الوقت- ما هي مصاديق الشجاعة والصدق التي وجدها باراك اوباما في شخصية الملك السعودي المتوفي حتى امتدحه وقرر تغيير برنامج زيارته للهند من اجل الذهاب الى السعودية وتقديم العزاء؟ ولماذا تولي واشنطن اهمية كبيرة للعلاقات مع السعودية؟ وما سبب وصف اوباما الملك السعودي بالقائد الصادق والصديق الأمين الذي اتخذ قرارات شجاعة في عملية السلام في الشرق الاوسط؟
كانت الولايات المتحدة قد انشأت حلفا استراتيجيا مع ايران ابان فترة حكم الشاه لكن مع فقدان حليفها بسبب الثورة الاسلامية في ايران مالت الولايات المتحدة نحو السعودية اكثر من قبل كما مالت السعودية نحو امريكا والغرب اكثر من الماضي بهدف التصدي للثورة الاسلامية، وقد تقاطعت المصالح السعودية مع المصالح الامريكية في فرض حصار سياسي على ايران ومن ثم دعم نظام صدام حسين في الحرب التي شنها على ايران طيلة ثمانية اعوام، وقد دعم النظام السعودي النظام العراقي السابق بشتى انواع الدعم المالي والتسليحي والسياسي كما ساهمت الرياض في جلب الاساطيل الاجنبية الى منطقة الخليج الفارسي تحت غطاء التصدي للقوات البحرية الايرنية وامن خطوط الملاحة البحرية وخطوط نقل النفط البحرية.
وقدمت الرياض اكبر خدمة للغرب في مواجهته مع ايران حتى وصل الأمر الى قتل الحجاج الايرانيين بالمئات اثناء مظاهرات البرائة من المشركين والتي كان يتخللها رفع شعارات مثل الموت لامريكا والموت لاسرائيل.
وعندما اجتاح العراق الكويت هيأت السعودية الارضية لحشد القوات والجيوش الاجنبية الى المنطقة لضرب العراق واحتلاله وهكذا قدمت خدمة كبيرة لادارة جورج بوش الأب واستمرت في تقديم الخدمات لادارة جورج بوش الابن كما اقدمت السعودية الى ادخال الارهابيين الى العراق لضرب الحكومة العراقية الجديدة التي يسيطر عليها الشيعة في العراق والتي جاءت الى الحكم بانتخابات لم يرض الامريكيون بنتائجها لكنهم اجبروا على القبول بها، وقد عانى الشعب العراقي ما عاناه من الارهابيين والتكفيريين ولايزال.
اما الشجاعة التي يقول الرئيس الامريكي جورج بوش بان الملك السعودي كان يتحلى بها في عملية السلام كانت الشجاعة على التحالف الاستراتيجي مع مصر حسني مبارك والملك الاردني للضغط على الفلسطينيين ودعم الاتفاقيات الاستسلامية التي وقعت عليها السلطة الفلسطينية ولم تكن هناك شجاعة في دعم الشعب الفلسطيني وفصائل المقاومة الفلسطينية في الحروب التي شنتها اسرائيل على الفلسطينيين مستخدمة احدث اسلحة امريكية فتاكة بل تعدى الأمر الى ان يعلن مسؤولون اسرائيليون ان السعودية كانت تطلب منهم عدم الهدنة حتى القضاء نهائيا على حركة حماس وحركات المقاومة الفلسطينية ولم ير أو يسمع اي نفي من المسؤولين السعوديين حيال هذه التصريحات الاسرائيلية.
ان الشجاعة السعودية وشجاعة الملك السعودي قد توضحت ايضا اثناء حرب تموز التي شنتها اسرائيل على لبنان حينما قالت اسرائيل ان دولا عربية طلبت منها عدم ايقاف الحرب حتى انهاء المقاومة الاسلامية في لبنان وذلك في اشارة واضحة الى السعودية والى دول خليجية أخرى ومصر حسني مبارك وغيرهم من "الشجعان" كما يحب الرئيس الامريكي باراك اوباما تسميتهم بذلك.
ان الشجاعة السعودية هي التي اوصلت لبنان الى حافة اشتعال حرب اهلية طوال السنوات الماضية ولولا حكمة المقاومة وقيادتها في لبنان وحكمة قيادات لبنانية أخرى لما كانت الامر يصل الى اجراء حوار داخلي في هذا البلد المهدد كل حين بالحرب من قبل اسرائيل.
اما الصدق الذي يصف به اوباما الملك السعودي الراحل فيتجلى في الدور السعودي خلال 4 سنوات من الحرب في سوريا بين حكومة الرئيس بشار الاسد والجماعات الارهابية والتكفيرية، فعندما نرى بأن السعودية تدعو الى دعم ما يسمى بالمعارضة في سوريا وتدعمهم بالاموال والسلاح وكل شيء ترسل الرياض قواتها لقمع وقتل المعارضيين السلميين في البحرين والذين يعارضون نظاما شجاعا وصادقا آخر من الأنظمة الشجاعة والصادقة الحليفة مع امريكا في المنطقة.
ان الشجاعة والصدق السعوديان هما اللذان وأدا ثورة الشعب اليمني السلمي قبل 4 سنوات ولم يسمحا للشعب اليمني الذي يعاني من التدخلات السعودية في كل شؤونه للتخلص من نظام دكتاتوري.
ان ما ذكرناه من الشجاعات والصدق اضافة الى خفض اسعار النفط لدعم الاقتصاد الامريكي وضرب اقتصاديات الدول المعادية لامريكا يفسر لنا جيدا لماذا يشيد اوباما وباقي زعامات الدول الغربية كثيرا بالملك السعودي الراحل ولماذا يتم تغيير برامج الزيارات للحضور الى السعودية وتقديم العزاء ونسيان شعارات الحرية والديمقراطية وحقوق الانسان.
