موقع الوقت التحليلي الإخباري | Alwaght Website

الوقت– أمريكا التي ترى أن هيمنتها في المنطقة هشة للغاية، ومن أجل إبقاء حلفائها في المعسكر الغربي، وضعت يدها، كعادتها دائماً، على نقطة ضعف العرب، ولهذا الغرض، وقع وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن وولي عهد البحرين ورئيس الوزراء سلمان بن حمد آل خليفة، الأربعاء، على اتفاقية أمنية اقتصادية بين البلدين.

وبعد توقيع هذه الاتفاقية الأمنية، قال بلينكن إن التعاون الدفاعي والاستخباراتي بين البلدين سيتوسع، وقال إن "الغرض من هذه الاتفاقية هو زيادة التعاون في مجالات مثل الدفاع والأمن والتكنولوجيا والتجارة".

تعمل هذه الاتفاقية الشاملة على تحقيق الأمن والازدهار والتكامل وتعميق التعاون الثنائي بثلاث طرق مهمة للغاية، ومن شأن هذا الاتفاق أن يعزز التنسيق بين قواتنا المسلحة وسلامة قدراتنا الاستخباراتية، ما يسمح لنا بالرد على التهديدات عند ظهورها.

وقال بلينكن: "إن هذا الاتفاق الشامل سيعزز العلاقات الاقتصادية بين البلدين، ومنذ عام 2006، ساهمت اتفاقية التجارة الحرة بين البحرين والولايات المتحدة في زيادة التجارة والاستثمار بأكثر من ثلاثة أضعاف لتصل إلى ما يقرب من ثلاث مليارات دولار سنويا، وتبني اتفاقية اليوم على هذا وعلى فرص استثمارية جديدة للقطاع الخاص وشركائنا في توفير أمريكا.

كما أكد وزير الخارجية الأمريكي أن "هذه الاتفاقية ستعزز التعاون العلمي والفني من خلال زيادة تبادل المعلومات بين البلدين والشعبين، ونحن نتعاون حاليا في مجالات مثل الصحة والأمن الرقمي"، وقال بلينكن: "إننا نتطلع إلى استخدام هذه الاتفاقية كإطار عمل للدول الأخرى التي ترغب في الانضمام إلينا في تعزيز الاستقرار الإقليمي والتعاون الاقتصادي والابتكار التكنولوجي".

وقال ولي عهد البحرين: "إن هذه الاتفاقية تمثل بيانًا مشتركًا يعبر بوضوح عن نيتنا في المضي قدمًا نحو مستقبل قائم على قيمنا المشتركة ويساعد على تعزيز التعاون لتحقيق الرخاء الأمثل للأجيال القادمة، ويعد الاتفاق الثنائي الأساس ونقطة الانطلاق للتعاون الدولي وفق المصالح المشتركة للبلدين ووجهات النظر المشتركة في مجال الدبلوماسية والأمن والتكامل الاقتصادي".

وقال مسؤول كبير في الحكومة الأمريكية إن رحلة ولي العهد إلى واشنطن كانت تتويجا لعلاقات دبلوماسية امتدت لما يقرب من عام وتضمنت رحلات متعددة إلى واشنطن.

زيادة مكانة البحرين الأمنية بالنسبة للولايات المتحدة

وتظهر هذه الاتفاقية أهمية ومكانة البحرين بالنسبة للولايات المتحدة، في وقت تسعى فيه السعودية والإمارات للحصول على ضمانات أمنية ذات طبيعة أكثر رسمية من الولايات المتحدة. والبحرين حاليا تضم قاعدة الأسطول الخامس للبحرية الأمريكية ومقر القيادة المركزية للقوات البحرية الأمريكية في الشرق الأوسط، ويتمركز الآلاف من العسكريين الأمريكيين في البحرين.

أصبحت البحرين حليفًا رئيسيًا من خارج حلف شمال الأطلسي للولايات المتحدة في عام 2002، ويمثل الاتفاق الجديد التزامًا أمنيًا أمريكيًا معززًا تجاه البحرين، لكنه لا يوفر ضمانات المادة 5 من الناتو بأن أي هجوم على أحد أعضاء التحالف سيؤدي إلى هجوم مضاد من جميع أعضائها.

وحسب مسؤول أمريكي كبير، فإن الغرض من الاتفاق هو منع التهديدات، وفي حال وقوع هجوم على البحرين، تلتزم الولايات المتحدة بالتشاور الفوري مع حليفتها لبيان سبل الرد.

ورغم أن السياسة الاستراتيجية الأمريكية تركزت في السنوات الأخيرة من الخليج الفارسي نحو شرق آسيا من أجل السيطرة على منافستها الرئيسية الصين، إلا أن زيادة تعاون الصين مع الدول العربية ضاعف قلق واشنطن، وقد أدى توقيع الصين لعشرات العقود الاقتصادية مع المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة، إلى جانب تطوير التعاون الأمني، إلى دفع واشنطن إلى استنتاج مفاده بأنه يجب عليها بطريقة أو بأخرى الحفاظ على قاعدتنا المستمرة منذ عقود، وكان رجال الدولة في البيت الأبيض يحاولون منع نفوذ الصين في الخليج الفارسي، لكن الآن تتحدى هذه الدولة احتكار الشراكات العسكرية والأمنية مع مجلس التعاون من خلال الفوز بالمركز الأول في التجارة مع الدول الخليجية العربية.

ومن ناحية أخرى، عززت روسيا في العام الماضي مستوى التعاون الاقتصادي والأمني ​​مع عرب الخليج الفارسي، في حين أن التحالف بين الصين وروسيا في الخليج الفارسي يشكل خطورة بالغة على مصالح الغرب، ولذلك يحاول الأمريكيون الحفاظ على موطئ قدم لهم وتقليل نفوذ المنافسين من خلال توقيع اتفاقيات أمنية واقتصادية.

التعامل مع بيئة التواصل الإقليمي الإيراني العربي

لا شك أن أي تعاون أمني أمريكي مع الدول العربية يرتبط أيضاً بتحركات إيران في المنطقة، والاتفاق الأخير مع البحرين ليس استثناءً من هذه القاعدة، وكما ادعى مسؤول في البيت الأبيض فإن "هذا الاتفاق مبني على الشعور بالقلق، والتركيز على ردع النفوذ الإيراني، وتهيئة الظروف لمنطقة أكثر استقرارا".

يتم تنفيذ هذه الاتفاقية الأمنية في الوقت الذي قامت فيه إيران باستئناف علاقاتها مع المملكة العربية السعودية، ما قد يفتح الاحتمال لأن تتخذ دول عربية أخرى أيضًا الخطوات نحو تطبيع العلاقات مع طهران، ولذلك، تعتزم واشنطن منع التقارب العربي الإيراني من خلال تعزيز وجودها العسكري في البحرين وعرقلة نفوذ إيران في المنطقة.

هذا على الرغم من أنه تم في الأشهر الأخيرة التوصل إلى اتفاقات بين إيران وبعض الدول الخليجية العربية لتشكيل قوة بحرية مشتركة للدفاع عن أمن المنطقة، ويشعر مسؤولو البيت الأبيض بقلق بالغ بشأن هذه القضية، لأن تشكيل هذه القوة البحرية المشتركة، إضافة إلى أن تعزيز مكانة الجمهورية الإسلامية في المنطقة، سيضعف الوجود العسكري الأمريكي في المنطقة، لأن القادة العرب أنفسهم أصبحوا يعتقدون أن أمن الخليج الفارسي يجب أن يكون مشتركاً بين دول المنطقة، وهو ما يعد مقدمة لقطع أقدام الجنود الأمريكيين من المنطقة.

وتأتي الصفقة في الوقت الذي تعمل فيه إدارة جو بايدن على التوسط في صفقة لتطبيع العلاقات بين "إسرائيل" والمملكة العربية السعودية مقابل ضمانات أمنية من الولايات المتحدة، وحاولت الولايات المتحدة العام الماضي تشكيل تحالف ضد إيران بالتعاون مع العرب والكيان الصهيوني، لكنه لم يصل إلى مرحلة التنفيذ، وكانت خطط تل أبيب الشريرة لاختراق الخليج الفارسي وزعزعة استقرار المنطقة قد تعطلت، ولذلك تحاول واشنطن تعويض فشل سياساتها السابقة من خلال توقيع اتفاقية أمنية مع البحرين التي شهدت علاقات متوترة مع الجمهورية الإسلامية في السنوات الأخيرة، لكن حتى هذه الإجراءات المتأخرة لا يمكنها أن تشفي آلام أمريكا، لأن تطبيع العلاقات العربية مع الكيان الصهيوني دخل الآن في غيبوبة، ولا يوجد بلد مستعد مهتم بهذا الموضوع حالياً.

من خلال التوقيع على هذه الاتفاقية، تريد واشنطن إظهار أنها لا تنوي مغادرة الخليج الفارسي، وهي بمثابة إشارة للسعوديين والدول العربية الأخرى لإظهار أنه على الرغم من الصراع في أوكرانيا، لا يزال بإمكان واشنطن الدفاع عن حلفائها العرب لثنيهم عن الاتجاه نحو بكين، لكن في العام الماضي، أظهر قادة السعودية وأبو ظبي أنهم لا يريدون وضع كل بيضهم في سلة ضمانات واشنطن الأمنية، لأن بوادر تراجع الهيمنة الأمريكية في العالم قد ظهرت، والدول الآن تبتعد عن الغرب وتتجه نحو نظام جديد، وهو النظام الذي استحضرته الصين وروسيا للعالم.