الوقت- تستغل ألمانيا الطبيعة الخلابة التي يتميّز بها الجنوب الألماني لتقدم للعالم لوحات فنية طبيعية رائعة تجتذب السياح من كل أصقاع الأرض وفي كافة الفصول شتاءاً وصيفاً.
إذ يتميّز الجنوب الألماني بجبال عالية يكسوها الثلج على مدار السنة وكذلك طبيعة خلابة ومناطق مؤهلة من قبل الدولة جعلتها مهرباً للسيّاح من حر الصيف وكذلك لمحبي الرياضات الشتوية المتوفرة هناك طيلة أيام السنة.
وبادن فورتمبيرغ أحد مناطق الجنوب الألماني تضم سلسلة جبلية كبيرة ومشهورة هناك تسمى "سوابيان جورا" والتي تمتد على مساحة 220 كلم طولاً، من الجنوب الغربي وحتى الشمال الشرقي للبلاد وبعرض يبلغ متوسطه 60 كلم، وهي تقع بين نهر الدانوب الذي يوازيها من الجنوب ونهر نيكار من الشمال، وفي الجنوب الغربي تمتد لتصل إلى الغابة السوداء الشهيرة.
طبيعة يزيّنها كهوف وإكتشفات أثرية
وبعد الإكتشافات التي تمت فيها والتي ضمت منحوتات وكتابات بشرية تعود إلى العصر الجليدي أي ما يقارب الـ 40 ألف عام مضت، قامت اليونيسكو بضم هذه المنطقة الجبلية إلى قائمة التراث العالمي.
وكذلك شملت الإكتشافات كهوفاً بشرية تاريخية في منطقة وادي لون ووادي آتش، وهي المكان الذي وجد فيه عدد من المنحوتات ومنها مجسماً لأنثى قيل أنها تسمى "فينوس شيلكلينغن"، ومجسمات وتماثيل أخرى عديدة لحيوانات مثل أسود الكهوف والماموث والخيول والماشية.
ولم يقتصر الأمر على المجسمات لا بل وجد العديد من الرسومات القديمة وآلات موسيقية كانت تستعمل في تلك الحقبة ومعظمها مصنوع من عظام الطيور والحيوانات، كما وُجد بعض التماثيل التي يعتقد أنها لآلهة كانت تعبد في تلك الحقبة كإنسان نصفه حيوان، وبعض الفخاريات وأدوات الزينة وغيرها.
وهذه المنطقة تضم كذلك غابات كبيرة تكسو مرتفعاتها وتلالها ما جعلها منطقة ترفيهية تقصد بشكل مستمر الأمر الذي جعلها مرفقاً إقتصادياً بجانب أنها مقصد أثري تاريخي وثقافي.
ورغم أنها منطقة محميّة من قبل حكومة "بادن فوتمبيرغ" المحليّة إلاً أن بعض مناطقها استغلت للزراعة ولكن بمعظمها باتت مليئة بالحفريات، وبعض الآثار التي وجدت وضعت في المتحف الذي أنشأ في البلدة والذي يحمل إسم "أورويلت هوف"، ويوفر المتحف خدمة خاصة للزوار الذين يرغبون في الحفر بحثاً عن الحفريات لوضعها بالمتحف مع إشارة لمكتشفيها وهذه خدمة فريدة من نوعها توفر للشخص تجربة جديدة وتجعله مؤثراً في تاريخ هذه المنطقة.
ويضم المتحف العديد من الإكتشافات المثيرة منها أكبر مستعمرة كرينويد أو زنبق البحر المتحجر، ويصل حجم المستعمرة إلى 18 متراً × 6 أمتار، ويبلغ عمرها حوالي 180 مليون سنة.
وفي حال رغب الزائر برؤية المزيد يمكنه زيارة عدد من الكهوف التي تضم المنحوتات والرسوم التاريخية ومنها كهوف فوجيلهيرد، وهولنستين - ستادل، وجينكلوستيرل وهوهل فيلس وهي مجاورة لبعضها البعض ويمكن زيارتها خلال ساعات.
أما تاريخياً فكانت هذه المنطقة أحد أجزاء الإمبراطورية الرومانية، لا بل كانت تمثل درعاً واقياً لها على مستويات عدة أهمها العسكرية والإقتصادية، إذ يمرّ من خلالها تشعب عدة شبكات طرق خاصة بالتجارة بين بلدان تلك الحقبة، وكذلك إحتضنت عدداً من الحصون المنيعة ضد الغزوات وجسوراً مهمة، وكذلك صوامع ومخازن المؤن والحبوب. ومن أهم الطرق التجارية في تلك الحقبة كانت تمر بجنب نهر نيكار بمحاذاة الهضبات الجبلية، وحديثاً تم إكتشاف معلم روماني قديم في تلك المنطقة حوّل لمتحف، الأمر الذي جعلها هدفاً للحفريات المستمرة في سبيل إيجاد المزيد.
هذا والجدير بالذكر أن الطبيعة القاسية التي كانت تمتاز بها هذه المنطقة "سوابيان جورا" قديماً من تربة ضعيفة ونقص في مياه الشفا التي كان يجلبها سكان تلك المنطقة عبر رحلات طويلة بخيولهم جعل هذه المنطقة بعيدة شيئاً ما عن متناول الإنسان ما حفظ طبيعة هذه المنطقة والمعالم التي تتواجد فيها. كما نذكر أنه في حقبة قديمة عُمل على تخزين مياه الثلوج والأمطار إلا أن التقنيات آنذاك لم تكن متقدمة ما أدى إلى تعفن وركود هذه المياه وإمتلائها بالطحالب، ما أجبرهم على استخدام الكحول لتطهيرها.