الوقت- توجه وزير الخارجية العراقي فؤاد حسين إلى طهران الاحد 27 شباط في زيارة رسمية للقاء مسؤولين سياسيين إيرانيين. وهذه هي زيارته الثانية لإيران في أقل من شهر، والتي جذبت اهتمام المراقبين السياسيين. كان فؤاد حسين قد توجه سابقا إلى إيران بتاريخ 3 يناير 2021 وأصبحت أهداف هذه الزيارة الآن محط اهتمام وسائل الإعلام كقضية جديدة.
تعزيز العلاقات الثنائية
يمكن قراءة تعزيز التعاون الثنائي بين إيران والعراق كدولتين صديقتين وجارتين كأهم هدف لزيارة وزير الخارجية العراقي فؤاد حسين إلى إيران. وخلال الزيارة نفسها، التقى حسين بنظيره الإيراني ظريف وأعلن استعداد بغداد لتطوير العلاقات مع إيران على جميع المستويات. وبهذه الأوصاف، وتحديداً في مسير توطيد العلاقات بين طهران وبغداد، يمكن ذكر المحاور التالية.
- إن زيادة التعاون التجاري والاقتصادي بين طهران وبغداد، كما في السنوات القليلة الماضية، هي المحور الأهم لوجود وزير الخارجية العراقي في إيران. في السنوات الأخيرة، درست الجمهورية الإسلامية زيادة مستوى الصادرات إلى العراق إلى نحو 20 مليار دولار، ويبدو أن كلا البلدين مهتم بمثل هذا المستوى من التجارة، لذلك يبدو أنه في أي حوار بين طهران وبغداد، فإن زيادة مستوى التعاون الاقتصادي يجب أن تكون على رأس جدول الأعمال.
- وتعد زيادة التعاون الأمني الثنائي بعداً آخر كان دائما مصدر اهتمام مشترك بين إيران والعراق خلال السنوات القليلة الماضية. وتعد محاربة داعش داخل العراق والتصدي لأنشطة الجماعات الإرهابية على الحدود المشتركة بين البلدين من أهم القضايا التي طالما أثيرت على أنها قضايا مهمة. وفي السياق الجديد، يبدو أن إيران أثارت خلال زيارة فؤاد حسين اهتماماتها الأمنية بشأن المعادلات الأمنية والسياسية في العراق. وفي هذا الصدد، يعمل السعوديون بجد لعقد اتفاقيات امنية مع بغداد من خلال زيادة التدخلات المزعزعة للاستقرار وكذلك إبعاد العراق عن محور المقاومة.
ومن القضايا البارزة الأخرى في العلاقات الثنائية التي تم النظر فيها بجدية خلال زيارة فؤاد حسين لطهران، بدء عملية سداد ديون العراق لإيران. وفي هذا الصدد أشار فؤاد حسين خلال لقائه علي شمخاني، أمين المجلس الأعلى للأمن القومي الايراني، إلى الاتفاقات التي تم التوصل إليها بين مسؤولي البلدين لسداد ديون العراق لإيران، والتي تم تأجيلها بسبب العقوبات الخارجية. وقال: "تمت إزالة بعض العقبات المهمة من القطاع المالي والمصرفي والمؤسسات الاقتصادية الإيرانية والعراقية، وستبدأ عملية سداد الديون قريباً، على أساس النموذج المتفق عليه بين البلدين". كما اشار وزير الخارجية العراقي خلال لقائه محمد جواد ظريف إلى التقدم المحرز في المحادثات بين البلدين بشأن وصول إيران إلى مواردها المالية في العراق، واكد استعداد البلاد لتسهيل وصول إيران إلى أموالها في هذا البلد.
فرضية الوساطة بين طهران والرياض
هذا ويمكن تحليل أحد الافتراضات الجادة حول زيارة فؤاد حسين لإيران فيما يتعلق بإمكانية الوساطة أو إرسال رسالة سعودية إلى إيران. حيث قام وزير الخارجية العراقي بزيارة رسمية إلى الرياض قبل أربعة أيام، وهو الآن في طهران بعد أقل من أسبوع على زيارته للرياض. وقد زاد هذا من حدة التكهنات حول هدف الوساطة من زيارة فؤاد حسين.
طبعا وتأكيدا لهذا الموضوع يمكن الرجوع الى بيان وزارة الخارجية العراقية بخصوص اهداف زيارة فؤاد حسين. وفي هذا الصدد، أكد "أحمد الصحاف" المتحدث باسم وزارة الخارجية العراقية، بخصوص أهداف زيارة وفد وزارة الخارجية العراقية الأخيرة إلى طهران، أن هذه الزيارة تمت تماشياً مع سياسة التوازن في المنطقة. حيث انه لدى إيران والسعودية فرصة للتفاوض حول القضايا الإقليمية، لا سيما حول الأزمة في اليمن. وخاصة انه في الأسابيع الأخيرة، يحاول السعوديون، الذين يخسر تحالفهم في مأرب لمصلحة أنصار الله ويبدو أنهم غير قادرين على المقاومة، إنهاء الحرب عبر النفوذ الإيراني عبر بغداد، وهو أمر غير مرجح، ويبدو الأمر مستحيلًا إلى حد ما.
فرضية إرسال رسالة أمريكية إلى إيران
كما أشارت الزيارة الثانية لوزير الخارجية العراقي في أقل من شهر الى طهران، بعد قرار جو بايدن شن هجوم على المقاومة في منطقة البوكمال السورية، إلى أن وزير الخارجية العراقي ربما كان يحمل رسالة غير مباشرة من حكومة امريكا لإيران. في الواقع تشير التكهنات إلى أنه مع غضب العراقيين من العمليات الإرهابية العسكرية الأمريكية ضد قوات المقاومة على الحدود السورية العراقية، قد يسعى مسؤولو البيت الأبيض، خوفا من انتقام جماعات المقاومة، إلى تهدئة قيام موجة حالة معادية لأمريكا من خلال وزير الخارجية العراقي.
