الوقت- 10 حزيران 2014 تاريخ سيبقى محفورا في ذاكرة أغلب العراقيين ولا سيما سكان محافظتي صلاح الدين والموصول ..هذا التاريخ الذي يشكل نكبة عراقية لاتقل اهمية عن النكبة الفلسطينية في 15 ايار 1948 وان الجلاد واختلفت معه الضحية ...فأدوات الاجرام هي ذاته والتكنيل والتهجير والتطهير ذاته لم يتغير ..فممارسات الارهاب في العراق تهدد كل شيء فيه.
ستة اشهر مرت على سيطرة تنظيم داعش الارهابي على مدينة الموصل مركز محافظة نينوى وعلى أجزاء من محافظة صلاح الدين سته شهور كانت بمثابة ستة سنين على سكان المدينتين حيث يعاني قرابة ثلاثة ملايين مواطن داخل المحافظتين من تدهور الاوضاع في نواحي الحياة كافة، فمدينة الموصل وأغلب مدينة صلاح الدين تشهد انعدام مقومات الحياة الأساسية وشح الخدمات الضرورية لديمومة الحياة فضلا عن الاضطهاد والاجرام و القتل والاختطاف والظلم وجميع انواع الممارسات البشعة التي يمارسها التنظيم الارهابي بحق المدنيين الامنين والاستيلاء على ممتلكاتهم عنوة وبذرائع مختلفة.
وبحسب احصائيات للأمم المتحدة في الشهر المنصرم فان عدد النازحين العراقيين قد وصل الى مليوني لاجئ موزعين على 2000 موقع وذكر بيان للأمم المتحدة أيضا انه:”ومنذ أوائل سبتمبر أيلول من هذا العام، نزح أكثر من 200 ألف شخص نتيجة استمرار انعدام الأمن، معظمهم في محافظات كركوك والأنبار وصلاح الدين وديالى ونينوى”.
ممارسات داعش بحق اهالي المحافظتين
هددت الجماعات الارهابية المسيطرة على الموصل واجزاء من صلاح الدين أكثر من مرة،وفي محاولة لاحداث تغيير ديموغرافي في المدينة وافراغها من سُكانها الاصليين، جميع المخالفين لها عقائديا بالقتل او الانضواء تحت صفوفها. أضافة الى تهديد تنظيم داعش الارهابي الناس الابرياء العزل من ابناء الديانة المسيحية بدفع "الجزية" او "اعتناق الاسلام" او "الخروج من المدينة، في عملية تطهير مذهبية وإبادة جماعية علنية حيث تشير الاحصاءات إلى أن المسيحيين كانوا أكثر من مليون و400 ألف وتضاءل عددهم إلى 300 ألف بعد 2003 ليتضاءل اكثر بعد تهديدهم من قبل المتطرفين من عصابات داعش المجرمة.
ممارسات داعش ضد الانسانية لاتعد ولا تحصى، کان آخرها عرضه نساء الطوائف للبيع في أسواق نينوى كسبايا حيث وصل عدد النساء المختطفات في مدينة الموصل وحدها الى أكثر من 1000 امرأة. هذا العمل المشين الذي يدمى له جبين البشرية يعتبر من اکثر الاعمال اللااخلاقية في العالم الحديث ويفند ادعاءات التنظيم الارهابي الذي يصف نفسه بالاسلامي وكلنا يعرف بأن الاسلام وعلى اختلاف مذاهبه يجرم هذه الاعمال القذرة.
ممارسات التنظيم لم تتوقف عند هذا الحد فبعد مافشل تنظيم داعش في اقناع العشائر العراقية الوطنية بالانضمام الی صفوفه و أمعانا منه باذلال اهالي المناطق التي يسيطر عليها قام التنظيم مؤخرا بفرض قانون على سكان الموصل يمنعهم من مغادرة المدينة إلا بأمر من "المحكمة الشرعية"،مما ادى الى تكدس الناس الراغبين بالهروب من هذا الجحيم امام محاكم داعش في طوابير انتظارا لأخذهم الموافقة على السفر إلى خارج المدينة.
کل هذه الممارسات ولد حالت نقمة عامة في المحافظتين السابقتين حيث ، قال المتحدث باسم وزارة الداخلية العراقية العميد سعد معن ، إن التقارير الأمنية تشير إلى تزايد تعاون المواطنين في الموصل مع قوات الأمن إلى ثلاث أضعاف بعد أن اكتشفوا حقيقة داعش وممارساته موضحا ان صرفات داعش ستنقلب عليه.
وأكد الشيخ رافع الهاشمي أحد رجال الدين في الموصل أن دخول داعش إلى الموصل أمر بالغ السوء، لكنه جعل الناس يدركون عن قرب زيف التنظيم وفراغ شعاراته..بالاضافة الي ما قاله نائب رئيس مجلس عشائر الموصل، إبراهيم الحسن، الذي اشار الى قيام اهل الموصل اکثر من مرة بالوقوف في وجه مماراسات التنظيم الارهابي و هناك حراك وغليان في الشارع الموصلي سيسفر عن أمور تغير إلى حد بعيد المشهد الحالي في الموصل
الى ذلك وبعد الهزائم الفادحة التي منيّ بها تنظيم داعش خلال الفترة السابقة علی يد قوات الجيش العراقي وقوات الحشد الشعبي وابناء العشائر العراقية ازدادت الخلافات بين قيادات التنظيم فنشأت حالات التخوين والاتهام المتبادل بالتخاذل. التهم بدأت تطفو بشكل واضح على السطح فسببت حالة من الاقتتال الداخلي ضمن بيوت التنظيم نفسه والتي رأينا بعضها مؤخرا حيث قامت داعش مؤخرا باعدام واليها في الموصل المدعو "معمر توحله" بعد عزله واتهامه بالخيانة العظمی وعدم مراعاته المناهج المرسومة من قبل "أبوبکر البغدادي " زعیم هذا التنظيم الارهابي والذي بدوره شارف شخصيا على حكم الاعدام .
جرائم داعش ضد دور العبادة و الحضارة العراقية:
جرائم داعش لم تتوقف على البشر ولم يسلم منها حتى الحجر فقد اقدم التنظيم وفي المناطق الخاضعة لسيطرته ايضا الى تدمير دور العبادة من جوامع وحسينيات وعدد من الكنائس والأديرة التي يعود تاريخ إنشائها لعدة قرون مضت ولعل ابرزها جوامع النبي يونس والنبي شيت والنبي جرجيس عليهم السلام بالاضافة الى الكنيسة وسط مدينة تكريت في محافظة صلاح الدين. اضافة الى تدمير المعالم الاثارية والمعمارية و سعيه الدؤوب الى تشويه الثقافة والتراث العراقيين فقد عمد ايضا الى ازالة اشهر التمثايل في مدينه الموصل بحجة أنها اوثان.
نبش القبور ايضا احدى ممارسات التنظيم الارهابي فقد قام مسلحو التنظيم بالاضافة لنبش قبر النبي يونس (عليه السلام ) بهدم ونبش قبر بعض العلماء والمؤرخين التي تقع في شمال العراق ومنهم المؤرخ الموصلي عز الدين أبي الحسن الجزري المعروف بـ "ابن الأثير الجزري" والذي يعود تاريخه الى ماقبل 900 عام بالاضافة الى قبر "البنت" الكائن في باب سنجار الذي يعود تاريخه لأكثر من 200 سنة، وكان مزارًا للسائحين وللموصليين.
مما لاشك فيه أن تنظيم داعش الدموي يمارس العنف في المحيط أو البيئة التي يستقر فيها وهو يعمل على تطهير بلاد الرافدين عرقيا وطائفيا وثقافيا مما أدى لحالة غضب في المناطق التي يسيطر عليها . فقد ضاق اهالي الموصل وصلاح الدين ذرعا به وباجرامه الذي يتخذ من لبوس الدين ذريعة لتحقيق مأربه ومأرب قادته الوضيعة فهذا التنظيم الذي يعد عدو الانسانية والحضارة مصيره مهما طال به الزمن الى زوال شأنه شأن الحملات المغولية التي مرت على الامة الاسلامية.
