الوقت- تشير الاحصاءات والدراسات إلى تراجع السياحة على المستوى العالمي، قياساً للسنوات السابقة، وذلك جراء المخاوف الأمنية الناجمة عن الأعمال الارهابية التي طالت عدد من الدول خاصة في أوربا وتركيا. ووفقاً لمسح أجرته شركة (آي.بي.كيه) للاستشارات الدولية، فإن النمو في عدد الرحلات الدولية سينخفض إلى 3 بالمئة هذا العام مقابل 4.6 بالمئة في 2015. وكشف المسح الذي أجري على 50 ألف شخص موزعين على 42 بلداً أن 15 بالمئة اختاروا إما عدم السفر أو قضاء العطلة كل في بلده، وذلك نتيجة للمخاوف الأمنية.
ففي فرنسا، أعلن سكرتير فرنسا المكلف بشؤون التجارة الخارجية وتشجيع السياحة "ماتياس فيكل" انخفاض أعداد السياح الوافدين إلى فرنسا، على خلفية الاعتداءات التي شهدتها البلاد مؤخرا. وقال فيكيل، في مقابلة مع صحيفة "لو ديمانش" الفرنسية، الأحد 7 أغسطس/آب: "خلال الأشهر الستة الأولى من العام الجاري، شهد قطاع السياحة تراجعا ملحوظا في أعداد السياح الأجانب الوافدين إلى فرنسا بلغت نسبته حوالي 10% وذلك بسبب المخاوف التي أثارتها موجة الاعتداءات التي ضربت البلاد".
وأضاف فيكيل: "السياح الذين يأتون عادة من البلدان ذات القدرة الشرائية المرتفعة كالولايات المتحدة، ودول الخليج، وبعض دول آسيا، تراجعوا بسبب التهديدات الأمنية وانخفض عددهم في فرنسا مما شكل ضربة لقطاع الفنادق الفخمة".
ويشكل قطاع السياحة في فرنسا حوالي 7% من الاقتصاد، ويقصدها سنويا ما يقارب 80 مليون سائح، حيث تحتل فرنسا المرتبة الثالثة عالميا من حيث العائدات السياحية، بعد الولايات المتحدة وإسبانيا. كما وتعتبر باريس واحدة من أكثر المدن زيارة في العالم حيث قصدها العام الماضي 47 مليون سائح.
وتشير التقارير أن طوابير الانتظار الاعتيادية امام معالم العاصمة الفرنسية كمتحف اللوفر وبرج ايفل باتت اقل ازدحاما منذ هجمات 13 تشرين الثاني/نوفمبر التي اوقعت 130 قتيلا ومئات الجرحى. وشهدت الحجوزات في الفنادق تراجعا بنسبة 20 % بحسب فرنسوا نافارو المسؤول عن لجنة السياحة في المنطقة الباريسية. كذلك عمد سياح كثيرون خصوصا من اليابان والصين وروسيا الى الغاء رحلات كانت مقررة لهم الى فرنسا، حيث يعتبر السواح القادمين من هذه البلدان من ذوي القدرة الشرائية العالية.
وقالت صحيفة "وول ستريت جورنال" الأمريكية إن حجوزات الفنادق فى فرنسا فى موسم الصيف أقل من معدلها الطبيعى وذلك حتى قبل هجوم نيس يوم العيد الوطنى الفرنسى، بينما تراجعت حجوزات الطيران لنيس بعد هجوم 14 يوليو الماضى بنسبة 57%، كما تراجعت حجوزات الطيران فى فرنسا بشكل عام بنسبة 20%.
وتعرضت فرنسا، منذ أواخر العام الماضي، لموجة من العمليات الإرهابية أبرزها مقتل 132 شخصا في سلسلة هجمات متتالية، وقعت خلال نوفمبر/تشرين الثاني الماضي بمسرح "باتاكالان" وستاد "دو فرانس" الرياضي وأماكن أخرى، إضافة إلى حادث دهس 84 مواطنا بشاحنة في نيس، قبل فترة قصيرة من ذبح الكاهن المسن جاك هامل (84 عاما) على يد إرهابيين في كنيسة مدينة روان.
وتبنى تنظيم "داعش" الإرهابي في روسيا هذه الهجمات وأكد استمراره في تنفيذ عمليات مشابهة في جميع أنحاء أوروبا.
أما في بريطانيا فقد قالت صحيفة "الصن" إن حادث مقتل سيدة وإصابة آخرين فى الهجوم الإرهابي الأخير الذي استهدف وسط لندن خلال الأيام الماضية، قد ألقى بظلاله على قطاع السياحة فى القارة العجوز. وأشارت الصحيفة إلى أن هذه الهجمات أبعدت السياح رغم أن هذا التوقيت من العام يعد ذروة الموسم الصيفى، موضحة أن العديد من الفنادق وخطوط الطيران وشركات السياحة شكوا من تراجع نسبة الإشغالات بعد الهجمات التى شهدتها فرنسا وألمانيا وبلجيكا واسطنبول. حيث تراجعت نسبة اشغالات الفنادق فى لندن 2.7% بالمقارنة مع نفس الوقت العام الماضى.
أما في تركيا التي تعتبر الوجهة السياحية السادسة عالمياً فقد تراجع عدد السياح الأجانب في العام 2015، للمرة الأولى منذ سنوات، بسبب تدهور الوضع الأمني في البلاد ومغادرة الزوار الروس. وبلغ عدد الزوار الأجانب لتركيا 36,24 مليون شخص في العام 2015، مقارنة مع 36,83 مليونا في العام 2014، بتراجع نسبته 1,61 في المئة، وفق ما أفادت وزارة السياحة. فيما انخفض عدد السواح الروس الذين يقصدون المنتجعات الساحلية للمتوسط مثل أنطاليا (جنوب)، تراجعا كبيرا مع 3,65 ملايين روسي في العام 2015 مقارنة ب4,5 ملايين في 2014.
وقد تضررت السياحة التركية بسبب الازمة بين انقرة وموسكو والتي بدأت بعد اسقاط تركيا لمقاتلة روسية على الحدود السورية في 24 تشرين الثاني/نوفمبر. كما أن الصراع مع حزب العمال الكردستاني، والعمليات الارهابية التي نفذها تنظيم داعش في اسطنبول، تسبب في تدني عائدات الموسم السياحي التركي.
ويعتبر قطاع السياحة رافدا رئيسيا للاقتصاد التركي اذ حقق للبلاد عائدات قدرها 31,5 مليار دولار في عام 2015 بحسب احصاءات رسمية.
