الوقت- من أهم الآثار الجانبية لجولات تبادل الأسرى الست بين حماس والكيان الإسرائيلي، تقديم المقاومة الهدايا للأسرى الإسرائيليين لحظة الإفراج عنهم، الأمر الذي كان له أثر كبير في الحرب النفسية وإظهار النصر لهذه المجموعة، وبالإضافة إلى خلق رسائل سياسية ونفسية، فقد تم استخدام هذه الهدايا كأداة لإظهار القوة والتأثير على الرأي العام.
الهدايا في مراحل مختلفة من عملية تبادل الأسرى:
• ساعة رملية تحمل رسالة "الوقت ينفد":
عندما أطلقت حماس سراح ثلاثة أسرى إسرائيليين في جنوب قطاع غزة، قدمت لأحدهم ساعة رملية كهدية، وتشير الساعة بالعربية والعبرية والانجليزية إلى: "الوقت ينفد"، وتحت تمثال هذه الساعة كانت هناك صور لأسرى صهاينة آخرين ما زالوا محتجزين في غزة، إن هذه العملية، والتي تأتي في إطار الحرب النفسية التي تشنها حماس، أوصلت رسالة مهمة مفادها بأن الجيش الصهيوني لم يفشل فقط في تدمير المقاومة في غزة، ولكن مع هذا الانتصار بدأ العد التنازلي لنهاية الاحتلال والتدمير النهائي للكيان الصهيوني.
• هدية ذهبية لـ "ساغي ديكل هان":
هذا الأسير الصهيوني كان له ابنة، وأثناء أسره أعطته كتائب القسام قطعة من الذهب ليهديها لابنته، وقد تناولت وسائل إعلام مختلفة هذا الإجراء باعتباره إشارة إلى معاملة حماس المختلفة للأسرى، وهذا على الرغم من أن جثث الأسرى الفلسطينيين المفرج عنهم من السجون الإسرائيلية تحمل آثار التعذيب وسوء المعاملة، وأن الأسرى أنفسهم رووا قصصاً مختلفة عن سلوك الصهاينة المعذب أثناء أسرهم.
• هدايا تذكارية: باقات هدايا لـ "كيث سيجال"
وفي عمليات تبادل أسرى سابقة، قدمت حماس للأسرى الصهاينة المحررين هدايا مثل سلاسل المفاتيح والصور والإكسسوارات والأعلام الفلسطينية، وقد اعتبرت هذه الهدايا رمزا للمقاومة وتأكيدا على الرسالة السياسية للمجموعة، وحصل كيث سيجال، وهو أسير أمريكي إسرائيلي مزدوج، على هديتين من حماس قبل إطلاق سراحه، إحداهما لزوجته، وانعكس هذا الإجراء أيضا في وسائل الإعلام الدولية، ما يدل على محاولة حماس إحداث تأثيرات نفسية ودعائية ودحض الادعاءات الواردة حول سوء معاملة الأسرى أثناء الأسر.
عرض الأسلحة المضبوطة... انعكاسات استعراض قوة حماس في الإعلام الصهيوني
وبالإضافة إلى جوانب تقديم الهدايا، فإن الحضور العسكري القوي لقوات حماس في أيام تبادل الأسرى كان أيضاً سمة بارزة في الاحتفال في الجولات الست الماضية، وفي هذا الصدد، عرضت حماس في الجولة الأخيرة من الاشتباكات 10 أسلحة متنوعة كانت قد استولت عليها من القوات الإسرائيلية في معارك سابقة، وقد عكست وسائل الإعلام الصهيونية كل هذه الإجراءات باعتبارها استعراضاً للقوة وتأكيداً على الإنجازات العسكرية لحماس.
على سبيل المثال، كتبت صحيفة "معاريف" أن الدعاية التي قدمتها كتائب القسام وسرايا القدس خلال التحرير السادس وصفت بأنها "إصبع في عين إسرائيل"، واستعرضوا الأسلحة والمركبات التي استولوا عليها خلال القتال، وظهروا مرتدين الزي العسكري الإسرائيلي.
ويقول غادي عزرا مؤلف كتاب "11 يوما في غزة" في هذا الصدد: "إن هدف حماس من إقامة حفل تسليم الأسرى الإسرائيليين هو التأثير على المجتمع الدولي وشعب غزة والإسرائيليين"، واستهدفت حماس ثلاث مجموعات بعملية مخططة: أولاً، الرأي العام العالمي، وثانياً، شعب غزة، وثالثاً، الرأي العام الإسرائيلي.
وقالت المحللة الإعلامية في صحيفة معاريف ليلاخ سيغان إن مشاهد تسليم حماس للأسيرات توضح حجم الضغوط النفسية التي تمارسها الحركة على الإسرائيليين، وأكد أن هذه الصور تظهر مدى قوة حماس وتأثيرها على الرأي العام، وذكرت القناة 12 الإسرائيلية أيضا أن حماس، وفي إطار دعايتها الإعلامية، أعطت خاتما ذهبيا لأسير إسرائيلي أنجب طفلا أثناء أسره، ويعتبر هذا الإجراء جزءاً من مساعي حماس لممارسة التأثير النفسي والإعلامي.
وقد أثار هذا الأمر إعجاب رواد العالم الافتراضي بذكاء كتائب عز الدين القسام في كل تفصيل تقوم به منذ معركة طوفان الأقصى في السابع من أكتوبر/تشرين الأول من العام الماضي، وحتى إعلان وقف إطلاق النار. وقال مغردون تعليقا على مشهد الهدايا إن القسام لا تفوت أي لقطة لتثبت انتصارها على "إسرائيل"، وأضافوا إن المقاومة قدمت هدايا تذكارية للأسيرات الإسرائيليات الثلاث "بعد 400 يوم من الأسر وفوقها هدية، أسر وهدايا… حماس حركة ستُخلَّد في التاريخ".
وأشار مدونون إلى أن كتائب القسام بهذه اللفتة تبرهن على علو كعب مجاهديها الأخلاقي في الحرب والتزامهم بكل مواثيق الشرف في الحروب، أمام عدو هاجم الصغير والكبير وسرق المنازل وملابس النساء، وعلق مغردون بالقول إنه بفضل تلك الفكرة، استطاعت الحركة جذب جميع وسائل الإعلام العربية والغربية والعبرية إلى مشهد ابتسامة الأسيرات أثناء خروجهن من الأسر واستلامهن شهادات التخرج، ما أضفى جاذبية جديدة ومثيرة للفيديو، ليكون مثالا على التفكير خارج الصندوق.
ووصف آخرون المشهد بالأسطوري، مشيرين إلى أن وجوه الأسيرات تعبر عن مدى الاطمئنان الذي شعرن به. وأضافوا إن مشهد الأسيرات يُخبر العالم كيف يعامل الفلسطيني أسراه.
ولفت مدونون الانتباه إلى عدة أمور، منها الظهور اللحظي لكتائب القسام في وقت واحد في كل أنحاء قطاع غزة، وكذلك الكيان والتنظيم والإدارة والدقة في الظهور والتسليم والتبادل، إضافة إلى إصدار بطاقات الإفراج للأسيرات الثلاث بطريقة مهنية رسمية، وتوقيع ممثلي الصليب الأحمر الدولي على استلام الأسيرات الثلاث مع توقيع ممثل كتائب القسام على نموذج التسليم الرسمي بطريقة مهنية وإدارية راقية، وتعكس هذه الخطوة، حسب بعض المغردين، تطورا في الإستراتيجية الإعلامية للمقاومة الفلسطينية، مع التركيز على الجوانب الإنسانية والتنظيمية في التعامل مع قضية الأسرى.