الوقت- أثارت تصريحات أهم سياسي معارض لأردوغان بشأن نظام الصواريخ الروسي S-400، جدلاً سياسيًا.
كمال قلجدار أوغلي، زعيم حزب الشعب الجمهوري، الذي تمكن من جمع كل معارضي أردوغان تحت سقف واحد، انتقد في مقابلة تلفزيونية بشدة تحرك تركيا لشراء نظام S-400، وفي المقابل انتقد قادة الحزب الحاكم في تركيا زعيم حزب الشعب الجمهوري، ووصفوه بالخائن.
وجاءت تصريحات قلجدار أوغلي بينما، إضافة إلى المعارضة الداخلية، أصبحت بعض المؤسسات السياسية والدفاعية الأمريكية وأعضاء مجلس الشيوخ حساسين تجاه تطور العلاقات بين أنقرة وموسكو.
أي بلد تريدون ضربه؟
قال كمال قلجدار أوغلي زعيم حزب الشعب الجمهوري في مقابلة مع بي بي سي: "يجب أن يستند فهم سياستنا الخارجية والدفاعية إلى الواقع. تركيا عضو في الناتو ويجب ألا تمتلك أسلحةً تتعارض مع الناتو. ما زلت لا أفهم لماذا اشترينا صاروخ S-400 الروسي. لقد سألت مرات عديدة وسأسأل مرةً أخرى: أي دولة تريدون أن تضربوا بهذه الصواريخ؟ هل تضربون اليونان، الجارة والعضو المتحالف في الناتو؟ هل تريدون مهاجمة إيران ونحن لم نشهد حرباً منذ قصر شيرين؟ هل تريدون أن تضربوا سوريا؟ هل تريدون أن تضربوا روسيا بالصاروخ الروسي؟ ما هو منطقكم في فرض كل هذه التكاليف السياسية والاقتصادية على البلد؟"
رداً على ذلك، قال "بلند طوران" عضو هيئة رئاسة البرلمان وممثل بارز عن حزب العدالة والتنمية: "هل تعلمون أن الإعلام اليوناني يسلط الضوء علی كلامكم؟ أوقفوا هذه التصريحات الخادعة واعلموا أن هذه النفقات ضرورية لأمن تركيا".
كيف کبحت روسيا جماح تركيا؟
تظهر العلاقات السياسية والاقتصادية بين أنقرة وموسكو، ظاهريًا، أن أردوغان حصل على امتيازات عالية من بوتين، لكن الحقيقة هي أن بوتين تمكن من كبح أردوغان بأدوات وأساليب ذكية.
ومن الأمثلة الواضحة على هذه القضية، موقف أردوغان ونهجه وقراره في الملف السوري. في الأشهر القليلة الماضية، أعلن أردوغان مرارًا أنه سيهاجم عمق 30 كيلومترًا في منطقة شاسعة من شمال سوريا. وقد تجمعت جميع القوات العملياتية للجيش الترکي والمعارضة السورية خلف الحدود في انتظار الهجوم. لكن الضوء الأحمر لبوتين أوقف العملية.
لقد أظهرت الأدلة أن أردوغان لم يستطع الحصول على إذن من بوتين لمهاجمة سوريا، وحتى الهدف الجديد المتمثل في سياسة التطبيع في العلاقات بين أنقرة ودمشق، هو خطة أوصى بها بوتين لأردوغان.
إن الأرباح البالغة مليارات الدولارات بفعل نقل الغاز الروسي في مشروع "ترك ستريم"، دعم بوتين لتحركات تركيا في آسيا الوسطى والقوقاز، قيام روسيا بإنشاء محطة للطاقة النووية في تركيا، نشاط عشرات الشركات والمقاولين الأتراك في روسيا بأرباح تقدر بمئات الملايين من الدولارات، وعدة عوامل أخرى وفَّرت لبوتين أدوات فعالة ومهمة لاحتواء تركيا.
وكانت إحدى سياسات بوتين الذكية في السنوات الخمس الماضية، هي الاستخدام الإيجابي لعهد دونالد ترامب. حيث تمكن بوتين من إبعاد تركيا عن الولايات المتحدة وجعلها أقرب إلى روسيا، وفي غضون ذلك، كان بيع نظام الصواريخ S-400 إلى تركيا عاملاً محفزًا مهمًا وحيويًا للغاية.
وجهة نظر السياسيين الأتراك تجاه روسيا
بطبيعة الحال، يرغب معظم السياسيين الكماليين والاشتراكيين الديمقراطيين والأحزاب المنتقدة لأردوغان في تطوير العلاقات بين تركيا والغرب، وأن يكون لديهم موقف سلبي تجاه تطوير علاقات أنقرة مع موسكو وبكين.
وفي الجبهة المقابلة أيضًا، يريد بعض الإسلاميين المتطرفين المناهضين لأمريكا انسحاب تركيا الفوري من الناتو، وإنهاء جميع العلاقات مع الولايات المتحدة وأوروبا.
في غضون ذلك، يعتبر بعض الإسلاميين الصين وروسيا رمزين للشيوعية، ويعتقدون أن تركيا يجب ألا تتواصل معهم أيضًا. لكن جزءًا صغيرًا من المحافظين وجزءًا مهمًا من اليساريين يريدون تطوير علاقات تركيا مع روسيا والصين.
دوغو برينجك، زعيم حزب الوطن الشيوعي، هو أحد أهم الدعاة لتطور العلاقات بين روسيا وتركيا. حيث بالغ في وجهات النظر حول آثار وإنجازات تطوير العلاقات بين أنقرة وموسكو. واليوم، ورد في صحيفة أيدنلاك، وهي الجهاز الإعلامي لحزب الوطن الشيوعي، أن مقتل ابنة ألكسندر دوغين الروسي مرتبط بتطور العلاقات التركية الروسية.
وقال برينجك إن دوغين كان المهندس والمدافع عن تطور العلاقات بين روسيا وتركيا، وأن الأعداء قتلوا ابنته حتى لا تتطور هذه العلاقة أكثر.
موسكو - أنقرة وانتخابات 2023
النتيجة التي تريدها روسيا من انتخابات 2023، هي فوز رجب طيب أردوغان واستمرار حکم حزب العدالة والتنمية.
ومع ذلك، تشير الدلائل إلى أن الحزب الحاكم في تركيا في طريقه إلى التراجع والفشل، ومن المرجح جدًا أن تقع السلطة في أيدي تحالف من 6 أحزاب معارضة لأردوغان.
وفي مثل هذه الظروف، على المرء أن يسأل: هل سيؤدي تسليم السلطة في أنقرة إلى تغيير في اتجاه العلاقات المستقبلية بين تركيا وروسيا؟
للإجابة عن ذلك، يمكننا أن نقول إن مواضيع مهمة جداً مثل نشاط خط نقل الغاز المعروف بـ "ترك ستريم" ونقل الغاز الروسي عبر البحر الأسود وتركيا إلى أوروبا، قيام روسيا بإنشاء أول محطة للطاقة النووية في تركيا، سفر ملايين السائحين الروس إلى تركيا وتصدير المنتجات الزراعية التركية إلى روسيا، أوجدت بشكل عام ظروفًا أدت إلى استمرار اعتماد تركيا الاقتصادي على روسيا، وفي المقابل، تحصل روسيا أيضًا على أرباح عالية.
لكن يمكن توقع حدوث أشياء جديدة في مجال الأمن والدفاع، وإذا وصل خصوم أردوغان إلى السلطة، فإن تركيا ستقترب أكثر من أي وقت مضى من أمريكا وأوروبا وستبتعد عن روسيا والصين.
وفي الختام ينبغي القول إن العلاقات بين أنقرة وروسيا شهدت نموًا وتطورًا سريعًا في جميع المجالات في السنوات القليلة الماضية، وكان أحد نجاحات النظام الدبلوماسي التركي الحصول علی الكثير من التنازلات من روسيا.
ومع ذلك، من منظور إقليمي وعبر إقليمي، كانت روسيا هي التي استطاعت إدارة جزء من سياسات تركيا في وقت حرج وثمين، واستخدام قدرات هذا البلد في اتجاه أهدافها.
