الوقت- الدروز، الذين يُطلقون على أنفسهم اسم "الموحدين"، هم جماعة دينية عربية باطنية من غرب آسيا، يعتنقون الديانة الدرزية. هذه الديانة دين انتقائي، تُؤكد مبادئه الرئيسية على توحيد الله، والتناسخ، وخلود الروح.
على الرغم من أن الديانة الدرزية نشأت من الإسماعيلية، إلا أن الدروز لا يعتبرون أنفسهم مسلمين. فهم يعتبرون اللغة والثقافة العربية جزءًا لا يتجزأ من هويتهم، والعربية هي لغتهم الأم. معظم تعاليمهم الدينية سرية، ولا يُسمح بقبول الأجانب في هذه الديانة. الزواج مع أتباع الديانات المختلفة نادر وممنوع منعًا باتًا.
هناك فرق في الدروز بين الروحانيين، المعروفين بـ"العقل"، الذين يحفظون أسرار الدين، والعاديين، المعروفين بـ"الجهال"، الذين يهتمون بشؤون الدنيا. يؤمن الدروز بأنه بعد إتمام دورة التناسخ، تتحد الروح مع العقل الكوني.
تُعدّ الديانة الدرزية إحدى الطوائف الدينية الرئيسية في منطقة بلاد الشام، ويتراوح عدد أتباعها بين 800 ألف ومليون نسمة. يعيشون بشكل رئيسي في لبنان وسوريا والأراضي المحتلة، مع وجود مجتمعات أصغر في الأردن. يُشكّل الدروز 5.5% من سكان لبنان، و3% في سوريا، و1.6% في الكيان الصهيوني. تقع أقدم الطوائف الدرزية وأكثرها اكتظاظًا في جبل لبنان وجنوب سوريا، حول جبل الدروز.
علاقات الدروز مع الكيان الصهيوني
تربط الدروز بالكيان الصهيوني علاقة معقدة ومتعددة الأوجه، تتشكل بفعل عوامل تاريخية وسياسية واجتماعية. في الأراضي المحتلة، يُعترف بالدروز كأقلية، وتربطهم علاقات خاصة بالحكومة الإسرائيلية. من أبرز ملامح علاقة الدروز بالكيان الصهيوني:
الخدمة في الجيش الإسرائيلي والمؤسسات الأمنية:
يتطوع العديد من الدروز المقيمين في فلسطين المحتلة في الجيش الإسرائيلي وقوات الأمن. وقد تبلور هذا التعاون تحديدًا بعد قيام دولة إسرائيل عام ١٩٤٨، وقد وصفه بعض القادة الدروز بأنه "عهد دم" مع إسرائيل.
مع ذلك، لا يؤيد جميع الدروز هذه الشراكة، وهناك بعض الاعتراضات.
وضع المواطنة والتمييز:
يحمل الدروز المقيمون في الأراضي المحتلة الجنسية الإسرائيلية ويتمتعون ببعض الحقوق المدنية، لكنهم ما زالوا يواجهون تحديات كالتمييز في السكن والتوظيف والتمويل الحكومي. يعتقد بعض النشطاء الدروز أن إسرائيل تستغل ولاءهم، لكنها لا تمنحهم حقوقهم كاملة.
العلاقات مع الدروز السوريين واللبنانيين:
يتخذ الدروز السوريون واللبنانيون عمومًا موقفًا ناقدًا أو عدائيًا تجاه إسرائيل، ويدينون تعاون الدروز المقيمين في الأراضي المحتلة مع الحكومة الإسرائيلية. وقد تسببت اشتباكات الكيان الإسرائيلي الحدودية مع حزب الله في لبنان، والحرب في سوريا، في بعض الأحيان في توترات بين الطوائف الدرزية في مختلف البلدان.
تأثير التطورات السياسية الأخيرة:
بعد إقرار قانون "الدولة القومية اليهودية" عام ٢٠١٨، شعر بعض الدروز الإسرائيليين بأن وضعهم كمواطنين غير يهود قد تأثر. ولذلك، أدت احتجاجات وانتقادات الدروز إلى بعض التعديلات في السياسات الإسرائيلية، إلا أن التوترات لا تزال قائمة.
بشكل عام، تتسم علاقات الدروز مع الكيان الإسرائيلي بمزيج من التعاون والتوتر. بينما يتعاون العديد من الدروز في فلسطين المحتلة مع الحكومة الإسرائيلية، ينتقد بعضهم التمييز والسياسات التي ينتهجها الكيان الإسرائيلي. تتأثر هذه العلاقة أيضًا بالتطورات الإقليمية ومواقف الدروز في دول أخرى، وأهمها في الأشهر الأخيرة قضية سوريا والدروز المقيمين فيها.
القلق المفاجئ للكيان الإسرائيلي على الدروز في سوريا
كما ذُكر، سُلِّط الضوء مجددًا على قضية الدروز والكيان الإسرائيلي في الأشهر الأخيرة، مع التركيز بشكل رئيسي على التطورات في سوريا والدروز المقيمين في جنوب هذا البلد، على الحدود مع الكيان الإسرائيلي.
تُعدّ قضية تدخل الكيان الصهيوني في سوريا تحت ستار "دعم الدروز" قضية ذات بُعدين، تلعب فيها المصالح الاستراتيجية لإسرائيل دورًا رئيسيًا، على الرغم من استخدام المجتمع الدرزي أحيانًا كأداة دعائية أو تبرير لأفعالها. لتحليل أكثر تفصيلاً، ينبغي النظر في عدة جوانب:
1. دور الدروز السوريين ومواقفهم
خلال النظام السابق، كان الدروز السوريون عموماً موالين لحكومة الأسد، وعلى عكس الدروز الإسرائيليين، لم تكن تربطهم علاقة بارزة أو واسعة النطاق مع الكيان الصهيوني. كما أن عدائهم الحالي للجولاني وعناصره لا يعني بالضرورة تقاربهم مع الصهاينة. مع ذلك، يرغب بعض الدروز السوريين في علاقات واسعة مع الكيان الصهيوني.
خلال الحرب السورية، كان بعض الدروز في الجولان المحتل قلقين على مصير إخوانهم في الدين في سوريا، لكن هذا لم يعني دعم التدخل الإسرائيلي.
أكدت بعض الجماعات الدرزية في سوريا (مثل "مشايخ العقل"، وهي منظمة دينية درزية) مراراً وتكراراً معارضتها لأي تدخل من الكيان الصهيوني في التطورات في سوريا.
2. الأهداف الحقيقية للكيان الصهيوني في سوريا
منذ صعود هيئة تحرير الشام، دأبت إسرائيل على التدخل في الشؤون الداخلية السورية تحت ذرائع مختلفة، منها "دعم الدروز"، إلا أن أهدافها الرئيسية هي:
- تعزيز خطة التجربة السورية من خلال خلق حالة من انعدام الأمن في المناطق الجنوبية، والمساعدة في تصعيد الصراع بين الدروز في الجنوب وكيان جولاني في دمشق.
- منع القوات الموالية لجولاني من الاقتراب من الحدود
- إنشاء منطقة عازلة في جنوب سوريا تحت تأثير الجماعات الضعيفة والتابعة، بهدف تأمين حدود الكيان الصهيوني.
3. الاستخدام الدعائي للدروز
يستخدم الكيان الصهيوني أحيانًا المخاوف الإنسانية للدروز لتبرير هجماته أو مساعداته العسكرية، لكن عمليًا، تتوافق هذه الأفعال أكثر مع أمنه. في الأشهر الأخيرة، استهدف الكيان الصهيوني مرارًا مواقع عسكرية في سوريا بذريعة دعم الدروز، ولا تزال هذه الهجمات مستمرة.
حتى أن بعض القادة الدروز السوريين واللبنانيين اتهموا إسرائيل باستغلال الوضع الدرزي لإضفاء الشرعية على وجودها العسكري في سوريا.
4. رد فعل الدروز على هذه التدخلات
يعارض الدروز في سوريا ولبنان عمومًا التدخل الصهيوني، معتبرين إياه انتهاكًا للسيادة السورية. حتى الدروز الإسرائيليون ينتقدون أحيانًا سياسات إسرائيل تجاه سوريا، إذ تُسبب هذه الإجراءات مزيدًا من التوتر مع إخوانهم في الدين في دول أخرى.
هل هي حقًا قضية الدروز أم مصالح الكيان الصهيوني؟
القضية الرئيسية هي المصالح الأمنية والاستراتيجية للكيان الصهيوني، وليست دعمًا حقيقيًا للدروز. يستغل الكيان الصهيوني الاختلافات الدينية والعرقية في المنطقة (بما في ذلك الوضع الدرزي) لتحقيق أهدافه.
يسعى الدروز السوريون عمومًا إلى الاستقرار وإيجاد حل للأزمة داخليًا، لا إلى التدخل الصهيوني الخارجي. ببساطة، دعم إسرائيل للدروز السوريين ليس سوى ذريعة، بينما الهدف الحقيقي هو ضمان أمن الكيان الصهيوني ومواجهة إيران وحزب الله في سوريا.
