الوقت- أعلنت ثلاث صحف أمريكية بعد أقل من ثلاثة أشهر على إعلان ولي العهد السعودي محمد بن سلمان نيته بشن حرب على إيران، بأن السعودية فضلت التراجع عن قرارها هذا وذلك من اجل الحد من التوترات بين البلدين.
أعربت كلا من صحيفة "بیزنس اینسایدر" وصحيفة "نشنال اینترست" وصحيفة "هافينغتون بوست" الأمريكية في تقارير متطابقة تناولت فيها الوضع الحالي في السعودية، بأن هنالك ثلاثة أدلة توحي برغبة هذه الأخيرة في تحسين علاقاتها مع إيران. ففي هذا السياق أكدت صحيفة "هافينغتون بوست"في تقرير نشرته حول مطالبة السعودية للعراق للتوسط لتحسين العلاقات مع إيران، بأن الأمراء السعوديين هم المسئولين عن جميع الأزمات السياسية التي تحدث في المنطقة، وأشارت أيضا بأن السعوديين أدركوا جيدا بأنه يجب عليهم التعاون مع إيران بدلا من الحرب معها لإنهاء الأزمات في كلا من اليمن وسوريا والعراق وقطر.
وفي السياق نفسه نظرت صحيفة "بیزنس اینسایدر" إلى هذا الأمر من الجانب الاقتصادي والأزمة التي تمر بها السعودية. ومن جهة أُخرى أكدت صحيفة "نشنال اینترست" على تكتيكات آل سعود الجديدة، والتي ترى فيها بأن استئناف العلاقات الإيرانية السعودية سوف تكون في مصلحة جميع الأطراف. السعودية تضرب برأسها في الصخرة! هذا هو موضوع التقارير التي نشرتها تلك الصحف الأمريكية الثلاث في وصفها إلى الحالة التي وصلت إليها السعودية.
السعودية تضرب برأسها في الصخرة!
من كان يعتقد يوماً أن دولة غنية مثل السعودية بغرورها الكاذب، يمكن أن تطلب من الحكومة العراقية للتوسط بينها وبين طهران؟ ولكن هذا بالضبط هو ما حدث في الأيام الأخيرة. وفي هذا الصدد، ذكر تلفزيون الغدير العراقي في تقرير له اكد بأن الأمير محمد بن سليمان، الذي كان قد دعا سابقا إلى الحرب مع إيران، حث رئيس الوزراء العراقي على التوسط لتحسين العلاقة بين الرياض وطهران.
ولكن لماذا حدث مثل هذا التغيير المفاجئ في النهج السعودي؟ إن الإجابة على هذا السؤال لا تعتمد فقط على الوضع السياسي المعقد في منطقة الشرق الأوسط، وإنما تعتمد أيضا على ضعف السلطة السياسية للحكام السعوديين في المنطقة. وفي هذا الصدد تذكر صحيفة "هافينغتون بوست" في تقرير لها بأن الطلب الذي تقدم به الجانب السعودي إلى العراق للتوسط من اجل تحسين العلاقات مع إيران يعكس النظرة الواقعية لملوك هذا البلد للحقائق السياسية في المنطقة. إن السعوديین يدركون جيدا بأنه من الأفضل توسيع العلاقات مع إيران بدلا من الدخول في حرب معها. في الواقع أن السعودية تريد التعاون مع إيران لإيجاد حل للأزمات في (اليمن وسوريا والعراق)، فضلا عن الاتفاق والتفاهم على أسعار النفط. ومن الأسباب الأخرى التي دفعت السعودية إلى استئناف علاقتها مع إيران، هو حاجة البلاد للقيام بتغييرات سياسية تُنهي الصراع في سوريا، وتضمن لها الخروج السهل من مستنقع اليمن، وإعادة التعامل مع قطر، وفي نهاية المطاف سوف يؤدي ذلك إلى استقرار أسعار النفط.
مسيران؛ "إيران" و "الأزمة الاقتصادية"
حتى الآن، كانت السياسة السعودية تتماشى مع تقديم المساعدات المالية للحكومات العربية والجماعات التكفيرية لمواجهة تأثير إيران في المنطقة. ولهذا فلقد اتسعت رُقعة الاضطرابات الاقتصادية في البلاد واصبح السعوديين يواجهون العديد من المشاكل المادية. ووفقا لتقرير نشرته صحيفة "بیزنس اینسایدر" الأمريكية، إن النظام السعودي لم يصل إلى النتائج التي كان يرجوها من خلال تمويله للجماعات المتطرفة. فلقد كان إنشاء تنظيم داعش الإرهابي واحداً من أسوأ عواقب تمويل مثل هذه الجماعات الجهادية المتطرفة من قبل السعوديين. وفي سياق متصل كشفت صحفية "بیزنس اینسایدر" في تقرير لها بأن انتشار رسائل البريد الإلكتروني بين السفير الأمريكي السابق لدى النظام الصهيوني وسفير دولة الإمارات لدى الولايات المتحدة، كشف عن وجود أزمة في الميزانية السعودية. ولقد جاء في هذا الرسائل، أن السفير الإماراتي كتب بأن الأمير محمد بن سلمان يريد بشدة إنهاء الحرب في اليمن. وذلك لأن الاستمرار في هذه الحرب كلف السعودية الكثير من الأموال. ووفقا لهذه الصحيفة أيضا، فإن الوضع الاقتصادي السيئ للسعودية، سوف يجبرها حتما إلى قبول مطالب إيران في المنطقة.
صحيفة "نشنال اینترست" مصالح الجميع في مُصالحتهم
ذكرت صحيفة "نشنال اینترست" الأميركية في تقرير لها بأن استئناف العلاقات بين إيران والسعودية سيكون في مصلحة جميع الأطراف. وأشارت إلى أن اقتصاد البلدين يعتمد على تجارة النفط. فمن شأن تخفيف التوترات في المنطقة، أن يحسن المناخ الاقتصادي الذي يحكم الأسواق ويزيد من سعر الذهب الأسود. ومن ناحية أخرى، سوف تتحسن الأوضاع النفسية والمعيشية للأقليات العرقية والدينية في كلا البلدين نظرا لتأثرها بشدة لسوء العلاقات بين البلدين. وبهذا كله فلقد توصل الأمير السعودي الذي كان في السابق معاديا لإيران، إلى أن هنالك الكثير من الآثار السلبية لسياساته المعادية لإيران.
الجدير بالذكر هنا بأن هذا الأمير السعودي يسعى هذه الأيام جاهداً لإنقاذ بلاده من هذه الأزمة التي خلقتها. هنالك طريقان يدوران في ذهنه وهما الانسحاب من الحرب اليمنية وتحسين العلاقات مع إيران. وفي إشارة إلى طلب رئيس الوزراء السعودي للوساطة العراقية لتحسين العلاقات مع إيران، صرحت هذه الصحيفة بأن مصالح السعوديين تعتمد الآن على استئناف العلاقات مع إيران.