الوقت - هجمات الولايات المتحدة الجديدة على قوات الحشد الشعبي على الحدود مع سوريا، الذين هم في طليعة مكافحة الإرهاب ومكلفون بحراسة الحدود الحساسة بين البوكمال والقائم، وهي الممر الرئيس لإرهابيي داعش من سوريا إلى العراق والعكس، تثبت مرةً أخرى مدى عداء أمريكا لأمن ومصالح الشعب العراقي من ناحية، وتحالفها مع الإرهابيين من ناحية أخرى.
في الواقع، مع مرور الوقت وتزايد الضغط على القوات الإرهابية الأمريكية في العراق لمغادرة هذا البلد، يصبح تعاون واشنطن الخفي وعلاقاتها مع إرهابيي داعش أكثر وضوحًا.
الولايات المتحدة التي مهدت في عهد باراك أوباما الطريق لتشكيل داعش من أجل العودة العسكرية إلى العراق، وفقاً لاعترافات هيلاري كلينتون، في الظروف الجديدة أيضًا ومع اشتداد الضغط العام والقانوني لإنهاء الاحتلال الأمريكي للعراق، لجأت مرةً أخرى إلى ذريعة تهديد إرهاب داعش لتبرير وجودها غير الشرعي والمسبب للأزمات.
تحتفظ الولايات المتحدة بحوالي عشرة آلاف من مقاتلي داعش في شمال سوريا کأسری، وتستخدمهم كقنبلة موقوتة لزعزعة استقرار سوريا والعراق.
انتحار بايدن السياسي
لا شك أن الهجمات الإرهابية الأمريكية على القوات الشعبية العراقية يجب أن تعتبر خطوةً يائسةً ومربكةً من قبل المسؤولين الأمريكيين للخروج من وضعهم المتأزم في العراق، وليس خطوةً استراتيجيةً تهدف إلى إضعاف الحشد الشعبي.
وقد أظهرت التجربة أنه في كل مرة كان هناك اعتداء وهجوم على قوات الحشد الشعبي من قبل الولايات المتحدة، ليس فقط لم تتخذ هذه القوات موقعًا دفاعيًا، بل ردت بقوة أكبر على الهجمات الأمريكية، ما عرض مصالح وأمن القوات والمعدات والقواعد الأمريكية للخطر.
والآن أيضًا، وبعد هذا الهجوم مباشرةً، توعدت مجموعات مختلفة من الحشد الشعبي بالثأر، وتستعد لتلقين الإرهابيين الأمريكيين دروسًا قاسيةً.
وعليه، يجب اعتبار إجراءات الأمريكيين هذه نوعًا من الانتحار العسكري والسياسي بالطريقة الداعشية. لأنه من بعد آخر، يکون البيت الأبيض بهذا الإجراء قد أصدر الإذن اللازم لتنفيذ مشروع طرد الولايات المتحدة، ولم تعد هنالك قوة لديها القدرة علی الدفاع عن ضبط النفس أمام استمرار غطرسة واشنطن والتفافها علی قانون البرلمان العراقي وسيادة الشعب العراقي وإرادته العامة.
وقد وصل الوضع الآن إلى درجة اضطر فيها الكاظمي إلی الحديث عن إنجازات مهمة فيما يتعلق بجدولة انسحاب القوات الأمريكية، وذلك من أجل تهدئة الرأي العام وإظهار الجدية في متابعة قضية انسحاب القوات الأجنبية من العراق.
وهذا يعتبر بالتأكيد هزيمةً كبيرةً للبيت الأبيض وفريق الأمن القومي بالبيت الأبيض أمام المقاومة. وفي الواقع، في كل مرة تكرر فيها الولايات المتحدة مثل هذه المحاولات اليائسة، فإنها تغرق في مستنقع الترحيل من العراق أکثر فأکثر، دون أن تكسب شيئًا.
من ناحية أخرى، أظهر الحشد الشعبي أنه، إلى جانب الجيش العراقي والقوات العسكرية الرسمية الأخرى، أتقن کيفية تنفيذ مهمة قمع تنظيم داعش والإرهابيين التكفيريين.
واليوم فإن أي جغرافية للعراق والمنطقة توجد فيها قوى المقاومة، ليست مكانًا آمنًا للإرهاب التكفيري المدعوم من الغرب والرجعية العربية. ولذلك، لن تؤثر الهجمات الأمريكية على قدرة واستعداد الحشد الشعبي لمواجهة داعش.
الحدود غير الآمنة للولايات المتحدة
مسؤولو السياسة الخارجية الأمريكية الجدد في فريق جو بايدن، هم بشكل أساسي من منتقدي خطة ترامب للانسحاب العسكري من سوريا، والآن أيضًا يصر البيت الأبيض على عدم سحب قواته من سوريا.
وبالنظر إلى التحركات العسكرية الأمريكية خلال العام الماضي، يبدو أن الاستراتيجي الأمريكي يرى الحل لاستمرار سياساته في العراق، وخاصةً سوريا، في منع السيطرة الكاملة للسيادة السورية والعراقية على الحدود المشتركة الغربية والشمالية الغربية.
وقد نقلت الولايات المتحدة بشكل متكرر قواتها ومعداتها من العراق إلى سوريا والعكس صحيح في الأشهر الأخيرة. وبالتالي فإنها تعتبر تعزيز حضور الحشد الشعبي بمثابة تعطيل لاستمرار هذه الحلقة. وكان هذا الأمر في الأساس أحد أهداف قطع ممر المقاومة من طهران إلى دمشق أثناء الأزمة في سوريا والعراق.
والحشد الشعبي، مع فهم هذه القضية، وكذلك التصدي لتدفق الإرهابيين من المنافذ السورية، يركز بشكل خاص على هذه الحدود، ما أدى إلى مزيد من المواجهات والهجمات من قبل الإرهابيين الأمريكيين على قوات وقواعد الحشد الشعبي في هذه المنطقة.
ومع ذلك، في المستقبل المنظور، ستتولى الحكومة السورية، بمساعدة حلفائها من المقاومة وروسيا، والحكومة العراقية، بمساعدة ذراع قوي مثل الحشد الشعبي، السيطرة الكاملة على الحدود والمعابر بين البلدين، وليس أمام الولايات المتحدة خيار سوى قبول الهزيمة.