الوقت- لقد أظهر الرئيس الأمريكي "دونالد ترامب" خلال تواجده في البيت الأبيض، بأنه يختلف قليلا في سماته السلوكية والشخصية عن باقي الرؤساء السابقين للبيت الأبيض، والتي أدت إلى خلق حالة من القلق لدى العديد من الوجوه السياسية والأكاديمية البارزة في الولايات المتحدة فيما يخص صحته النفسية. وبغض النظر عن سماته النفسية هذه، التي جعلته من أكثر الرؤساء إثارة للجدل في التاريخ الأمريكي، فهو يختلف أيضا في سمة أخرى عن باقي رؤساء الولايات المتحدة السابقين، تتمثل في علاقته القوية مع "المسيحيين المحافظين".
ووفقا لبعض وسائل الإعلام الأمريكية، فلقد اكتسبت التيارات المسيحية المحافظة نفوذا كبيرا في البيت الأبيض، عقب وصول "ترامب" إلى السلطة. الجدير بالذكر هنا، إن هذه التيارات المسيحية تقوم بعقد جلسة أسبوعية للقيام بالصلاة المسيحية مع الرئيس "ترامب" داخل البيت الأبيض.
وحول هذا السياق صرح "رالف درالينجر"، مؤسس واحدة من أكبر المؤسسات المسيحية المحافظة في الولايات المتحدة والتي تدعى (Capitol Ministries)، بأن هذه هي المرة الأولى منذ أكثر من 100 عاما، التي تُعقد فيها اجتماعات أسبوعية منتظمة في البيت الأبيض لقراءة "الإنجيل". وفي سياق متصل قال "ريتشارد لاند"، رئيس إحدى الكليات المسيحية في واشنطن، لم يسبق للمسيحيين المحافظين الاقتراب إلى هذا الحد من الحكومة الأمريكية.
ووفقا لما كتبته صحيفة "أتلانتيك" الأمريكية، فإن المسيحيين المحافظين كانوا دائما يبحثون عن أداة أو فرصة لتقوية نفوذهم داخل البيت الأبيض، والآن، ومع وصول "ترامب" إلى السلطة، فقد تم توفير هذه الفرصة لهم. ووفقا للتقرير الذي نشرته هذه الصحيفة، فإن علاقة "ترامب" بالتيارات المسيحية المحافظة، تعود إلى تلك الفترة التي سبقت الانتخابات الرئاسية التي أجريت في عام 2016، والتي قام فيها 81 في المئة من المسيحيين الأمريكيين المحافظين بالإدلاء بأصواتهم لصالح "ترامب". ولعل هذا هو السبب الذي جعل "ترامب" يُلقي خطابه الأول فور دخوله إلى البيت الأبيض من "جامعة ليبرتي" الواقعة في ولاية "فيرجينيا"، والتي تعتبر إحدى القواعد الفكرية الأساسية للمسيحيين المحافظين في الولايات المتحدة.
الجدير بالذكر هنا، إن تأثير هذا التيار المسيحي في البيت الأبيض لا يقتصر على عقد جلسات لقراءة الإنجيل وإقامة الصلوات المسيحية فقط وإنما أيضا لهذا التيار، تأثير كبير على الرئيس "ترامب"، يتمثل في عملية اختيار الوزراء وفي بعض التعيينات الحكومية والتي من أبرزها تعيين القاضي "نيل غورزوتش" في أحد المقاعد الشاغرة في المحكمة العليا الأمريكية.
وإضافة إلى ذلك، صرحت بعض المصادر الإخبارية، بأن عملية تعيين "مايك بنس" كنائب لرئيس الولايات المتحدة و "جيف ساكسون" كوزير للعدل و"مايك بومبو" كمدير لوكالة الاستخبارات المركزية الأميركية "سي آي أيه"، كانت أيضا من ابرز تلك التأثيرات التي يتمتع بها هذا التيار المسيحي المحافظ داخل البيت الأبيض.
وفي سياق آخر زعم "روبرت جيفرس"، وهو مستشار ديني في البيت الأبيض وأحد القساوسة المعروفين، أن "ترامب" شخصية متدنية، فهو لا يقسم باسم الله لتلبية أغراض سياسية، ولكن النقاد، ومنهم الناقد "غراي سكوت سميث"، المؤرخ ومؤلف كتاب "الدين في البيت الأبيض"، يرفضون هذا الادعاء، حيث يقول "غراي"، إن "ترامب" ليس متدين، فهو يرفض الذهاب إلى الكنيسة وله الكثير من السلوكيات الغير أخلاقية والغير دينية. ووفقا لهؤلاء النقاد، فإن "ترامب"، لم يذهب إلى الكنيسة سوى مرتين فقط من بعد وصوله إلى البيت الأبيض.
عدد المرات التي ذكر فيها الرؤساء الأمريكيين الثلاثة الأخيرين، اسم "الله" في خطاباتهم في أيامهم الـ"200" الأولى في البيت الأبيض.
ووفقا لما كتبته صحيفة " هافينغتون بوست" آلإخبارية، فإن المسيحية المحافظة، تشبه الوهابية، التي تتظاهر بأنها تتبع التعاليم الإسلامية وهي بعيدة كل البعد عنها. الجدير بالذكر هنا، بأن إحدى معتقدات هذا التيار المسيحي والتي لها تأثير كبير على تصريحات الرئيس "ترامب" في مجال السياسة الخارجية، هي انهم يعتقدون بأن "قوة الإنسان تتمثل في تغييره للعالم" وهذا التفكر ظهر جليا في تصريحات "ترامب" ضد بعض دول العالم، ولا سيما كوريا الشمالية.
وبسبب ذلك الاعتقاد، فلقد صرح قادة التيار المسيحي المحافظ في كثير من خطاباتهم بأن "ترامب" هو "ممثل الرب (الله) على الأرض" ولقد واجهة هذه التصريحات الكثير من الانتقادات الداخلية. وحول هذا السياق زعم "روبرت جفريس"، مستشار ديني في البيت الأبيض، وأحد أولئك الذين ادعوا بأن الرب (الله) قد أعطى "ترامب" الإذن والحرية للدخول في حرب! ، في مقابلة إعلامية، قائلا: "لقد أعطى الرب (الله) في الإنجيل، القوة والحرية للحكام، للقيام بكل شيء لمحاربة الأشرار، ولهذا السبب، فإنه يحق لـ"ترامب" مهاجمة كوريا الشمالية!"
وفي سياق متصل زعم أيضا "بولا وايت"، وهو مستشار ديني آخر في البيت الأبيض، وواحد من اهم الشخصيات المعروفة بين المسيحيين المحافظين، الشهر الماضي في تصريحاته المثيرة للجدل والتي رد فيها على الانتقادات الداخلية التي وجهت ضد تصريحات "ترامب" الأخيرة، التي أدلى بها ضد كوريا الشمالية، قائلا: أن "ترامب" ملك، ساعده الرب (الله) لكي يصل إلى السلطة ومعارضته، تعني إعلان الحرب مع الرب (الله)! وهذا في حين أن "ترامب" لم يستطع إن يقرأ آية واحدة من الكتاب المقدس"الإنجيل" في مقابلة تلفزيونية أجراها عام 2015.
ووفقا لما كتبته صحيفة "بي اس مغ"، فإن وجود مثل هذا الاعتقاد وهذا الفكر بين استشاريين "ترامب"، قد أثار الكثير من المخاوف بشأن تأثير التيار المسيحي المحافظ على السياسة الخارجية الأمريكية، خاصة أن الإحصاءات أثبتت بأن "ترامب" يدين بفوزه في الانتخابات الرئاسية التي أجريت في عام 2016، إلى حد كبير للدعم الذي قدمه هذا التيار المسيحي. ويرى "ترامب" بأنه يحتاج أيضا إلى دعم هذا التيار المسيحي لكي يفوز في الانتخابات الرئاسية المقبلة.