الوقت - بينما أعلنت إيران دائمًا عن استعدادها لتعزيز علاقات الجوار وتقوية العلاقات الشاملة القائمة على المصالح المشتركة مع المشيخات العربية في الخليج الفارسي وطالبت بحل الخلافات في المنطقة، إلا أن الحكام العرب وبتعليمات من الغربيين والصهاينة، يواصلون التحرك في اتجاه خلق التوتر.
وفي هذا الصدد، اتخذ وزراء خارجية الدول الأعضاء في مجلس التعاون مواقف ضد إيران يوم الأربعاء الماضي، خلال اجتماع في الرياض برئاسة وزير خارجية السعودية فيصل بن فرحان آل سعود.
حيث جدَّد هذا المجلس في البيان الختامي للاجتماع، ادعاء الإمارات الباطل بشأن الجزر الثلاث، تنب الکبرى وتنب الصغرى وأبو موسى، ودعا طهران إلى التفاوض مع أبوظبي بشأن هذه القضية، في طلب وهمي ووقح.
والنقطة المهمة هي أن هذا الموقف التدخلي السخيف لمجلس التعاون، تكرر قبل يوم واحد في اجتماع وزراء دول الجامعة العربية الذي عقد في مصر، وهو يظهر الدور الذي لعبه السعوديون والإماراتيون في إدراج هذا البند الهدام والمولد للتوتر في بيان اجتماع جامعة الدول العربية.
أن يکون بيان العرب مليئًا بالاتهامات الباطلة ضد إيران، يشير بوضوح إلی حقيقة أن هذه الدول التي لم تتمكن من تحقيق النجاح ضد طهران في المنطقة، تحاول إخفاء إخفاقاتها بمثل هذه الاتهامات.
إن إصدار هذه البيانات يثبت أولاً أن سياسات إيران الإقليمية في الحفاظ على أمن واستقرار المنطقة والدفاع عن المصالح الوطنية للبلاد، وخاصةً في مجال تعزيز القاعدة الدفاعية، من خلال القوة الصاروخية والطائرات المسيرة، هي سياسات واقعية تمامًا وبعيدة النظر، وستتبع طهران هذا المسار في المستقبل أيضًا، وستمضي قدمًا بقوة وإصرار.
من ناحية أخرى، تكشف هذه البيانات التدخلية العوامل الرئيسية في خلق حالة من عدم الاستقرار وإثارة التوتر وتهديد الحدود الدولية في المنطقة، وهو ما تقف ضده الجمهورية الإسلامية.
وغني عن القول إن معظم الأزمات الحالية في غرب آسيا ترجع إلى السياسات التدميرية للسعودية والإمارات، والتي تسببت بإشعال نيران الحرب في اليمن وسوريا ومقتل آلاف الأشخاص وتشريد ملايين آخرين.
العين بالعين
تكرر الإمارات مطالبات إقليمية لا أساس لها ضد إيران، بينما لم تمر سوی عقود قليلة على تأسيسها. لكن إيران لها تاريخ يعود إلى آلاف السنين، وفي يوم من الأيام کانت أكبر إمبراطورية في العالم، وتظهر الخرائط القديمة أيضًا امتداد أراضي إيران خارج الحدود العربية.
فإذا كان یفترض بالإمارات أن تفکر حتی في احتلال الجزر الإيرانية الثلاث بادعاءات لا أساس لها من الصحة، فبإمکان إيران أيضًا أن تثير مثل هذه الادعاءات ضد البحرين، التي انفصلت عن الأراضي الإيرانية قبل 50 عامًا في العهد البهلوي بالتآمر البريطاني، وتعيد البحرين إلى وطنها الأصلي مرةً أخرى، وعلى عكس الإمارات التي تستند ادعاءاتها إلى افتراضات وأوهام، تمتلك إيران أسسًا تاريخيةً لمطالباتها.
تطمع الإمارات في احتلال أجزاء من أراضي إيران، بينما أولاً أظهر الإيرانيون عبر التاريخ أنهم سيقطعون يد أي معتد يريد الوصول إلى حدود بلادهم، وثانيًا، هذه المزاعم السخيفة صادرة عن عائلة غير قادرة على توفير أمن نفسها، وعهدت بأمنها لأمريكا والصهاينة لضمان عرش آل نهيان.
أيضًا، تسعى السلطات السعودية والإماراتية إلى تصعيد التوتر مع إيران، بينما لا تستطيع حتى مواجهة اليمنيين. لقد نسى الإماراتيون والسعوديون مصادرة القوارب الأمريكية في البحر الأحمر والخليج الفارسي، وهو الأمر الذي أصبح حدثًا يوميًا، وحتى سيدهم الأمريکي لا حول له ولا قوة أمام القوة العسكرية الإيرانية، ولا يمكنه حتى الدفاع عن أمن معداته.
على قطر وسلطنة عمان توخي الحذر
بالنظر إلى أن بيان وزراء مجلس التعاون قد تمت الموافقة عليه من قبل جميع الأعضاء الحاضرين في اجتماع الرياض، وبالتالي فإن دولًا مثل قطر وسلطنة عمان ستكون مسؤولةً عمليًا عن مثل هذه البيانات.
أقامت سلطنة عمان وقطر في السنوات الأخيرة علاقات جيدة مبنية على حسن الجوار وتعزيز التعاون مع طهران، ويمكن أن تؤدي نتيجة ذلك إلى تشكيل نمط من العلاقات بين إيران ومجلس التعاون على أساس رابح-رابح.
لذلك، لا تتوقع سلطات طهران أن تتخذ الدوحة ومسقط موقفاً معادياً لإيران لقربهما من النظام السعودي والإماراتي. كما أن الادعاء بقبولهم للتصريحات المعادية لإيران تحت ضغط الرياض وأبو ظبي، أمر غير مقبول بالنسبة لطهران، ويجب على رجال الدولة في قطر وسلطنة عمان أن يدركوا حقيقة أنه لا ينبغي لهم اللعب في ملعب الإمارات والسعودية.
وبما أنهم يستضيفون قواعد أمريكية في أراضيهم، ففي حال حدوث توتر في المنطقة، لن تكون السعودية وأبو ظبي وحتى الولايات المتحدة على استعداد للدفاع عن أمن قطر وسلطنة عمان، ومن الأفضل مراعاة جميع الجوانب في سياساتهم الإقليمية.
تأتي المواقف المعادية لإيران في البيان الأخير لمجلس التعاون، في حين أن إيران حذرت يوم الأربعاء الماضي الدول العربية في المنطقة التي حولت أراضيها إلى قاعدة للولايات المتحدة والکيان الصهيوني، بأنها ستتخذ أي إجراء للدفاع عن أمنها القومي في حال وجود تهديدات.
لذلك، بعد هذه التحذيرات، فإن السعوديين والإماراتيين وبدلاً من الامتناع عن اتخاذ المواقف الحادة ضد إيران، حتى لا يغضبوا هذا البلد، يقومون بإثارة الجدل والتوتر.
کذلك، يأتي ادعاء العرب الجديد ضد إيران، بينما أعلنت سلطات الإمارات والسعودية في العام الماضي، أنهم يريدون إنهاء الخلافات مع طهران بالوسائل الدبلوماسية، لكنهم أظهروا عمليًا أنهم لم يجروا أي تغيير في سياساتهم تجاه طهران.