الوقت- مؤخرا ضجت مواقع الإعلام العبرية بالعديد من التقارير،حيث إنه وخلال الفترة القليلة الماضية صدرت العديد من التقارير حول حالة الخوف والهلع التي يعيشها الكيان الصهيوني بسبب تزايد عمليات المقاومة، حيث وضعت التقارير الكيان الصهيوني امام العديد من السيناريوهات الخطيرة، وفي السياق نفسه وخلال الأيام الاخيرة ظهرت تحذيرات من تراجع معدلات التجنيد في الخدمة العسكرية في صفوف جيش كيان الاحتلال الصهيوني، وطرحت العديد من التساؤلات حول تأثير ظاهرة الهروب على مدى جاهزية ما يسمى جيش الاحتلال في التصدي للتهديدات القادمة، وخاصة مع تنامي المخاطر الأمنية والعسكرية حسب ما جاء في وسائل الإعلام الصهيونية.
وفي هذا الصدد وفي وقتٍ سابق قال وزير مخابرات الكيان الصهيوني السابق الجنرال إليعازر شتيرن، إن "تراجع معدلات التجنيد في صفوف الجيش من شأنه أن يساهم بصورة سلبية في تآكل "الصمود الوطني" لدى الإسرائيليين، لأن الشبان الذين يفترض أن يكونوا في وحداتهم العسكرية من الواضح أنهم نسوا واجبهم، لأنهم يبذلون جهودا حثيثة للحصول على إعفاء من الخدمة العسكرية، ولعل النظر إلى البيانات "المتواضعة" يضعنا أننا أمام مشكلة حقيقية للجيش، ولا بد من إيجاد الحلول لها".
التصريحات السابقة وكذلك التقارير الاخيرة التي نشرت تُظهر بما لايدع مجالاً للشك أن الكيان الصهيوني يعاني من العديد من الصعوبات بعضها يتعلق بنوعية العمليات التي يقوم بها أبناء الشعب الفلسطيني ضد كيان الاحتلال وبعضها يتعلق بالوضع الداخلي للكيان الصهيوني وفي هذا السياق يمكن القول إن الخوف الكبير لدى جيش الكيان الصهيوني يتمثل بالوضع الامني الذي فشل الكيان الصهيوني فيه فشلاً ذريعاً.
تتنامى ظاهرة الهروب في أوساط جنود الكيان الصهيوني
صدرت العديد من التقارير حول تهرُّب الشباب في الكيان الصهيوني من الخدمة العسكرية حيث سبق وأن قال رئيس هيئة الأركان العامة الجنرال (غابي أشكنازي) لكيان الاحتلال الصهيوني بأن هذه الظاهرة «تنهش المجتمع والجيش في إسرائيل» في هذا السياق موخراً أعربت الدوائر الأمنية في الكيان الصهيوني عن قلقها إزاء الانخفاض الحاد في عدد الأشخاص الذين ينضمون إلى الجيش الإسرائيلي لأداء الخدمة الإلزامية، وفي هذا السياق كتبت صحيفة إسرائيل هم في تقرير ذي صلة: إن مستقبل الخدمة الإلزامية في الجيش الصهيوني وحتى الخدمة في الوحدات المدنية في العقدين المقبلين مقلق للغاية وتسبب في إحداث الأمن والجيش، حيث أشار قادة الكيان المحتل إلى أن الزيادة في الهروب أصبحت على نطاق واسع وفي هذا السياق تم التحذير من ارتفاع عدد الفارين من الجيش.
وفي هذا الصدد جاءت التقارير والإحصاءات بالأرقام لتبين هذا الوضع بشكل دقيق وحسب التقرير ، فإن متوسط عدد الأشخاص الذين يؤدون الخدمة العسكرية في "الجيش الإسرائيلي" لن يتجاوز 41٪ من إجمالي الإسرائيليين في عام 2025 ، في حين أن عدد الإسرائيليين الموجودين في وحدات مدنية (معفاة من القتال) سوف يصل أيضًا إلى 6.3٪ حيث ستتجاوز نسبة الهروب 52.3٪ ، وهو رقم غير مسبوق منذ قيام كيان الاحتلال الصهيوني وإقرار قانون الخدمة العسكرية الإجبارية.ووفقًاً للتوقعات الواردة في هذا الإعلام العبري ، من بين 241000 شابًا سيصلون إلى سن 18 في إسرائيل عام 2050 وسيتعين عليهم أداء الخدمة العسكرية ، سينضم 99.200 شخص فقط إلى الجيش ، وسيذهب 15300 شخص إلى الخدمة المدنية والمدنية. وبالمقابل 126 ألف شخص لن ينضموا للجيش إطلاقا.
الأسباب
إن سبب تنامي ظاهر الهروب من الخدمة في الجيش الصهيوني تعود إلى عدة أسباب حيث من الواضح أن الشباب اليهود غدوا أقل حماسة للتجند، وأقل رغبة للانخراط ضمن وحداته القتالية،فالخوف من الموت شكل دافعاً أساسياً أمام الشباب الإسرائيليين، للتهرب من الانخراط في صفوف الجيش، هذا الخوف تنامى مع تصاعد خسائر الجيش البشرية بفعل المقاومة في الفترة الاخيرة . وعلى إثر الحروب الأخيرة التي خاضها جيش الكيان الصهيوني في لبنان والأراضي الفلسطينية تزايدت المطالبات الرسمية والشعبية بتشكيل لجان للتحقيق في “الهزائم” التي مني بها الجيش الصهيوني، ومحاسبة الجنرالات المسؤولين عن "العار" الذي لحق بكيان الاحتلال ، حيث فقدت مؤسسات الكيان العسكرية مصداقيتها، وتراجعت قدرتها على إدارة قيادة جيش الاحتلال الصهيوني.
في هذا الصدد فإن الهزائم التي تلقاها جنود الاحتلال قد هزت ما تسمى قدرات جيش الاحتلال المزعومة، حيث إن تجارب المقاومة الفلسطينية لا تزال عالقة بأذهان الجنودالصهاينة، فعمليات المقاوميين أسهمت بزيادة الخوف والرعب لدى جنود الاحتلال، ولهذا يمكن القول إن فرار الجنود الإسرائيليين من الخدمة العسكرية أحد أسبابها البارزة هو شراسة المقاومة الفلسطينية التي واجهها جنود الاحتلال والتي دفعتهم إلى الهروب من الجيش،فالجنود الصهيانية باتوا يخشون الأسر أو القتل أو الإعاقة، وهنا يمكن إضافة سبب اخر فعدم تحقق الوعود وعدم قدرة قادة الكيان الصهيوني على حسم الحروب التقليدية جعل الجنود يتجهون نحو اللذة في "إسرائيل" ولهذه الأسباب بات الهروب من الخدمة في جيش الكيان الصهيوني واضحاً.
ظاهرة تهدد بقاء الكيان الصهيوني
ظاهرة الهروب من الخدمة في جيش الاحتلال الصهيوني تهدد بقاء الكيان الصهيوني أكثر من أي وقت سابق. فهذا الهروب المتزايد في الفترة الاخيرة والذي ظهر بشكل واضح من خلال التقارير و وسائل الاعلام العبرية لابد أن له عواقب وخيمة على كيان الاحتلال الصهيوني حيث انه يؤدي إلى ضعف جيش الاحتلال الصهيوني فعمليات التوعية والتثقيف لحث الشباب الصهاينة على الالتحاق بالخدمة العسكرية فشلت.خلال عام 2020م بلغت نسبة التهرب بين الشباب المرشحين إلى الخدمة العسكرية إلى الثلث، وهو ما وصفه (عوفير شيلح) رئيس لجنة مراقبة الدولة بالكنيست بـ (انهيار الدولة). وهنا يتضح جلياً أن الكيان الذي قام على العصابات المسلحة من الطبيعي أن يكون مُعرضا للانهيار ، خلافاً للمجتمعات الطبيعية التي تتمكن مع الوقت من استعادة تماسكها بعد الأزمات.
محاولات فاشلة
بعد تفشي هذه الظاهرة التي تهدد الكيان الصهيوني يحاول الكيان الصهيوني إجراء استطلاعات إسرائيلية للرأي لكي تُظهر ثقة الإسرائيليين بجيشهم، ولكن النتائج كانت عكسية حيث بينت استطلاعات الرأي الإسرائيلية انخفاضا واضحا ومعدوم الثقة بجيش الإحتلال، إضافة إلى ذلك فإن قسم علوم السلوك في الجيش الصهيوني سعى على سؤال جنوده عن رأي الإسرائيليين في مهنتهم العسكرية، وبعد أن صُنفت بأنها "اعتبارية"، فقد تراجعت هذه النظرة بأعينهم، وباتوا مقتنعين بأنهم "كومة من المتعطلين"، ومع هذه الصورة القاسية يصعب بث روح حقيقية في الجيش والانتصار في الحرب.وكان رئيس هيئة أركان الجيش السابق "أمنون ليبكين شاحاك" قد أحسن الوصف بقوله "كم ابتعدنا عن الأيام التي شكل فيها الزي العسكري مصدر فخر واعتزاز، ولم يعد التهرب من الخدمة العسكرية وصمة عار".
في النهاية إن "الجيش الإسرائيلي" يفتقر للدافعية القتالية والتي تعد أحد أبرز الثغرات في جيش الاحتلال، وهذا يدل على أن الجيش الصهيوني عديم الجاهزية لأي معركة قادمة،فعدم وجود الحافزية عند الجنود والضباط لخوض القتال جعله يخاف الموت إضافة إلى ذلك فإن الجندي الصهيوني يقاتل من أجل أهداف وغايات سياسية وشخصية تتعلق بمصالح، فهو يرى ويجد نفسه متورطاً بحرب صنعها قادته من ناحية، ويكتشف الزيف والتضليل في أسباب اندلاعها من ناحية أخرى، لهذا فإن الإحباط يتنامى بداخله ليتحول إلى يأس وقنوط. وبما أنه يخشى من هكذا قتال ولا يرى فيه جدوى، وأنه مجبر على مواصلة القتال والخدمة لذا يتجه صوب الهروب الأبدي عبر الانتحار أو الهروب والتملص من أداء الخدمة على خطوط المواجهة، ولا حل لهذه الظواهر المتنامية في صفوف الجيش الإسرائيلي إلا بإنهاء الاحتلال وإرجاع الحق لأهله.
