الوقت- بعد مرور ما يقرب من ثلاثة أعوام على العدوان السعودي المتواصل على اليمن، وفي أعقاب المطالبات المتكررة للمنظمات الحقوقية والإنسانية، اضطرت مفوضية حقوق الإنسان التابعة للامم المتحدة للموافقة مؤخراً على هذه المطالبات وقررت إرسال خبراء دوليين وإقليميين للتحقيق في الجرائم السعودية وتوثيق كافة الانتهاكات الحقوقية وتحديد المتورطين فيها.
وكانت المحاولات السابقة التي بذلتها المنظمات الحقوقية والإنسانية في هذا المجال طيلة السنوات الماضية قد ذهبت أدراج الرياح نتيجة صمت المجتمع الدولي إزاء الانتهاكات السعودية لحقوق الإنسان في اليمن.
وأدى العدوان السعودي على اليمن إلى مقتل وإصابة أعداد كبيرة من المدنيين لاسيّما في صفوف النساء والأطفال، وكذلك تدمير البنى التحتية ومن بينها المستشفيات وشبكات توزيع الماء والكهرباء ومستودعات الغذاء والدواء في مختلف أنحاء البلد.
واستخدمت السعودية الأسلحة المحرمة دولياً في عدوانها على اليمن ومن بينها القنابل العنقودية، وفرضت مع حلفائها حصاراً شاملاً على هذا البلد ما أسفر عن إصابة الكثير من اليمنيين بأمراض فتّاكة كالكوليرا، ونقص شديد في المواد الغذائية والطبية والصحية.
وأوضحت اللجنة الدولية للصليب الأحمر أن عدد حالات الإصابة بالكوليرا في اليمن بلغ 750 ألف، ويمكن أن نشهد مليون حالة بحلول نهاية العام، مشيرة إلى أن عدد الوفيات نتيجة هذا المرض وصل إلى 2119 حتى الآن.
والمثير للاستغراب أن الأمم المتحدة سمحت للسعودية بتولي رئاسة لجنة حقوق الإنسان التابعة للمنظمة الدولية على الرغم من الجرائم البشعة التي ترتكبها الرياض في اليمن.
وقد اعترف الأمين العام السابق للأمم المتحدة" بان كي مون" بأن السعودية هددت بقطع دعمها المادي للمنظمة الدولية في حال قامت الأخيرة بإدانة جرائم سلطات الرياض ضد الشعب اليمني.
وكانت منظمة الأمم المتحدة للطفولة الـ"يونيسيف" قد أكدت في وقت سابق أن عدد الأطفال الذين قتلوا أو أصيبوا في اليمن جراء العدوان السعودي قد ازداد بشكل مخيف. مشيرة كذلك إلى أن نحو 462 ألف طفل في اليمن يعانون من نقص حاد في التغذية بسبب انعدام الأمن الغذائي وانهيار شبكات إمداد الماء في العديد من المدن.
وأضافت "يونيسيف" في تقريرها أن عدد الأطفال المعرضين لخطر شديد في اليمن ارتفع بنسبة 200% العام الماضي مقارنة مع عام 2015.
وبحسب التقرير، لا يذهب نحو مليوني طفل إلى المدارس في اليمن بسبب المخاطر التي نجمت عن العدوان السعودي. وأكدت "يونيسيف" أنها أحصت 212 هجوماً على مدارس و95 هجوماً على مستشفيات خلال الفترة نفسها.
وتحمّل تقارير المنظمة تحالف العدوان السعودي مسؤولية القتلى المدنيين في اليمن جراء القصف العشوائي لطيرانها.
كما حمّل مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان "زيد بن رعد الحسين" التحالف السعودي المسؤولية عن مقتل المدنيين في اليمن.
وقال المسؤول الأممي إن المنظمة الدولية تحققت من مقتل 5144 مدنياً في اليمن نتيجة الهجمات الجوية للتحالف السعودي، مشيراً إلى أن الجهود الضئيلة التي بذلت في سبيل المحاسبة خلال العام الماضي غير كافية لمواجهة خطورة هذه الجرائم التي دمرت الاقتصاد اليمني ودفعت الملايين إلى حافة المجاعة.
وناشد مفوض الأمم المتحدة الأطراف المعنية بضرورة الوفاء بالتزاماتها بموجب القانون الإنساني الدولي لتجنب استهداف المدنيين في اليمن، محذراً من أن أي هجوم ضد الأهداف المدنية يشكل في الحقيقة انتهاكاً خطيراً للقانون الدولي.
ويعتقد المراقبون بأن السعودية عمدت إلى شراء ضمائر الكثير من المسؤولين الدوليين من أجل التغاضي عن جرائمها في اليمن.
وتجدر الإشارة إلى أن الدول الغربية التي تدّعي الدفاع عن حقوق الإنسان وفي مقدمتها أمريكا وبريطانيا قد عقدت صفقات ضخمة لبيع الأسلحة إلى السعودية وسمحت لها باستخدامها ضد الشعب اليمني.
وكانت هولندا قد تقدمت في وقت سابق بمشروع قرار لمجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة لإجراء تحقيق في الجرائم السعودية ضد اليمن. ويتضمن المشروع قيام "مجموعة دولية من الخبراء البارزين" بإجراء تحقيق في هذه الجرائم. وذكرت مصادر دبلوماسية غربية أن الهولنديين يتعرضون لضغوط كبيرة من قبل السعودية للتراجع عن هذا المشروع.
كما كشفت مصادر إعلامية أن الرياض هددت الدول التي تؤيد مشروع القرار الهولندي بأن التأييد سيكون له تأثير سلبي على العلاقات التجارية والدبلوماسية مع هذه الدول.
من جهتها أكدت منظمة "هيومن رايتس ووتش" المعنية بحقوق الإنسان ضرورة إجراء تحقيق دولي مستقل في الانتهاكات السعودية ضد اليمن باعتبارها تمثل جرائم حرب وخرقاً واضحاً للقوانين الدولية والحقوق الإنسانية.