الوقت - شهدت الجامعات الغربية، وخصوصاً في الولايات المتحدة وكندا، تصاعداً في التوترات داخل حرمها الجامعي نتيجة الاحتجاجات المؤيدة لفلسطين والتي اتخذت موقفًا ضد سياسات الاحتلال الإسرائيلي.
في استجابة لهذه الاحتجاجات، لجأت العديد من المؤسسات الأكاديمية إلى التعاقد مع شركات أمنية إسرائيلية أو شركات ذات صلة مباشرة بالمؤسسة الأمنية الإسرائيلية.
تثير هذه التطورات العديد من التساؤلات حول تداعيات استخدام القوة الأمنية في البيئة الجامعية، وتأثيرها على حرية التعبير والحريات الأكاديمية، فضلاً عن الأبعاد السياسية والأخلاقية لهذه القرارات.
مع انتخاب الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، تبنت الإدارة موقفاً متشدداً تجاه النشاطات المؤيدة لفلسطين داخل الجامعات الأمريكية، حيث دعا ترامب إلى فرض عقوبات على المؤسسات التي لا تتخذ إجراءات صارمة تجاه من وصفهم بـ"أنصار حماس".
هذا المناخ السياسي دفع الجامعات إلى البحث عن وسائل لضبط الاحتجاجات، ما أدى إلى تعاقدها مع شركات أمنية ذات صلة بـ"إسرائيل"، مستفيدة من خبراتها الأمنية والعسكرية.
الشركات الأمنية الإسرائيلية ونمط عملياتها
تشير التقارير إلى أن العديد من الشركات التي تم التعاقد معها تمتلك جذورًا عميقة في المؤسسة الأمنية الإسرائيلية، على سبيل المثال:
شركة Strategy Security Corp: مملوكة لضابط شرطة نيويوركي سابق تلقى تدريباً احترافياً في "إسرائيل"، ما يعكس الطابع الإسرائيلي لتدريباتها.
شركة ماغين عام: يعمل بها عناصر بخلفيات عسكرية إسرائيلية، وارتبط اسمها بتعاملات قمعية ضد الطلاب المحتجين في جامعة كاليفورنيا.
شركة بيرسيبتاج إنترناشيونال وشركة "موشاف": يشغل المناصب القيادية فيها شخصيات بارزة خدموا في الجيش الإسرائيلي أو كانوا جزءًا من المؤسسة الأمنية الإسرائيلية.
تروّج هذه الشركات نفسها من خلال إبراز خبراتها الميدانية المكتسبة في "إسرائيل"، وتعتبر "التجربة الإسرائيلية" في السيطرة على الاحتجاجات الشعبية نموذجاً تسويقياً لها.
أثر التدخل الأمني على الحريات الأكاديمية والحقوق الطلابية
من خلال اللجوء إلى شركات أمنية ذات خلفيات قمعية، تعرّضت الجامعات لانتقادات واسعة بتقويض الحريات الأساسية للطلاب، بما في ذلك حق التعبير عن الرأي.
تقييد المساحات الطلابية: فرضت جامعات مثل كولومبيا قيودًا صارمة على التجمّعات داخل الحرم الجامعي، وأغلقت مساحات خضراء كانت تستخدم للاحتجاجات.
استخدام القوة المفرطة: كشفت تقارير طلابية عن اعتقالات واسعة واعتداءات عنيفة تعرض لها الطلاب المحتجون على يد أفراد أمن، كما شوهدت شعارات التضامن مع فلسطين مطموسة أو مشوهة بعد المواجهات.
هذه السياسات لم تؤدّ فقط إلى تشويه صورة الجامعات كبيئة للحرية الأكاديمية، بل زادت من حالة الاحتقان بين الطلاب والإدارة.
وامتدت تأثيرات القمع في الجامعات الأمريكية والكندية إلى نطاق أوسع، حيث شهدت جامعات في فرنسا، بريطانيا، ألمانيا، وكندا مظاهرات تضامنية مع نظرائها في الولايات المتحدة.
هذه الموجة العالمية تسلط الضوء على تزايد وعي الشباب بالقضية الفلسطينية ورغبتهم في الدفاع عن حقوق الشعب الفلسطيني، ما يعكس تحولاً في المزاج السياسي للجيل الجديد.
التضامن العابر للحدود
ورفعت الشعارات المناهضة للعدوان الإسرائيلي في الجامعات الأوروبية والكندية، وطالب المتظاهرون بقطع العلاقات الأكاديمية مع "إسرائيل"، في محاولة لتسليط الضوء على المعاناة الفلسطينية والضغط على الحكومات الغربية لتغيير سياساتها.
وتواجه الجامعات الغربية خطر فقدان ثقة المجتمع الأكاديمي الدولي بسبب شراكاتها مع شركات أمنية مثيرة للجدل.
وبدلاً من معالجة الاحتجاجات من خلال الحوار، قد تؤدي الإجراءات الأمنية المشددة إلى تعميق الاستقطاب داخل المجتمعات الطلابية.
ومع تنامي الضغوط الطلابية والشعبية، قد تجد الجامعات نفسها مضطرة إلى إعادة تقييم علاقتها مع الشركات الأمنية الإسرائيلية أو تبني سياسات أكثر شفافية وديمقراطية.
تشير التطورات الأخيرة إلى تصاعد دور الشركات الأمنية الإسرائيلية في التعامل مع الاحتجاجات المؤيدة لفلسطين داخل الجامعات الغربية، ما يثير قضايا أخلاقية وسياسية تتعلق بحرية التعبير وحقوق الإنسان.
وبينما قد تسعى الجامعات إلى ضمان الأمن والاستقرار، فإن استخدامها لأساليب قمعية قد يؤدي إلى نتائج عكسية تؤثر على سمعتها ومكانتها الأكاديمية.
في ظل هذه الظروف، يصبح من الضروري أن تعيد الجامعات النظر في أولوياتها، وأن تتبنى سياسات تدعم الحوار المفتوح وتعزز الحريات الأكاديمية، بدلاً من اللجوء إلى القوة لاحتواء الأزمات.