الوقت- يحلل تقرير "ميدل إيست آي" الظاهرة التاريخية والسياسية لـ"تطبيع" العلاقات العربية مع "إسرائيل"، ويجادل كاتب التقرير بأن هذه العملية، التي امتدت من اتفاقيات أوسلو عام 1993 إلى "اتفاقيات أبراهام" عام 2020، كانت استراتيجية أمريكية إسرائيلية لـ"محاصرة الفلسطينيين" وحرمانهم من الدعم الخارجي، ووفقًا له، يُظهر تاريخ الخمسين عامًا الماضية أن التطبيع لم يُفضِ إلى استقرار إقليمي أو تحقيق للحقوق الفلسطينية فحسب، بل ترافق أيضًا مع "توسيع المستوطنات" و"احتلال المزيد من الأراضي" وحتى "الإبادة الجماعية"، ويحذر الكاتب، مستشهدًا بمصر والأردن، من أن هذه العملية لم تحمِ الدول المُطَبِّعة من "العداء الإسرائيلي".
ملخص استراتيجي
تتمثل إحدى السياسات الأمريكية الرئيسية في العالم العربي في "تطبيع" العلاقات مع "إسرائيل" لمحاصرة الفلسطينيين وحرمانهم من الدعم الخارجي، في السابق، حوّلت اتفاقيات أوسلو لعام 1993 منظمة التحرير الفلسطينية من حركة تحرير إلى أداة في يد الاحتلال الإسرائيلي لتطويق الفلسطينيين داخل الأراضي المحتلة، صُممت هذه الاستراتيجية لخنق النضال الفلسطيني.
منذ اتفاقيات أبراهام (2020)، امتدت جهود التطبيع لتشمل دولًا إسلامية غير عربية، على الرغم من توقف العديد من المبادرات العربية عقب الإبادة الجماعية في غزة، يزعم مؤيدو التطبيع في العالم العربي أن هذه العلاقات ستمنح الفلسطينيين حقوقهم وتُحقق الاستقرار في المنطقة.
لكن سجل الخمسين عامًا يُظهر أن النتيجة كانت كوارث وحروبًا وتوسعًا استيطانيًا ومقاومة وإبادة جماعية.
كان الفلسطينيون أنفسهم من أوائل من لجؤوا إلى التطبيع، فبين عامي 1973 و1977، التقت منظمة التحرير الفلسطينية مع صهاينة إسرائيليين يساريين وقدمت مقترحات سرية للتفاوض، رفضها رئيس الوزراء الإسرائيلي، ثم، بدعم أمريكي، سافر أنور السادات مباشرةً إلى "إسرائيل" عام ١٩٧٧ وألقى خطابًا أمام الكنيست في القدس المحتلة، وقد تم ذلك دون استشارة أي من القادة العرب أو الفلسطينيين، ما عزز استراتيجية "إسرائيل" في خلق "اتفاقيات منفصلة" وزرع الفرقة.
طرد السادات ممثلي منظمة التحرير الفلسطينية من القاهرة وحلّ جامعة الدول العربية المصرية
أدى استبعاد مصر من المعادلة العسكرية مع "إسرائيل" إلى تغيير سريع في التوازن الاستراتيجي، كما قدمت محادثات كامب ديفيد خطة حكم ذاتي متواضعة للفلسطينيين، تتماشى مع أقصى التنازلات التي قدمها القادة الصهاينة في ثلاثينيات القرن العشرين، ولم يتطرق المقترح حتى إلى قيام دولة فلسطينية أو حقوق اللاجئين.
بعد التطبيع، ضمت "إسرائيل" القدس الشرقية عام ١٩٨٠ وهضبة الجولان عام ١٩٨١، وشنّت غزوًا واسع النطاق على لبنان عام ١٩٨٢، كما حوّل التطبيع مع منظمة التحرير الفلسطينية (١٩٩٣) والأردن (١٩٩٤) الفلسطينيين إلى قوة متعاقدة قمعية لـ"إسرائيل"، ووسع العلاقات الأردنية معها، ردّت "إسرائيل" على اتفاقيات أبراهام لعام ٢٠٢٠ بممارسة العنف ضد الفلسطينيين دون رادع، ومواصلة الإبادة الجماعية.
وخلافًا للدعاية، لم يُفضِ التطبيع إلى الاستقرار أو إعمال الحقوق، بل ترافق مع عدوان إسرائيلي، وتوسع استيطاني، وإبادة جماعية، حتى الدول التي طبعت العلاقات مع الفلسطينيين، مثل مصر والأردن، ليست بمنأى عن التهديد الإسرائيلي، ومع ذلك، لا يزال دعاة التطبيع يتوهمون الاستقرار من خلال توسيع نطاق هذه العملية.
