الوقت- في ظل تصاعد التوترات الإقليمية واستمرار العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، وجهت حركة أنصار الله تحذيرًا شديد اللهجة إلى الولايات المتحدة و"إسرائيل"، مؤكدةً أن أي تصعيد جديد في الحرب على غزة سيقابل برد عسكري واسع النطاق، قد يغير موازين الصراع في المنطقة، ويأتي هذا التحذير في سياق محاولات الاحتلال الصهيوني التهرب من تنفيذ المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار، وسط تهديدات باستئناف العمليات العسكرية ضد القطاع المحاصر.
اليمن يلوح برد عسكري شامل
صرح حزام الأسد، عضو المكتب السياسي لأنصار الله، بأن اليمنيين لا يزالون في حالة استنفار، مشيرًا إلى أن أي اعتداء جديد على غزة سيضع المصالح الأمريكية في مرمى نيران القوات اليمنية.
وأضاف: "إذا كان العدو ينوي استئناف الحرب ضد قطاع غزة، فنحن مستعدون للتوجه نحو حرب شاملة، وإذا حاولت أمريكا حماية الكيان الصهيوني أو دعمه في اعتداءاته، فسنستهدف المصالح الأمريكية في المنطقة".
هذا التصريح يعكس التصعيد المتزايد في نبرة التهديدات القادمة من صنعاء، حيث ترى قيادة أنصار الله أن استمرار العدوان الإسرائيلي، بدعم أمريكي مباشر أو غير مباشر، سيستدعي ردًا غير مسبوق، ما يفتح الباب أمام احتمالية اندلاع مواجهة إقليمية تتجاوز الحدود التقليدية للصراع الفلسطيني الإسرائيلي.
تحذير من تحركات بحرية وتصعيد في المنطقة
لم تقتصر تهديدات أنصار الله على العمليات الصاروخية والطيران المسير، بل امتدت إلى المجال البحري، حيث حذر المسؤولون اليمنيون من أن الحصار المفروض على غزة قد يؤدي إلى اتخاذ تدابير صارمة على الخطوط البحرية الاستراتيجية، وأكدوا أن أي محاولة أمريكية لإنقاذ الكيان الصهيوني أو دعمه في حربه ضد الفلسطينيين ستجعل القوات الأمريكية في المنطقة هدفًا مباشرًا.
من جهته، قال نصر الدين عامر، عضو آخر في الحركة: إن "عيوننا على غزة وأيدينا على الزناد، والصواريخ والطائرات المسيّرة وكل الوحدات العسكرية اليمنية في حالة استعداد"، مشيرًا إلى أن اليمنيين أثبتوا جدارتهم سابقًا في استخدام القوة للرد على أي عدوان يستهدف القضايا التي يؤمنون بها.
تل أبيب ستكون تحت النيران
وجّه عبد الملك الحوثي، قائد حركة أنصار الله، تحذيرًا واضحًا لكل من الولايات المتحدة و"إسرائيل"، مؤكدًا أن استمرار العدوان على غزة سيؤدي إلى تداعيات خطيرة على الاحتلال الإسرائيلي، وقال الحوثي: "استئناف الحرب ضد غزة يعني أن تل أبيب المحتلة ستكون تحت النيران في المقام الأول، ونحن مستعدون على جميع الجبهات العسكرية لدعم المقاومة الفلسطينية".
تصريحات الحوثي جاءت في سياق تأكيد الالتزام اليمني الثابت بدعم الشعب الفلسطيني والفصائل المسلحة، في مواجهة السياسات العدوانية الإسرائيلية ومحاولات التهرب من تنفيذ الاتفاقيات التي تم التوصل إليها، ويؤكد هذا الموقف أن اليمنيين يعتبرون القضية الفلسطينية جزءًا لا يتجزأ من استراتيجيتهم الإقليمية، ما يجعل من تدخلهم العسكري احتمالًا واردًا في حال استمرار التصعيد الإسرائيلي.
اليمن يعيد رسم معادلات القوة في المنطقة
إن التهديدات اليمنية الأخيرة لم تأتِ من فراغ، بل تعكس تطورًا استراتيجيًا في قدرة أنصار الله على التأثير في معادلات الصراع الإقليمي، فمنذ بداية الحرب في اليمن، أثبتت الحركة قدرتها على تنفيذ عمليات عسكرية نوعية، سواء من خلال استهداف البنية التحتية لدول التحالف أو عبر تطوير منظومتها الصاروخية والطائرات المسيّرة التي باتت تشكل تهديدًا جديًا لأعدائها.
وفي ظل انشغال الولايات المتحدة و"إسرائيل" بملفات أمنية أخرى، فإن أي تحرك يمني مفاجئ قد يكون بمثابة شرارة تشعل أزمة جديدة في المنطقة، وخاصةً إذا ما قررت صنعاء تنفيذ تهديداتها بضرب المصالح الأمريكية والإسرائيلية بشكل مباشر
اليمن وتصعيد المقاومة... هل تتحول التهديدات إلى واقع؟
تأتي التصريحات اليمنية المتصاعدة في ظل استمرار الاحتلال الإسرائيلي في عدوانه على قطاع غزة، ما يضع المنطقة أمام احتمالات غير مسبوقة، فبينما تحاول القوى الغربية احتواء الأوضاع، تؤكد صنعاء أنها لن تبقى متفرجة على أي تصعيد جديد، هذا الموقف لا يعكس مجرد تصريحات سياسية، بل يشير إلى استعداد عسكري حقيقي قد يُترجم قريبًا إلى عمليات نوعية تهدف إلى ردع أي مخططات تستهدف الفلسطينيين.
إن قدرة أنصار الله على تنفيذ ضربات دقيقة ضد أهداف استراتيجية تعزز من مصداقية تهديداتهم، وتجعل أي محاولة لتجاهل تحذيراتهم مخاطرة قد تدفع ثمنها واشنطن وتل أبيب، ومع استمرار الصراع في غزة، تبقى كل السيناريوهات مطروحة، وخاصة في ظل التداخل المتزايد بين الجبهات المختلفة في المنطقة.
المعادلة الإقليمية الجديدة... من يفرض شروط اللعبة؟
ما يميز الموقف اليمني هو أنه لم يعد مجرد رد فعل على التطورات الإقليمية، بل بات جزءًا من استراتيجية شاملة تهدف إلى فرض معادلة ردع جديدة، فأنصار الله لا يتعاملون مع غزة كقضية منفصلة، بل كجزء من معركة أوسع تسعى لتغيير ميزان القوى في المنطقة، هذا التحول يجعل المواجهة المحتملة أكثر تعقيدًا، حيث لم تعد "إسرائيل" تواجه فصائل فلسطينية فقط، بل باتت قوى إقليمية أخرى مستعدة للانخراط في الصراع إذا اقتضت الضرورة.
ومع استمرار التصعيد الإسرائيلي، فإن المرحلة القادمة قد تشهد اختبارًا حقيقيًا لهذه التوازنات، حيث قد تجد تل أبيب وواشنطن نفسيهما أمام معركة لم تكن في حساباتهما، ما سيجعل المشهد الإقليمي أكثر سخونة وأقل قابلية للتنبؤ.
هل المنطقة على أعتاب مواجهة شاملة؟
مع تصاعد التوترات والتحذيرات الصادرة من صنعاء، يبقى السؤال الأبرز: هل تتجه المنطقة نحو مواجهة عسكرية شاملة؟
الواقع السياسي والعسكري يشير إلى أن أي تصعيد جديد في غزة قد يؤدي إلى اتساع رقعة المواجهة، خاصة في ظل الدعم الإيراني لحلفاء المقاومة في المنطقة، ومن بينهم أنصار الله، كما أن استهداف المصالح الأمريكية في الشرق الأوسط قد يعيد خلط الأوراق، ويجبر واشنطن على إعادة النظر في استراتيجيتها العسكرية والدبلوماسية في المنطقة.
في ظل هذه المعطيات، تبقى احتمالات الحرب قائمة، خاصةً إذا ما استمر الاحتلال الإسرائيلي في تصعيده العسكري، وواصلت واشنطن دعمها غير المشروط لتل أبيب، وفي حال تنفيذ التهديدات اليمنية، فإن ذلك قد يؤدي إلى تداعيات خطيرة، ليس فقط على إسرائيل، ولكن على المصالح الأمريكية في منطقة الخليج والبحر الأحمر.
ختامًا
تحذيرات أنصار الله تعكس مرحلة جديدة من التصعيد في المشهد الإقليمي، حيث لم يعد الصراع محصورًا داخل الحدود الفلسطينية، بل بات يمتد ليشمل قوى إقليمية أخرى قد تكون مستعدة للدخول في المواجهة، ومع استمرار المراوغات الإسرائيلية بشأن اتفاق وقف إطلاق النار، فإن المنطقة قد تكون على موعد مع تصعيد غير مسبوق، قد يعيد تشكيل موازين القوى في الشرق الأوسط، ويبقى السؤال المطروح: هل ستأخذ واشنطن وتل أبيب هذه التحذيرات على محمل الجد، أم إن الأيام المقبلة ستشهد تطورات أكثر خطورة تقود المنطقة إلى مواجهة مفتوحة؟