الوقت- يعتبر الكثيرون أن الأسلحة الفرديّة خطرة أكثر من الثقيلة منها، في إشارة إلى أن أعداد ضحايا الأسلحة الخفيفة باتت تشكّل نسبة مرتفعة في الآونة الأخيرة. وبنظرة سريعة إلى ما يجري حولنا نرى أن المواجهات المباشرة باتت تحسم المعارك، ولا تُستعمل الأسلحة الثقيلة إلا في بعض الموارد. وفي الأزمات التي تعصف بنطقتنا نجد تأثيرًا بالغًا للسلاح الفردي، الذي لا تتاونى بعض الدّول في إرساله إلى مناطق النزاع.
لا تزال الأزمة مندلعة في سوريا، واليمن أيضا، ولم يتوقف حتى هذه اللحظة دعم بعض الدول للمجموعات المسلحة في تلك المناطق. وكما يعلم الجميع، تلعب السعودية دورا فاعلا في مساندة المجموعات الإرهابية المخالفة للرئيس الأسد، وتؤمّن لهم العديد والعتاد. أما اللافت في هذا المجال، أن تلك المجموعات تمتلك أسلحة أجنبية من دول، ما امتلكت السعودية منها حتى اليوم.
لفهم المقصد بشفافية، يجب أن ندقّق في الأرقام التالية: في العام 2013 كان حجم الصادرات العسكرية البلغاريّة يبلغ حوالي الـ200 مليون يورو، وفي تطوّر مريب ارتفع المعدّل في العام 2014 إلى 400 مليون يورو، وفي العام 2015 بلغ 642 مليون، ليصل في العام 2016 إلى مليار دولار!
اللافت أيضا أن الدولة البلغارية كشفت في العام 2014 أنها باعت سلاحا للسعودية بقيمة 85 مليون يورو، وحسب تقرير الأمم المتحدة، في العام 2014 باعت بلغاريا للسعودية 287 بندقيّة خفيفة، و120 قطعة من سلاح SPG-9 المضاد للدبابات، في وقت لم يشاهَد جنديّ سعوديّ واحد يحمل سلاحا بلغاريّا، مما يثير الجدل حول وجهة تلك الأسلحة.
وفي العام 2014 شاهد بعض المصوّرين طائرة بويينغ 747 تابعة للشحن السعودي وهي تهبط في مطار العاصمة البلغارية صوفيا، وقالوا أنهم شاهدوا طيارات شحن سعوديّة تحمّل شحنات ضخمة في أوقات أخرى أيضا.
وفي وقت لاحق كشفت وكالة أنباء غير حكومية تعرف بـ BIRN تعمل في منطقة البلقان، أن الحمولات كانت أسلحة صناعة بلغاريّة اشترتها السعودية، وحسب برامج تعقّب الطائرات، كانت تحط تلك الشحنات في مطار جدة أو تبوك، وبعدها إلى الأردن، لتصل في النهاية إلى أيدي المجموعات الإرهابية في سوريا، كما تم إجلاء بعض هذه الأسلحة في تركيا وتسليمها إلى الإرهابيين عبر الحدود المشتركة مع سوريا.
وكشفت بعض التقارير الواردة من مصادر بلغارية أيضا في كانون الأول / ديسمبر 2016 أن نحو 4000 صاروخ و2 مليون رصاصة من عيارات مختلفة نقلت من بلغاريا إلى سوريا.
الإمارات بدورها أيضا، بالإضافة إلى تسليح المجموعات الإرهابية في سوريا، تعمل على شراء أسلحة من شرق أوروبا وخصوصا بلغاريا، لتجهيز أتباعها في اليمن. وقد شوهد السلاح البلغاري في أيديهم، وفي أيدي من تدعمهم في ليبيا أيضا.
الطائرات الدبلوماسية الأذاربايجانية نقلت السلاح
على هذا الصعيد، كشفت صحافية بلغارية تدعى "ديليانا غيتانزيف"، أن حوالي 350 رحلة دبلوماسية، في السنوات الثلاثة الأخيرة، تابعة لخطوط "راه أبريشم" الأذاربايجانية، نقلت سلاحًا بلغاريّا عقب صفقات بين بلغاريا والولايات المتحدة والسعودية والإمارات، إلى مناطق متعددة في الشرق الأسود وأفريقيا أيضا. وإن معدّل رحلة كلّ ثلاثة أيام، لا يمكن أن يحمل معنى سوى نقل حمولات من مكان لآخر.
الجدير ذكره أن الإعلامية البلغارية طردت من مكان عملها، صحيفة Trud البلغارية، بعد كشف هذه المعلومات، وقد تعرّضت للتحقيق والإستجواب، قالت خلاله أن مصدرا مجهولا أرسل لها تلك الوثائق.
الولايات المتحّدة تشتري السلاح البلغاري
الولايات المتحدة أيضا تستفيد من السلاح البلغاري لتسليح بعض قواتها المتواجدة في منطقة الشرق الأوسط، وقد وقّعت عقدا في العام 2015 بقيمة 500 مليون دولار، بغية دعم ما يسمونهم "الثوار السوريين". وفي حزيران من العام نفسه قتل الأمريكي التابع لوزارة الدفاع، "فرانسيس نورولو"، جراء انفجار حصل أثناء اختباره لقاذف B7 في بلغاريا. العقد كان مع شركة purple shovel llc الذي كان "نورولو" أحد موّظفيها أيضا، وقد شمل الإتفاق تدريب تلك المجموعات بالإضافة إلى تسليحها، إلا أن الملف أغلق بعد الوصول إلى طرق مسدودة بعد صرف مبالغ طائلة عليه.
بعد ما تقدّم، نرى أن الدول الغربية والإتحاد الأوروبي، ورغم علمهم بما يجري خلف الكواليس لا يهمسون ببنت شفة، فالمنافع السياسية والمالية التي يجنونها جرّاء ذلك تدفعهم للسكوت. ولا يسمع الرّأي العام سوى أخبار عن أسلحة مجهولة المصادر يتمّ ضبطها متوجّهة إلى مجموعات افريقية معارضة، ويزعمون أن إيران تقف خلف ذلك، في أخبار سرعان ما تنسى لعدم وجود أي دلائل على مزاعمهم، كأخبار ضحايا اليمن الجريح من الأطفال والنساء، حيث يسعى الإعلام المتواطئ إلى حذفها قيد الإمكان.