بمعزل عن أي قرار قد يُتخذ من قبل القيادة، ولا يوجد أي تمثيل شعبي، والحل هو مشاركة جميع أطياف المجتمع من المثقفين والمهنيين في العمل والمشاريع.
النوم في العسل
عالمٌ آخر ذلك الذي تعيش فيه الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان في السعودية، حيث تؤكد بياناتها أنّ حقوق الإنسان في المملكة (وبحمد الله) تعيش أفضل حالاتها، وربما باتت تنافس دول الشمال الأوروبي بما وصلت إليه من تقدم.
وبمناسبة اليوم العالمي لحقوق الإنسان؛ قالت الجمعية السعودية في بيانٍ لها: "إنّ اليوم العالمي لحقوق الإنسان هذه السنة يمرُّ وهناك العديد من الانتهاكات لحقوق الإنسان التي تحدث في مختلف قارات العالم من قضية الروهينغا في مانمار إلى أطفال اليمن إلى قتل المدنيين في سوريا والعراق ومصر إلى موت المهاجرين في البحر في شمال افريقيا وعلى حدود دول أوروبا مدعية حماية حقوق الإنسان إلى استمرار انتهاك حقوق الفلسطينيين في الأراضي العربية المحتلة مما يولد الشعور بتراجع أهمية احترام حقوق الإنسان وحمايتها وتعزيزها ونشر ثقافتها على المستوى الدولي" حسب البيان.
وردّاً على هذا البيان قال ناشطون إنّ جمعية حقوق الإنسان في المملكة، عن غير قصد وربما عن قصد؛ أسقطت من بيانها حقوق الإنسان في المملكة، حيث يعيش الشعب هناك حالة من قمع للنشطاء المطالبين بالإصلاح والمعارضين السلميين، حيث أُدين أكثر من 12 ناشطاً بارزاً بتهم تتعلق بأنشطتهم السلمية، وحُكم عليهم بفترات سجن مطولة، حسب تقرير رايتس ووتش.
كرم حاتمي
على الرغم من كل المآسي والفضائع التي ترتكبها المملكة يومياً؛ إلا أنّها وحسب بيان الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان لم تنسَ التزاماتها الدولية في مجال "حقوق الإنسان" فالمملكة وعلى الرغم من قتلها أكثر من عشرة آلاف يمني؛ إلا أنّ حجم المساعدات التي قدمتها إلى اليمن خلال العامين الأخيرين تجاوزت الثمانية مليارات دولار! بحسب البيان ذاته، وهنا يؤكد ناشطون على أنّه ولو كان هذا الرقم دقيقاً، فإنّ مليارات السعودية الثمانية لن تعيد الحياة ليمنيٍّ واحد قتلته السعودية، منوّهين بأنّ الحالة المتردية التي وصل إليها اليمن واليمنيون كانت السعودية وعدوانها هي السبب بجعل اليمنيين بحاجة للمساعدات.
وفي السياق ذاته؛ فعل المال السعودي فعله، حيث اضطرت الأمم المتحدة لسحب اسم السعودية من بين أسماء "قائمة العار" للعام 2016 الصادرة عن الأمين العام للأمم المتحدة، والخاصة بالأطفال والنزاعات المسلحة، وذلك بسبب دورها البارز والرئيسي في قتل وتشويه الأطفال والهجوم على المدارس والمستشفيات في اليمن، وذلك بعد تهديد السعودية وحلفائها بسحب مئات الملايين من الدولارات المقدمة للأمم المتحدة كمساعدات.
يُشار إلى أنّ السلطات الأمنية السعودية وبين الحين والآخر تقوم بحملات اعتقالات تعسفية، مع تواصل لاحتجاز المعتقلين دون توجيه تهم أو محاكمة لفترات طويلة، وكثيراً ما أدانت المحاكم المتهمين على أساس "اعترافات" ما قبل المحاكمة، دون التحقيق معهم بأن هذه الاعترافات قد انتزعت تحت التعذيب، كما تمنع السلطات السعودية المنظمات الحقوقية من زيارة السجناء المحرومين من أبسط الحقوق القانونية والإنسانية، وتهدد كل من يفشي أسراراً عن المعتقلات وأساليب التعذيب بالاعتقال، وقد تصل عقوبته إلى حدّ الإعدام.