الوقت- عادت سوريا إلى جامعة الدول، عودة لاقت كل الترحيب من الدول التي كان لها دور حقيقي وبارز في هذه العودة، وقد أثمرت كل المساعي السابقة التي حثت بشكل أو بأخر لإعادة سوريا للمكانة التي تستحقها بيت إخوتها العرب في الجامعة العربية لكن ما هذه المساعي؟ وكيف تم الأمر؟ وماذا بعد هذه العودة؟ وما مصير إعادة الاعمار والعقوبات المفروضة على سورية؟ كل هذه الأسئلة استدعت مراسلة موقع الوقت الإخباري التحليلي أن تجري مقابلة مع المحلل السياسي محمد محمد نادر العمري.
الوقت: ما هي العوامل التي هيأتها جامعة الدول العربية لاعادة سوريا للجامعة؟
العمري: لا يمكن الحديث عن عوامل هيأتها الجامعة لعودة سوريا، إنما كان هناك متطلبات وحاجة ضرورية لعودة سوريا لجامعة الدول العربية إن صح التوصيف.
وبالتأكيد هناك عوامل أو خطوات لابد لجامعة الدول العربية القيام بها لإعادة سوريا لشغل مقعدها في الجامعة العربية، وخاصة أن الجامعة اتخذت قرار تجميد عضوية سوريا منذ 12 عاماً، كان من هذه الخطوات ضغوط لعقد اجتماع لجامعة الدول العربية كما حصل في القاهرة على مستوى وزراء الخارجية واتخاذ القرار الخاص والمتعلق بعودة سوريا لشغل دورها ضمن الهيئات والمنظمات التابعة لجامعة الدول العربية، ولكن دائماً نتحدث عن العوامل التي ساهمت وسرعت في عودة سوريا لجامعة الدول العربية بالدرجة الأولى، أهمها العوامل الداخلية السورية، فدائما نقول بأن تمكن الجيش العربي السوري وكذلك السياسة المتعلقة بالتسويات من إسقاط كل المشاريع المستهدفة لسورية، أدى هذا الأمر بشكل أو بآخر الى فشل مشروع الإرهاب المصدر الى سوريا، هناك حاجة أيضا لعودة سورية الى جامعة الدول العربية في سعي من بعض الدول العربية بأن يكون لديها دور في حل الازمة في سوريا وإحداث حالة التوازن على مستوى المنطقة لتقليص النفوذ التركي في هذه المنطقة.
الوقت: في جامعة الدول العربية، من هي الدول التي لا يزال لديها مشاكل مع سوريا وهل يمكن لهذه الدول أن تؤثر على مكانة سوريا في الجامعة ؟
العمري : عودة سوريا الى جامعة الدول العربية لا تعني حل الخلافات السورية مع بعض الدول العربية التي ما زالت حتى هذه اللحظة تتخذ او تدعم مسار عزل سوريا تنفيذاً لأجندات خاصة بها او لأجندات مرتبطة بالايدلوجية التي تنتمي اليها ،أو لأسباب تتعلق بالضغوط التي تمارسها الولايات المتحدة الامريكية، وبالتالي اعتقد أن الصورة واضحة بمعنى أنه يوجد عدد من الدول العربية وعلى راسها قطر التي حتى هذه اللحظة تتماهى مع المشروع التركي ومع الاخوانية العثمانية لتنفيذ المشروع التركي في الشمال السوري، ما يعني الذهاب نحو اقتسام جزء من الأراضي السورية وضمها الى تركيا، وأعتقد بأن عودة سورية والدور الذي تقوم به المملكة السعودية من شأنه أن يزيل بعض الخلافات وعودة العلاقات الثنائية ما بين سوريا وبعض الدول تشكل ركيزة فيما بعد لدفع الدول العربية إلى الانفتاح باتجاه سوريا.
هذه الدول لا يمكن ان تؤثر على مكانة سوريا ما يعني أن أحد الأسباب التي دفعت بعض الدول العربية لعودة علاقاتها والانفتاح والحراك باتجاه سوريا بما فيها المملكة السعودية هو مكانة سوريا في النظام الإقليمي رغم الجراح التي تعاني منها سوريا أي مازالت سوريا لديها تأثير، ولديها دور في المنطقة نتيجة تحالفاتها نتيجة علاقاتها نتيجة انخراطها ضمن محور المقاومة، وبالتالي هذه الدول لا يمكن أن تؤثر على مكانة سوريا ودورها في المنطقة.
الوقت: ما هي الإنجازات التي حققتها سوريا من الاجتماع في الجامعة العربية؟
العمري: دعينا لا نسميه إنجازاً بل نسميه خرقاً في المشهد السياسي، وإن كان هو إنجاز بشكل أو بأخر، الإنجاز السوري من خلال حضور سورية في جامعة الدول العربية هو أن سوريا خرجت من عنق الزجاجة التي كان يراد لها أن يشكل حلقة أساسية من التقسيم، وكذلك الاستسلام، والخضوع لشروط الإذعان التي قدمت لسوريا والتي طلبت من سورية خلال الفترة الماضية.
اليوم أعتقد بأن حضور سوريا في بالدرجة الأولى يأتي ضمن مسار الانتصار الذي حققته سوريا في حربها ضد الإرهاب وهو أيضا إنجاز باعتراف الدول العربية بدور سوريا ومكانتها وأعتقد بأنه صيغة تصالحية على قاعدة رابح رابح التي سادت منطق حضور سورية في جامعة الدول العربية وكذلك الحراك العربي باتجاه سوريا.
الوقت: هل الدول التي رحبت في جامعة الدول العربية بعودة سوريا مستعدة للمساعدة بشكل فاعل لحل مشاكل سوريا؟ وكيف سيتم ذلك؟
العمري: يعني الرهان على مساعدة الدول العربية لسوريا هو أمر موجود ومشروع بشكل أو بأخر، وأعتقد بأن هذه الدول لديها مصلحة في اعادة علاقاتها مع سوريا، من خلال المشاركة في إعادة الاعمار وهو ما يشكل فائدة متبادلة، ولكن مدى قدرة هذه الدول على مواجهة المشروع الأميركي والضغوط الأميركية عبر قانون قيصر أو غيره من القوانين التي بدأت الولايات المتحدة الأمريكية تلوح بها أعتقد هنا يمكن الحديث بأن الدول العربية لديها امكانات لمساعدة سوريا، ولديها مصلحة أيضا في مساعدتها اقتصادياً ولكن أعتقد بأنها ستبحث عن وسائل من شأنها ألا تعرضها لعقوبات.
الوقت: بما يخص العقوبات المفروضة على سورية هل سيتم حلها أو تقليصها بعودة سورية إلى جامعة الدول العربية؟
العمري: فيما يتعلق بالعقوبات هي عقوبات أحادية الجانب سواء من الاتحاد الأوروبي، أو من الولايات المتحدة الأمريكية، من طبيعة الحال أن عودة العلاقات العربية مع سوريا من شأنها أن تعيد فتح الحدود وهذا يشكل نوعا ما تنفسا للاقتصاد السوري جزئيا وهنا لا نتحدث بشكل كلي، لا يمكن لهذه الدول أن تمارس نوعاً من كسر القيود المفروضة على سوريا، بل يمكن أن تحقق خرقاً، وأن تدفع نحو تقليص هذه القيود وخاصة أن بعض الدول التي تفرض العقوبات على سوريا هي حليفة لبعض الدول العربية ولديها مصلحة مشتركة، وبالتالي اليوم يمكن لهذه الدول أن تحاول سواء من خلال ممارسة الضغوط على الدول التي تفرض العقوبات، أو من خلال القيام بدور الوساطة بين سوريا وبعض الدول الأوروبية، وحتى دول أوروبا مع الولايات المتحدة الأمريكية، وفق ما سرب من معلومات عن الدور العماني على سبيل المثال في إجراء أو استضافة المحادثات السورية الأميركية في عمان.
