الوقت - (400) كيلومتر المسافة التي تفصل العراق عن فلسطين المحتلة، إلا أن العراقيين رفضوا الوقوف مكتوفي الأيدي أمام العدوان الإسرائيلي الإجرامي على الفلسطينيين في قطاع غزة.
وقف العراق منذ البدء ضد المشاريع الداعية إلى شرعنة وجود الاحتلال الإسرائيلي على أرض فلسطين، فرفض مشروع «صفقة القرن» الذي روج له الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، ومحاولة جر العراق للقبول بهذا المشروع، ثم جاء قرار مجلس النواب العراقي بتجريم التطبيع مع الكيان الصهيوني ضربة قاصمة لمخططات الأمريكيين والإسرائيليين الرامية لإخضاع العراق للتطبيع مع كيان الاحتلال.
ومنذ اندلاع الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة في السابع من أكتوبر، كان القرار العراقي مناصراً لفلسطين بشكل صريح وقاطع، على المستوى الرسمي والشعبي، وعلى مستوى قوى المقاومة، فقد كان في مقدمة الدول العربية التي سارعت على جميع المستويات السياسية والشعبية والتيارات وفصائل المقاومة لإدانة العدوان الصهيوني ضد المدنيين العزّل في قطاع غزة.
وانتفض الشعب العراقي نصرةً للفلسطينيين، إذ تجمع أبناء الرافدين خلف الحدود الأردنية استعداداً للذود عن حياض فلسطين والدفاع عن شعبها، واستمرت الحشود الشعبية العراقية بالتوافد إلى منفذ طريبيل الحدودي مطالبِةً بفتح الحدود الأردنية من أجل الوصول إلى الأراضي الفلسطينية ومساندة أشقائهم الفلسطينيين ضد العدوان الصهيوني الوحشي.
المقاومة العراقية تستهدف القوات الأمريكية
على الدوام تعلن فصائل المقاومة في العراق، عن جهوزيتها للانضمام إلى قوى المقاومة في فلسطين والمشاركة في عملية «طوفان الاقصى» وردّع الإسرائيليين عن مواصلة الانتهاكات التي تطال الشعب الفلسطيني، وسكّان قطاع غزّة على وجه الخصوص، فهددت قوى المقاومة بأنها ستستهدف المصالح الأمريكية والقواعد التي تستضيف جنوداً أمريكان في العراق وسوريا، لتشكيل ضغط على الإسرائيلي ودفعه لإيقاف الحرب.
وفي تصريحات إعلامية قال مسؤول في المقاومة: تم خلال اجتماعات لقوى المقاومة تحديد شكل الرد على الاعتداءات الإسرائيلية على غزة، وتوسيع نطاق المعركة بهدف إقامة جبهة ردع لكيان الاحتلال، مشيرا إلى أن الفصائل العراقية تراقب سير الأحداث في فلسطين، وخصوصاً ما يتعلق بالتدخل الأمريكي والأوروبي في العمليات العسكرية إلى جانب الكيان، وموضحاً أن المقاومة اتخذت إجراءات على الأرض وأنها على استعداد تام، وتم تحديد بنك الأهداف التي من الممكن أن تستهدفها فصائل المقاومة في حال أي تدخل أمريكي مباشر في الحرب، أو عدم وقف الدعم الأمريكي للكيان.
كما هدّد أمين عام "كتائب حزب الله" في العراق، أبو حسين الحميداوي، في بيان باستهداف القواعد الأمريكية في العراق إذا تدخلت الولايات المتحدة في حرب غزة، مؤكّدا أن "صواريخنا، ومسيّراتنا، وقواتنا الخاصة، على أهبة الاستعداد لتوجيه الضربات النوعية للعدو الأمريكي في قواعده إذا تدخل في هذه المعركة، وستطال نيراننا مواقع معلومة للكيان الصهيوني".
ولم تكتفِ المقاومة العراقية بتصدير المواقف والتصريحات، لكنها نفذت تهديداتها وبدأت منذ 17 من تشرين الأول/ أكتوبر 2023 بمهاجمة القواعد الأمريكية مع بداية العدوان الاسرائيلي على قطاع غزة، متوعّدة بأن الهجمات ستتواصل، وبوتيرة أعلى، وتؤكد تلك الفصائل على الدوام أنها قادرة على استهداف كل القوات الأمريكية في العراق، بما فيها تلك الواقعة في شمال البلاد الخاضعة لسلطة اقليم كردستان الحليفة لواشنطن.
وقد استهدفت هذه الفصائل القواعد العسكرية الأمريكية في سوريا والعراق، بالطائرات المسيّرة وصواريخ «غراد» و«كاتيوشا»، وصولاً إلى التلويح باستخدام صواريخ دقيقة طويلة ومتوسطة المدى، وأقرت وزارة الدفاع الأمريكية بإصابة 20 جندياً أمريكياً في واحدة من الهجمات.
كما أطلقت المقاومة العراقية مسيّرات باتجاه قواعد عسكرية إسرائيلية في الأراضي الفلسطينية المحتلة، تصدّت لها منظومات الدفاع الجوي الأمريكية في الأردن، ونفّذت هجمات صاروخية وبطائرات مسيّرة منها مثلا التي طالت قاعدة عين الأسد (في الأنبار غرباً) ومطار حرير (في أربيل شمالاً) وقاعدة فكتوريا بمحيط مطار العاصمة بغداد، ومنها أيضا استهداف قاعدة المالكية شمال شرق محافظة الحسكة السورية بالطائرات المسيرة.
الاستهداف الحيوي
قصي الربيعي، مسؤول كتائب «الإمام علي» في بغداد، المنضوية في «الحشد»، قال في تصريح لـ "القدس العربي": "نحن مستمرون في مساندة إخوتنا في فلسطين حتى لو تطلب الأمر الذهاب بأنفسنا للقتال في غزّة، وهناك تنسيق بين الفصائل والحكومة العراقية من جهة، وبين جميع الفصائل من جهة ثانية، مشيرا إلى أنه: «نحن لا نريد تصرفاً فردياً، ننتظر الأوامر وجميع الفصائل جاهزة للتحرك صوب فلسطين».
وفي الأيام القليلة الماضية، أعلنت المقاومة الإسلامية في العراق أنها ستبدأ الأسبوع المقبل مرحلة جديدة لنصرة فلسطين، في إشارة ربما إلى أنها ستنتقل من مرحلة استهداف القواعد والمصالح الأمريكية، إلى العمق الإسرائيلي، لتستهدف بشكل مباشر، مصالح وأهدافاً إسرائيلية، وهو الأمر الذي سيشكل تحولاً مفصلياً في الحرب.
وفعلاً ما إن مضى الوقت القليل حتى استهدفت المقاومة العراقية أهدافاً في العمق الإسرائيلي، وقد أوردت فصائل المقاومة في بيان أنه "استمرارًا بنهجنا في مقاومة الاحتلال، ونُصرةً لأهلنا في غزّة، وردّاً على المجازر التي يرتكبها الكيان الغاصب بحقّ المدنيين الفلسطينيين من أطفال ونساء وشيوخ، استهدف مجاهدو المقاومة الإسلامية في العراق قبل أيام، هدفاً حيوياً في البحر الأبيض المتوسط، بالأسلحة المناسبة، وحقّقت إصابة مباشرة، وتؤكد المقاومة الإسلامية استمرارها في دكّ معاقل العدو" .
وهذه هي المرة الثانية التي تعلن فيها المقاومة العراقية أنها قصفت أهدافا إسرائيلية خلال الساعات الـ24 الماضية، إذ أوضح مصدر فيها أن الهدف الحيوي الذي استُهدف في البحر المتوسط هو منصة حقل كاريش للغاز، مؤكدا أن الهجوم أصاب الهدف بصورة مباشرة.
وفي الطرف المقابل تحدّثت وسائل إعلام تابعة لكيان الاحتلال عن تحوّل "إيلات" السياحية إلى "ملجأ" لنحو 60 ألف مستوطن ممن تمّ نقلهم من المستوطنات، وأنّ الأعمال في "إيلات" تعاني ضائقةً اقتصاديةً، بسبب التصعيد في الجبهتين الشمالية والجنوبية.
لن تتوقف المقاومة العراقية عن القيام بدورها في الدفاع عن القضية الفلسطينية، ما دامت الحرب العدوانية على قطاع غزة مستمرة، وستبقى ضربات المقاومة للمحور المعادي "الكيان الصهيوني، وداعميه" مستمرة، وستصبح الضربات أكثر إيلاماً وأشد أثراً مع تصاعدها، فشكل الاستهداف يتطور وفق المرحلة، ووفق القدرات العالية التي ثبت وجودها لدى المقاومة.
