الوقت- لطالما تفاخرت أمريكا بأنها الدولة الأكثر تقدماً تكنولوجياً في العالم، وزعمت أنها رائدة في الابتكار وأن الدول الأخرى تحذو حذوها. لكن هذا الشعار والادعاء الأمريكي لا ينطبق، على الأقل في مجال الطائرات بدون طيار، لأنه وفقاً لتقرير نشرته مجلة "ناشونال إنترست" الأمريكية، صممت الولايات المتحدة طائرتها القتالية بدون طيار الجديدة استناداً إلى تكنولوجيا طائرة شاهد الإيرانية، وهو توجه يُشير إلى تغيير في معادلة قوة الطائرات بدون طيار في العالم.
وأفادت المجلة الأمريكية بأن الولايات المتحدة تُطور طائرة قتالية بدون طيار جديدة مصممة مباشرة استناداً إلى تكنولوجيا طائرة شاهد الإيرانية، واصفةً هذا التوجه بأنه "انقلاب جذري" في أنماط التكنولوجيا العسكرية العالمية. يذكر التقرير أن سلاح مشاة البحرية الأمريكية يعمل على تطوير نظام يُسمى "الطائرة القتالية منخفضة التكلفة" أو "لوكاس"، وأن هذه الطائرة تُوصف بأنها نسخة مطابقة تقريبًا لطائرات "شاهد" الإيرانية.
ويؤكد المقال أن الولايات المتحدة لطالما قدمت نفسها كقائدة عالمية في مجال التكنولوجيا العسكرية، واعتبرت الآخرين مجرد "مقلدين". لكن الوضع تغير فيما يتعلق بالطائرات المسيّرة. ويشير التقرير إلى أن دولًا مثل الصين وروسيا وتركيا وأوكرانيا استثمرت بكثافة في تطوير الطائرات المسيّرة، بينما شهدت الولايات المتحدة تراجعًا في هذا المجال. وتؤكد مجلة "ناشونال إنترست" أن إيران، وخاصةً مع طائرات "شاهد"، أصبحت القوة الأكثر نفوذًا في العالم في مجال الطائرات المسيّرة، وأن هذه الطائرات لعبت دورًا بارزًا في النزاعات الأخيرة. ووفقًا للمجلة نفسها، تُستخدم طائرات "شاهد" المسيّرة - وخاصةً طراز "شاهد 136" - على نطاق واسع في جميع أنحاء العالم.
وتكتب وسائل الإعلام الأمريكية أن الولايات المتحدة حصلت على طائرة "شاهد" المسيّرة، وقامت، من خلال تحليل تقنيتها، ببناء نسخة أمريكية من "لوكاس". يزعم التقرير أيضًا أن إيران تمكنت في عام 2011 من وضع أسس برنامجها للطائرات المسيّرة من خلال الهندسة العكسية للطائرة الأمريكية RQ-170، وقد مكّنت هذه التقنية من بناء النماذج الأولية لطائرة شاهد، ثم أنتجت إيران أنظمة أكثر تطورًا تُوصف الآن بأنها تتجاوز القدرة الإنتاجية للولايات المتحدة.
مخاوف بشأن النسخ من إيران
يشير المقال أيضًا إلى التكلفة المنخفضة لهذه الطائرة المسيّرة - حوالي 35 ألف دولار - ويذكر أن وزارة الدفاع الأمريكية تخطط لإنتاجها بكميات كبيرة من قبل عدة شركات مصنعة، على غرار الطريقة التي بُنيت بها سفن الحرية خلال الحرب العالمية الثانية. وتختتم مجلة "ناشونال إنترست" بتحذير من أن الولايات المتحدة "تنسخ" الآن التكنولوجيا العسكرية الإيرانية، ويجب التعامل مع هذه المسألة بجدية.
ويؤكد المنشور أن قدرات إيران في مجال الطائرات المسيّرة ليست "متخلفة" كما تصورها واشنطن، مما يثير التساؤل حول الأنظمة المتقدمة الأخرى التي تمتلكها إيران والتي قد تشكل تهديدًا حقيقيًا للقوات الأمريكية وحلفائها في المستقبل.
طائرة أمريكية بدون طيار تعتمد على تكنولوجيا إيرانية
يُقال إن طائرة شاهد 136 بدون طيار هي ذخيرة هجومية متنقلة أحادية المسار. تستخدم الطائرة محركًا مكبسيًا بمروحة خلفية، مما يُصدر صوتًا مميزًا عاليًا، يُوصف غالبًا بأنه "بنزين" أو "جزازة عشب".
النسخة الأمريكية من الطائرة تُصنّعها شركة سبيكتر وركس وتُعرف باسم FLM 136. ووفقًا للشركة، أُعيد تصميم الطائرة ومحاكاتها من نسخة من طائرة شاهد تم الحصول عليها إما من الشرق الأوسط (غرب آسيا) أو من أوكرانيا. هذه الطائرة قادرة على الطيران لمدة ست ساعات، باستخدام محرك احتراق داخلي يعمل بنظام الكربوراتير سعة 215 سم مكعب.
ويُقدّر سعر كل طائرة من طراز شاهد ما بين 20,000 و50,000 دولار أمريكي. طُوّرت النسخة الأمريكية من هذه الطائرة ضمن برنامج لوكاس (نظام الهجوم القتالي غير المأهول منخفض التكلفة). يبلغ طول طائرة لوكاس، اختصارًا لنظام الهجوم القتالي غير المأهول منخفض التكلفة، حوالي 3 أمتار، ويبلغ طول جناحيها 2.4 متر، وقد طوّرتها شركة سبيكتر ووركس الأمريكية بالتعاون مع الجيش الأمريكي.
ومن المرجح أن سعر طائرة لوكاس البالغ 35,000 دولار أمريكي لا يشمل صاروخ الإطلاق أو تكاليف البحث والتطوير الأولية لتصنيعها. يستخدم الطراز الأمريكي أيضًا نظام تحديد المواقع العالمي (GPS)، مثل طائرتي شاهد وغرين. من المعروف أن الروس أدخلوا تعديلات جوهرية على نظام تحديد المواقع العالمي في طرازاتهم، بما في ذلك استخدام هوائيات متطورة لإزالة التشويش وإضافة قدرات الذكاء الاصطناعي إلى طراز غرين 2. كما أن أحدث النسخ الروسية مُحسّنة للعمليات الجماعية.
نسخة أمريكية رديئة الجودة
صرح مسؤول أمريكي بشأن استخدام تكنولوجيا طائرة شاهد الإيرانية بدون طيار: "حصل الجيش الأمريكي على طائرة شاهد إيرانية. قمنا بمراجعتها وهندستها عكسيًا، ونعمل الآن مع عدة شركات أمريكية. طائرة لوكاس هي نتاج هذا الجهد، وتتبع تصميمًا مشابهًا جدًا لتصميم شاهد". ووفقًا لمعلومات من شركة سبيكتر ووركس، يبلغ مدى هذا الطراز حوالي 714 كيلومترًا، وحمولته 18 كيلوغرامًا، وسرعته 74 عقدة (حوالي 137 كيلومترًا في الساعة).
اللافت للنظر أنه على الرغم من قيام الجيش الأمريكي بنسخ نموذج الطائرة الإيرانية بدون طيار، إلا أن الطائرة الإيرانية لا تزال تتفوق عليها في الأداء، فبحسب مصادر عسكرية، تبلغ السرعة القصوى لطائرة شاهد 136 المزودة بمحرك صغير بقوة 50 حصانًا حوالي 185 كيلومترًا في الساعة، ومدى يصل إلى 2000 كيلومتر تقريبًا، ويمكنها حمل رأس حربي يزن 40 كيلوغرامًا.
نسخة طبق الأصل
بالطبع، طائرة لوكاس ليست أول نسخة أمريكية من طائرة شاهد الإيرانية بدون طيار. قبل نحو ستة أشهر، كشفت شركة أمريكية متخصصة في صناعة الطيران عن طائرة مسيّرة جديدة، يُعتقد أنها مُقلّدة من طائرة إيرانية متطورة. ووفقًا لتقرير نشرته مجلة "إنتريستينغ إنجينيرينغ"، كشفت شركة "غريفون إيروسبيس" الأمريكية عن طائرة مسيّرة تُشبه في شكلها ووظائفها طائرة "شهيد" الإيرانية، مما أثار تكهنات بأن الولايات المتحدة تنسخ هذه التقنية.
وصُممت الطائرة المسيّرة، التي تحمل اسم "إم كيو إم-172 آروهيد"، لتكون هدفًا طائرًا للتدريب العسكري، كما أنها قابلة للتحويل إلى طائرة انتحارية؛ وهو الدور نفسه الذي تؤديه طائرات الإيرانية في ساحات المعارك منذ سنوات.
ومن المثير للاهتمام أن الشركة المصنّعة تُركّز في إعلاناتها على "الطابع المزدوج" لهذه الطائرة، وهي ميزة واضحة في تصميم وتشغيل الطائرات الإيرانية. تستطيع "آروهيد" حمل 45 كيلوغرامًا من البضائع، ويمكن تجهيزها، بحسب المهمة، بمعدات استطلاع أو رؤوس حربية متفجرة. يأتي هذا على الرغم من امتلاك إيران لهذه التقنيات منذ سنوات، بل واستخدامها لها في ساحات المعارك الحقيقية.
