الوقت - رغم الدعوات المتكررة التي أطلقتها الكثير من بلدان العالم والمنظمات الانسانية والحقوقية الدولية، أيدت محكمة الاستئناف الجزائية والمحكمة العليا بالسعودية حكم الاعدام الصادر ضد العلامّة الشيخ نمر باقر النمر المعتقل منذ عام 2012 بتهمة "إشعال الفتنة الطائفية" و"الخروج على ولي الأمر".
وأكد محمد النمر شقيق الشيخ باقر النمر ان هذا الحكم صدر بعد جلسة لم يحضر محامو شقيقه أو عائلته بها، وهذا الأمر يتنافى تماماً مع المسؤوليات والتعهدات الملقاة على عاتق السعودية بإعتبارها تترأس لجنة خبراء حقوق الإنسان في الأمم المتحدة.
وحذر المراقبون للشأن السعودي من احتمال اندلاع احتجاجات شعبية واسعة إذا تم تنفيذ حكم الإعدام بحق الشيخ النمر، معربين عن اعتقادهم بأن ثمة دوافع سياسية وراء هذا الحكم، مؤكدين في الوقت ذاته أن التنفيذ سيؤدي الى انفلات امني واضطرابات ليس في منطقة القطيف فحسب، بل ستمتد الى باقي مناطق السعودية، كما سيؤجج نار الغضب لدى جميع المسلمين.
وبهذا الحكم تضيف سلطات آل سعود انتهاكاً جديداً إلى سجلها الحافل بالممارسات الخارجة عن القوانين وحقوق الإنسان حيث دانت منظمات حقوقية دولية تصاعد وتيرة الإعدامات في السعودية التي تجاوزت الـ 130 منذ بدء هذا العام.
وقد توالت ردود الافعال المنددة بقرار إعدام الشيخ النمر، حيث أكدت ايران على لسان مساعد وزیر خارجیتها للشؤون العربية والإفريقية حسین أمیر عبداللهیان ان هذا القرار سيكلف السعودية ثمناً باهظاً، مشدداً على ضرورة أن تكف سلطات الرياض عن المغامرات ضد شعبها وباقي شعوب المنطقة، داعياً إياها الى اعادة النظر في هذا الحكم.
ويعتبر العلامّة النمر الذي جرت محاكمته في أجواء سريّة لم يسمح فيها له بالحديث او حضور أية وسيلة اعلام من الداعين الى الحوار والاصلاح ونبذ الكراهية، ومن المطالبين بإنهاء التمييز الطائفي في السعودية. كما اشتهر بحراكه السلمي للدفاع عن المظلومين والمحرومين وعُرف بأخلاقه الرفيعة وصبره وشجاعته في قول الحق والذي أكسبه محبة الجماهير التي كانت تصغي لكلامه باهتمام كبير كونه يعبر عن تطلعاتها في العيش الكريم والخلاص من الطائفية التي تمارسها سلطات آل سعود خصوصاً في المنطقة الشرقية التي قدمت الكثير من الشهداء ولا زالت تقدم في هذا السبيل لتحقيق ما تصبو اليه.
ويتوقع العديد من المتابعين للأوضاع في السعودية بأن يزيد حكم الإعدام الصادر بحق الشيخ النمر من حالة التوتر السائدة في المنطقة على خلفية ممارسات التمييز والقمع التي تنتهجها سلطات آل سعود، فيما حثّ خبراء الأمم المتحدة لحقوق الإنسان الرياض على وقف تنفيذ الحكم وضمان إعادة المحاكمة بشكل عادل.
ومن منطلق الشعور بالمسؤولية والواجب الأخلاقي شهدت العديد من دول العالم تظاهرات حاشده في أوقات مختلفة للتنديد بحكم الإعدام ضد الشيخ النمر. وطالب المتظاهرون بالإفراج الفوري عنه دون قيد او شرط. كما دانت 16 منظمة ومؤسسة حقوقية حكم الاعدام ودعت سلطات الرياض للالتزام بالتعهدات التي قدمتها إلى مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة.
وفي سياق الادانات وصف المحامي السعودي الدكتور خالد سعد القطيفي الاتهامات الموجهة للشيخ النمر بأنها باطلة وليست قضائية وإنما هي طائفية بامتياز. وفي وقت سابق اكد الناشط السعودي رئيس المنظمة الاوروبية – السعودية لحقوق الانسان علي الدبيسي ان الشیخ النمر تعرض للتعذیب طوال فترة اعتقاله رغم اصابته بطلق ناري عند اعتقاله وحُرم من أبسط حقوقه التي تنص علیها قوانین السعودية نفسها.
ويعكس الحکم باعدام الشیخ النمر حالة التوتر الشديد التي یعیشها النظام السعودی الذي يدرك أن القضية لم تعد محلیة بل أصبحت إقليمية ودولیة وقد اعتبرتها المنظمات الحقوقیة بأنها تمثل مخالفة واضحة لجميع القوانين والمقررات الدولية التي تضمن حرية التعبير عن الرأي والدفاع عن الحقوق المشروعة في العيش بحرية وكرامة.
ويعتقد المراقبون ان النظام السعودي أثار قضية إعدام النمر في هذا الوقت بالذات للتغطية على هزائمه المتكررة في اليمن وجرائمه المستمرة ضد هذا البلد وفشله الذريع في إدارة شؤون الحج والذي أدى الى استشهاد وجرح وفقد الآلاف من الحجاج جراء سقوط الرافعة في الحرم المكي وحادثة التدافع الأليمة في مشعر منى بمكة المكرمة.
ختاماً يجب القول إن على السلطات السعودية أن تدرك جيداً أن تنفيذ حكم اعدام الشيخ النمر سيحمّلها مسؤولية قانونية لايمكن التنصل منها أمام المنظمات الدولية والرأي العام العالمي، وسيترتب على ذلك عواقب وخيمة من شأنها أن تعجل بزوال وفناء العرش المتداعي والمتزلزل لآل سعود.