الوقت- دفعت التطورات الأخيرة في سوريا بعد سقوط حكومة بشار الأسد الكثيرين إلى اعتبار العام الجديد عام الألعاب السياسية والجيوسياسية الجديدة في المنطقة. وسيلقي هذا التقرير نظرة على الدور واللعب المحتمل للجهات الفاعلة في غرب آسيا في عام 2025.
هل تستطيع تركيا مهاجمة سوريا؟
تعمل تركيا على توسيع نطاق وجودها بشكل مطرد في مناطق تمتد من القرن الأفريقي إلى بلاد الشام وأفغانستان. وما يفكر فيه القادة الأتراك هو تعزيز دورهم كقوة حاسمة في المنطقة. وأشارت فينا علي خان، الخبيرة الأميركية في قضايا غرب آسيا، في حديث مع موقع “العربي الجديد”، إلى أنه بعد سقوط حكومة بشار الأسد، رسم أردوغان أهدافاً طموحة لنفسه في دمشق. ومع ذلك، يبدو أن يد تركيا ليست مفتوحة للعب في سوريا. ربما تشعر الحكومتان العربيتان في الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية بالقلق من دور تركيا أكثر من اللازم في سوريا، وليستا على استعداد بسهولة لقبول أن تركيا ستظهر نفسها على أنها الفائز المطلق في التطورات في سوريا. ولذلك، ستواجه تركيا تحدياً من الإمارات والسعودية للعب دور في سوريا. وفي وقت سابق، كان لتركيا تحدي مع الإمارات في ليبيا، وسيمتد تحدي تركيا مع الإمارات الآن إلى مجال المنافسة في سوريا بعد ليبيا.
إسرائيل تشعر بالقلق من الحكومة الجديدة في دمشق
لقد أصبح سقوط حكومة بشار الأسد مقلقاً للغاية بالنسبة لقادة الكيان الصهيوني. ودفع هذا القلق القوات الصهيونية إلى احتلال أجزاء واسعة من الجولان من خلال توغلها في الأراضي السورية بعمق يصل إلى 25 كيلومتراً. وفي الوقت نفسه، ترسل الحكومة السورية الجديدة تحت حكم الجماعة الأصولية "تحرير الشام" رسالة إلى تل أبيب للانسحاب الكامل من سوريا. وأعلنت مصادر أميركية، الأسبوع الماضي، أن حكام سوريا الجدد طلبوا من الولايات المتحدة إجبار إسرائيل على الانسحاب الكامل من سوريا.
ومع ذلك، وبحسب اعتقاد العديد من الصهاينة، فإنه يعاني من عدم اليقين بشأن مستقبل سوريا. ويبدو أن الوضع المثالي لتل أبيب في سوريا هو عدم تمكن أي كيان أو مؤسسة من الحصول على قوة مركزية، لأنه في حسابات تل أبيب فإن أي مجموعة تحكم سوريا لن تكون بالضرورة صديقة لإسرائيل، ولن تتمكن بسهولة من تحقيق الاستقرار في سوريا. ولذلك فإن الوضع المثالي بالنسبة لإسرائيل هو استمرار حالة عدم الاستقرار والفوضى في ظل السيطرة على جزء كبير من جنوب سوريا وهضبة الجولان.
وإسرائيل تعلم جيداً أنها لن تتمكن من الاستمرار في احتلال الجولان إلا في ظل الفوضى وعدم الاستقرار. لذلك، ليس من المستبعد أن تمنع إسرائيل تشكيل حكومة مركزية قوية في دمشق عام 2025. ويرى أسامة الشريف، الصحافي والمحلل الأردني المقيم في عمان، أن "إسرائيل ستحاول تعزيز وجودها في جنوب سوريا، وتخشى ظهور حكومة سنية محافظة في دمشق". ومن ناحية أخرى، تشعر سلطات تل أبيب بالقلق من عودة حماس إلى سوريا وتعزيز القوى الفلسطينية في سوريا الجديدة، ومن شأن هذه القضية أن تؤجج قلق تل أبيب بشأن التطورات المستقبلية في سوريا.
والنقطة الأخرى بالنسبة للصهاينة في الملعب السوري هي إمكانية حدوث مواجهة جديدة مع تركيا. لقد أظهرت إسرائيل مراراً وتكراراً أنها تدعم التوجهات الغريبة للجماعات الكردية في شمال شرق سوريا. ومن ناحية أخرى، فإن القوات الكردية السورية هي أخطر قوة معارضة لتركيا في سوريا، كما أن دعم إسرائيل للأكراد السوريين هو أمر من المحتمل أن يثير غضب أنقرة ويصطدم مع تل أبيب بشأن التطورات في سوريا.
انتشار المقاومة من غزة إلى الضفة الغربية
ورغم أن 15 شهرا من الحرب على غزة حولت هذا القطاع الفلسطيني إلى جحيم، إلا أن المقاومة في غزة لا تزال نشطة، ورغم استمرار الحرب، تطلق قوات المقاومة الفلسطينية الصواريخ والقذائف قصيرة المدى باتجاه الأراضي المحتلة. في المقابل، مع تغير الحكومة في أميركا وعودة ترامب إلى البيت الأبيض، هناك احتمال، بحسب شعارات ترامب، أن تعترف الحكومة الأميركية بضم الضفة الغربية إلى مناطق أخرى تحتلها إسرائيل. لا شك أن ضم الضفة الغربية إلى مناطق محتلة أخرى سيؤجج غضب القوى الفلسطينية، وسيكون عام 2025 عام امتداد المقاومة الفلسطينية من غزة إلى الضفة الغربية. سيؤدي النمو الاستيطاني الإسرائيلي السريع في الضفة الغربية، وفقًا لخطة وزير المالية الإسرائيلي الحالي بتسلئيل سموتريتش التي صدرت في عام 2017، إلى إثارة جولات جديدة من العنف مع جماعات المقاومة الفلسطينية ومن المحتمل أن يتسبب في اضطرابات اجتماعية وسياسية في الضفة الغربية.
استمرار لغز اليمن
وتواصل قوات الجيش والمقاومة اليمنية مهاجمة إسرائيل ودعم أهالي غزة في الحرب، وستستمر هذه الهجمات في عام 2025. ورغم ادعاء إسرائيل بمواجهة القوات اليمنية، فإن عمل تل أبيب في هذه المواجهة لن يكون سهلا. تبلغ مساحة اليمن 44 ضعف مساحة لبنان، وهي بعيدة جغرافياً عن إسرائيل. هذه الميزة الجغرافية جعلت من الصعب على إسرائيل وقف هجمات اليمن.
وبالإضافة إلى ذلك، تحظى أنصار الله بدعم كبير من الشعب اليمني لهجماتها ضد إسرائيل تحت ستار دعم الفلسطينيين في غزة. وفي الوقت نفسه، يتمتع أنصار الله بشراكة قوية مع روسيا والجهات الفاعلة في القرن الأفريقي، وسيواصلون التفاعل مع الصين. ولذلك فإن قوات أنصار الله والجيش اليمني ستكون ظروفها أفضل في هجماتها ضد إسرائيل، ومن غير المرجح أن تتمكن تل أبيب من إيقاف هجمات القوات اليمنية بسهولة.
