الوقت- بالتزامن مع تسريع وتيرة الاستيطان في الأراضي الفلسطينية المحتلة منذ وصول ترامب إلى سدة الحكم في البيت الأبيض والتضييق المستمر على المواطنين الفلسطينيين، تظاهر آلاف الأشخاص من عرب الداخل (عرب 48) وعدد من نشطاء السلام وسط تل أبيب لمطالبة حكومة الاحتلال بوقف هدم منازل العرب بدعوى أنها مبنية من دون تراخيص بناء.
ورفع المشاركون في التظاهرات لافتات كتب عليها بالعربية والعبرية "يهودا وعربا معا"، و"نجابه الفاشية" و"نقاوم الاحتلال" و"مساواة" و"مكان للجميع"، معربين عن استنكارهم لسياسة حكومة الاحتلال العنصرية.
واتهم منظمو التظاهرة حكومة بنيامين نتنياهو اليمينية بشن حملة ضد منازل العرب المبنية من دون تراخيص، وذلك في محاولة منها لامتصاص غضب المستوطنين بعدما نفذت الشرطة حكما أصدرته المحكمة العليا وقضى بإخلاء بؤرة عمونا الاستيطانية القريبة من مدينة رام الله لأنها أقيمت على أملاك فلسطينية خاصة،حيث تقدم التظاهرة نواب من حزب ميريتس اليساري والقائمة المشتركة، كتلة النواب العرب في الكنيست الاسرائيلي.
وأكد عدد من المتظاهرين أن حكومة الاحتلال اليمينية المتطرفة تشن حملة ضد منازل العرب المقيمين داخل الخط الأخضر (عرب 48)، وتتذرع سلطات الاحتلال بأن أوامر هدم منازل العرب يتم اتخاذها وتنفيذها بسبب عدم امتلاك أصحاب تلك المنازل لتراخيص بناء، في حين يرفض كيان الاحتلال منح تراخيص بناء.
تمييز عنصري متواصل
ومع رفض كيان الاحتلال إعطاء تراخيص البناء للعرب لأسباب وغايات معروفة، وهي تهجير العرب والمسلمين من أراضيهم ودفعهم إلى الهجرة، تضطر عائلات فلسطينية كثيرة إلى مواجهة أوامر الهدم والغرامات المالية المرتفعة والدخول في إجراءات قضائية طويلة ومنهكة ومكلفة وصولا حد دخول السجون والمعتقلات على خلفية بناء منازلها دون تصريح من سلطات الاحتلال.
وبحسب الإحصائيات شبه رسمية، حصل الفلسطينيون خلال السنوات الأخيرة على 7% فقط من تراخيص البناء التي أصدرتها بلدية القدس المحتلة رغم أن الفلسطينيين يشكلون 40% من سكان القدس " الموحدة" حسب الإحصائيات الأخيرة، و جزء كبير من تراخيص البناء سابقة الذكر قد منحت لمنازل في ضاحية واحدة هي " بيت حانينا" فيما حصلت بقية مناطق القدس الشرقية المحتلة وضواحيها على 51 ترخيص بناء فقط لا غير خلال سبع سنوات.
كيان الاحتلال يواصل سياسة التضييق على العرب
وتعاني مدينة القدس من ازدواجية كبيرة بالتعاطي من قبل حكومة الاحتلال، التي تتعامل مع المدينة المحتلة بمبدأ "الكيل بمكيالين"، ففي ظل غياب مخططات هيكلية للأحياء العربية في القدس الشرقية اضطر الفلسطينيون الى بناء منازلهم دون ترخيص، بالمقابل تنفذ في القدس الغربية غالبية مشاريع البناء من أجل إقامة المستوطنات وفقا لاستثمارات حكومة الاحتلال وتقوم وزارة الإسكان بإعداد المخططات والخرائط وتخصص مبالغ كبيرة لاستثمارها في إقامة البنية التحتية وتطوير البيئة المحيطة ومن ثم تقدم المنح الماليّة فتقام المنازل والبيوت ويتم تسويقها من قبل مقاولين خاضعين للرقابة الحكومية.
وارتفعت حالة السخط ضمن المواطنين الفلسطينيين بالتزامن مع بدء حكومة الاحتلال الأسبوع الماضي بحث مشروع قانون حكومي لتعديل قانون التخطيط والبناء، يهدف إلى تشديد العقوبة على البناء بدون ترخيص. ويشمل مشروع القانون تشديد عقوبة السجن، من سنتين إلى ثلاث سنوات سجن، وتقليص صلاحيات المحاكم لصالح وحدة تفتيش بناء تابعة لوزارة المالية الإسرائيلية. ويتوقع أن تصادق اللجنة، التي يرأسها عضو الكنيست دافيد أمسالم، من حزب الليكود والمقرب من نتنياهو، على التعديل المتشدد المقترح، في حين لا تعاقب السلطات الإسرائيلية مخالفات البناء في السلطات المحلية اليهودية، رغم سهولة إصدار تراخيص بناء فيها، بينما تمارس هذه العقوبات ضد العرب فقط، رغم صعوبة إصدار تراخيص بناء.
كذلك ازداد منسوب التوتر والاحتجاجات بين عرب الـ48 وسلطات الاحتلال عقب مقتل اسرائيليين، قبل أيام، هما جندي وبدوي أثناء مداهمة نفذتها الشرطة في قرية أم الحيران البدوية في صحراء النقب (جنوب) لهدم عدد من المنازل.
ويعيش داخل كيان الاحتلال قرابة مليون ونصف عربي يتحدرون من 160 ألف فلسطيني لم يغادروا بعد قيام الكيان إسرائيل عام 1948. ويشكلون 20% من نسبة السكان في الكيان ويعانون من التمييز خصوصا في مجالي الوظائف والاسكان، بينما يعيش قرابة 3 مليون فلسطيني في قطاع غزة والضفة الغربية التي تعمد حكومة الاحتلال الى تقطيع أواصلها بالمستوطنات.
يذكر أن مجلس الأمن الدولي تبنى في نهاية عهد الرئيس الأمريكي باراك أوباما قرارا يطالب كيان الاحتلال بوقف الاستيطان فورا بتأييد 14 من الدول الأعضاء وامتناع واشنطن عن التصويت، ولكن ومع وصول تسلم دونالد ترامب منصبه بشكل رسمي قبل أسبوعين ارتفعت وتيرة الاستيطان بشكل غير مسبوق لتصل خلال أيام لقرابة 70 بالمئة مقارنة مع طيلة عام 2016 .