الوقت- أعلنت الإمبراطورية المملوكة لرفيق الحريري، رئيس الوزراء اللبناني الراحل، والتي صارت خلال السنوات الأخيرة واحدة من كبرى شركات المقاولات في المملكة العربية السعودية، خروجها من السوق السعودية كاملا، بعد مسيرة عمل استمرت 39 عاما، بحسب تعميم الشركة الأخير لموظفيها.
بدأ التضييق على الشركة خلال العام الثاني من ولاية الملك سلمان، باعتماد ولي ولي العهد حينها محمد بن سلمان سياسة مالية واقتصادية قطع بها الكثير من مصادر التمويل عن الشركة، والتي كان يدفعها الملك عبد الله للشركة، وهي عبارة عن ملياري ريال كل شهرين.
وامتدّ التضييق ليشمل تجميد كافة مشاريع الشركة داخل المملكة، ووقف صرف مستحقات الشركة لدى السلطات السعودية، وعدم دفع أي راتب من الرواتب المتأخرة لدى الحكومة السعودية إلى حين إقفال الشركة نهائيًا وصرف جميع الموظفين الباقين على كفالة الشركة، وشطب شركة سعودي أوجيه من كشوفات شركات المقاولات في المملكة.
غياب الشفافية والحوكمة
أسباب عديدة وراء أزمات "سعودي أوجيه" أبرزها تراجع أسعار النفط، وتقليص المشاريع الحكومية وركود سوق العقارات، ولكن -طبقاً لخبراء ومختصين- أن السبب الرئيس وراء انهيار "سعودي أوجيه" يكمن في الفشل الإداري، وقالوا إنه أكبر المشكلات التي واجهت "سعودي أوجيه"، وتسبب في حالة الانهيار السريع، إضافة إلى غياب الشفافية والحوكمة منذ بداية الأزمة.
وفي تقرير بثته وكالة الأنباء الفرنسية، اتهم عمال وموظفون، بينهم فرنسيون، إدارة الشركة بسوء تسيير الأمور، وانشغالهم بالسياسة، الأمر الذي تسبب في أزمة عاصفة في شهر أغسطس 2016.
مواجهة تقلبات السوق
ولكن لم تستطع الشركة مواجهة تقلبات السوق، والتغييرات الكبيرة في المنطقة، والمنعطفات الاقتصادية، وتأثر ميزانيات الدول الخليجية من جراء الانخفاض الحاد في أسعار النفط، لذلك بدأت "سعودي أوجيه" في التعثر، واضطربت أحوال الشركة وأخذت الاحتجاجات العمالية تظهر، بسبب عدم الإلتزام بصرف الرواتب والمستحقات، وأكد مهندسون وموظفون في الشركة، في تقرير لوكالة الأنباء الفرنسية، أن الأزمة المالية الحادة بدأت قبل عامين لكن الأمور لم تخرج إلى العلن إلا العام الماضي بسبب تخوفات الموظفين من فقدان وظائفهم وطردهم، إلى أن بدأت الشركة تتعثر في دفع الرواتب، ووصلت الرواتب المتأخرة في العام الماضي 2016 إلى تسعة رواتب.
وذكر تقرير نشرته صحيفة الأخبار أن "البنك الأهلي السعودي اشترى 20% من أسهم الشركة مقابل 5 مليارات ريال سعودي"، بينما نقلت الصحيفة عن مصادر مقربة من الحريري أن مفاوضات جرت كي تملك الحكومة السعودية أو رجال أعمال من العائلة المالكة الشركة التي أسّسها رفيق الحريري قبل عدة عقود، وأن تتولى الجهة الشارية مسؤولية جميع الديون والالتزامات المالية المستحقة على الشركة.
يذكر أن الحريري فاوض لأجل أن يبقي على حصة له في الشركة، وهو تقدم بعرض أن يبقى مالكًا لنحو 40% من الشركة، مقابل تخليه عن قسم من أسهمه في المصرف العربي. لكن الفريق الآخر، الذي يديره ولي العهد محمد بن سلمان، يصرّ على تملُّك الشركة ككل، في حال كان المطلوب تسديد الديون.