الوقت- شهد عام 2022 زيادة التمثيل على المسرح العالمي للدول العربية في الخليج الفارسي. وبينما كان الرئيس الأمريكي جو بايدن وقادة غربيون آخرون يتطلعون إلى محمد بن سلمان ولي عهد المملكة العربية السعودية للحصول على إمدادات النفط والطاقة، واجهت العديد من الدول الأوروبية تحديات في مجال الطاقة بسبب الحرب في أوكرانيا، وهذا الوضع جعل الغرب يتطلع إلى غرب آسيا من أجل إمدادات الطاقة. وفي الوقت نفسه، أظهرت زيارة الرئيس الصيني شي جين بينغ إلى الرياض في الأيام الأولى من عام 2023، وزيادة التعاون بين المملكة العربية السعودية وروسيا في مجال سياسات الطاقة، بما في ذلك خفض إنتاج "أوبك +"، أن الرياض تسعى إلى النأي بنفسها عن واشنطن. .
استمرار تهميش البحرين في دول مجلس التعاون الخليجي
في عام 2022، تحسنت علاقات الإمارات والسعودية مع قطر بشكل ملحوظ، وبينما كانت قطر تحت حصار جيرانها في مجلس التعاون الخليجي منذ عام 2017، كان عام 2022 عام المصالحة القطرية الكاملة مع الرياض وأبو ظبي. في الوقت نفسه، في عام 2022، لم نشهد الكثير من التحركات من البحرين، وعلى عكس الإمارات والسعودية، لم يتخذ البحرينيون خطوة للاقتراب من قطر. لذلك، من المتوقع أنه في عام 2023، ستستمر البحرين في لعب دور هامشي في مجلس التعاون الخليجي وستكون أقل مشاركة في العمليات الدبلوماسية لهذا المجلس. ولا توجد مؤشرات على أن البحرين ستتجه نحو لعب دور أكثر بروزًا في عام 2023. وحتى خلال كأس العالم في قطر، على الرغم من حقيقة أن الدوحة استضافت رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة وولي عهد المملكة العربية السعودية، لم يشارك في هذا الحدث أي مسؤول رفيع المستوى من البحرين.
وحتى في حين أن العديد من الفنادق في دبي والرياض استضافت مشاركين وسائحين في مونديال قطر، كانت البحرين أقل تأثراً بالحدث الرياضي الدولي في قطر من جيرانها العرب الآخرين، والذي قد يكون بسبب برودة العلاقات مع الدوحة. وعلى صعيد متصل، تفيد تقارير عربية جديدة بأن الكويت على الأرجح، بصفتها عضوًا آخر في مجلس التعاون الخليجي، ستستمر في دورها التقليدي كدولة محايدة ووسيطة في المنطقة في العام الجديد، ومن المرجح أيضًا أن تفكر قطر في استضافة الأحداث الدولية. وتتوافق هذه الخطوات الطويلة والمبهجة التي اتخذتها قطر مع هدفها المتمثل في استخدام القوة الناعمة للدبلوماسية، ومن المرجح أن يفكر القطريون في استضافة دورة الألعاب الأولمبية الصيفية لعام 2036 في المستقبل القريب.
الحرب في اليمن
الحرب في اليمن هي الشغل الشاغل السياسي الآخر في غرب آسيا، والتي ستدخل عامها التاسع في ربيع عام 2023. وخلال العام الماضي، لم تكن هناك حرب ولا سلام في اليمن، وبسبب استمرار الهجمات المتقطعة للمملكة العربية السعودية، لا يمكن تسمية هذا الوضع بوقف إطلاق النار. ومع ذلك، من وجهة نظر الأمن، فإن مظهر "لا حرب ولا سلام" في اليمن سيكون الوضع الأكثر ترجيحًا في هذا البلد في عام 2023. وهناك عدة أسباب لاستمرار هذا الوضع: فمن ناحية، لا يمارس الحلفاء الغربيون وحتى الأمم المتحدة ضغوطًا على السعودية لوقف الحرب، وأزمة الطاقة جعلت الوضع الإنساني اليمني ليس أولوية بالنسبة للغرب. ومن ناحية أخرى، السعودية غير قادرة على شن حرب واسعة النطاق وهجمات متواصلة ضد اليمن، لأن اليمنيين لديهم القدرة على الرد على السعوديين والإماراتيين بالصواريخ الباليستية وسبق أن هاجموا مطار دبي وأرامكو ومنشآت جدة النفطية. لذلك، سيكون استمرار الوضع غير المستقر الحالي في اليمن هو الوضع الأكثر ترجيحًا في هذا البلد الذي مزقته الحرب في عام 2023. ويقول الدكتور توماس جونو، الأستاذ المساعد في كلية جامعة أوتاوا، إن "عدم قدرة القوات المدعومة من السعودية في اليمن على تشكيل جبهة مشتركة ضد صنعاء هو أحد أهم أسباب استمرار حالة "اللاحرب واللاسلم" الحالية في اليمن".
فشل عهود إبراهام
عملية تطبيع العلاقات بين العرب وتل أبيب في عام 2023 تعتمد قبل كل شيء على كفاءة المتطرف في تل أبيب. وبالنظر إلى أن المتطرفين الذين حكموا تل أبيب أعطوا الأولوية للعرب داخل فلسطين بدلاً من العرب خارج حدود فلسطين، فمن الصعب أن نتوقع أن يكون عام 2023 فرصة لتطبيع العلاقات مع بعض الدول العربية. إن المتطرفين في تل أبيب لديهم توجه انعزالي، وبالنسبة لهم السياسة الداخلية تأتي قبل السياسة الخارجية. وفي الوقت نفسه، من المحتمل أن تؤدي الأعمال الحادة والمتطرفة للغاية للصهاينة المتدينين، والتي تسود الآن في تل أبيب، إلى حدوث بعض التوترات في العلاقات مع الدول الغربية والولايات المتحدة. وفي الشهر الماضي، علقت الشرطة الدولية التابعة للاتحاد الأوروبي علاقاتها مع تل أبيب وأوقفتها مؤقتًا بسبب فاعلية المتطرفين.
ومن ناحية أخرى، كان أحد الدوافع الرئيسية لتطبيع العلاقات بين تل أبيب وبعض الدول العربية إصرار الحكومة الأمريكية آنذاك برئاسة ترامب. لذلك، في حال حدوث توتر في العلاقات بين تل أبيب والدول الغربية والولايات المتحدة، لا يتوقع أن يكون هناك حافزا لتطبيع العلاقات بين بعض الدول العربية وتل أبيب. وحتى أشخاص مثل "بن جرير" في تل أبيب يرددون شعار احتلال كامل للضفة الغربية، وفي هذه الحالة، باعتبار أن احتلال الضفة الغربية يعد انتهاكًا لقرارات الأمم المتحدة، فإن احتمال حدوث توتر بين واشنطن وتل أبيب سيحدث، ونتيجة لذلك، فإن احتمالية استئناف عملية تطبيع العلاقات بين العرب والنظام الصهيوني خلال حكم المتطرفين في تل أبيب ستكون مستحيلة.
الآثار طويلة المدى للحرب في أوكرانيا
لقد كانت حرب روسيا في أوكرانيا عاملاً رئيسًا في تغيير قواعد اللعبة في الشؤون العالمية، وآثارها محسوسة في جميع أنحاء الشرق الأوسط. ومع اندلاع هذه الحرب، تفاقمت جميع المشاكل العالمية مثل المجاعة، وارتفاع أسعار الغذاء والطاقة، وزيادة الديون، وأدى هذا الوضع إلى التنبؤ بنظرة مستقبلية سلبية للاقتصاد العالمي. ومن ناحية أخرى، فإن مخاطر الأمن الغذائي العالمي مرتفعة للغاية بالنسبة لدول مجلس التعاون الخليجي، ويمكن أن تؤثر الزيادة في أسعار المواد الغذائية على الاستقرار الإقليمي والدولي لهذه البلدان. وتواجه الدول العربية / الإفريقية مثل مصر ولبنان والأردن والصومال والسودان تحديات خطيرة تتعلق بالأمن الغذائي، والتي من المحتمل أن تجعل دول مجلس التعاون الخليجي تساعدها في الأزمة. وحول هذا السياق، يقول خبير إقليمي: "هناك أسباب مقنعة تظهر أن قفزة أسعار الغذاء العالمية في عام 2008 كانت عاملا فعالا أو سببا لعدم الاستقرار السياسي في سوريا وليبيا وتونس، وإذا استمر انعدام الأمن الغذائي في عام 2023، فإنه سيمكننا أن نشهد بعض الدوافع السياسية بين دول المنطقة. كما أن مخاطر الأمن الغذائي العالمي مرتفعة للغاية بالنسبة لدول مجلس التعاون الخليجي، ويمكن أن تؤثر الزيادة في أسعار المواد الغذائية على الاستقرار الإقليمي والدولي لهذه البلدان.
