الوقت- إن الصراع السياسي بين المتنافسين الرئيسيين في الاراضي المحتلة للفوز بمنصب رئاسة الوزراء لم يؤتِ ثماره على النحو المطلوب خلال الجولة الثالثة من الانتخابات الإسرائيلية التي عقدت قبل عدة أيام، حيث لا تزال الأزمة السياسية داخل أروقة هذا الكيان الصهيوني مستمرة ولم يتمكن طرفي النزاع حتى هذه اللحظة من تشكيل حكومة وحدة وطنية على الاراضي المحتلة رغم الجهود التي بُذلت خلال الفترة الماضية وحتى هذه اللحظة لا توجد رؤية واقعية تفيد بأنه سوف يتمكن أي من الحزبين الرئيسيين من الحصول على أغلبية الأصوات لتشكيل الحكومة الاسرائيلية في القريب العاجل، وعلى الرغم من تقدم حزب "نتنياهو" اليميني وحصوله على 58 مقعدًا من أصل 120 مقعدًا، إلا أنه لا يزال حزب الليكود بحاجة إلى ثلاثة مقاعد أخرى للفوز بالأغلبية.
آمال ومخاوف تشكيل الحكومة؛ هل سيفوز "نتنياهو" أم "غانتس" أم ستكون هناك انتخابات رابعة؟
ذكرت العديد من المصادر الاخبارية بأن أزمة تشكيل الحكومة في إسرائيل لا تزال تراوح مكانها، متأرجحة بين معسكر "نتنياهو" وحظوظه لتشكيل حكومة يمينية، ومعسكر "غانتس" واحتمالات تشكيل حكومة أقلية في وقت أصبحت القائمة العربية المشتركة صاحبة تأثير كبير في المشهد ولم يختلف المشهد السياسي في إسرائيل بعد إجراء الانتخابات الثالثة خلال عام واحد، عن المشهد بعد انتخابات سبتمبر/أيلول الماضي، فظاهرياً بدا معسكر اليمين بقيادة رئيس الوزراء الإسرائيلي "بنيامين نتنياهو" المنتهية ولايته، أكثر تماسكاً بعد حصوله على 58 مقعداً، إذ عزز قوته بـ3 مقاعد إضافية مقارنة بالانتخابات السابقة، لكنه أخفق في الحصول على 61 مقعداً من أصل 120 مقعداً لتشكيل حكومة ضيقة، وعاد النزاع بينه وبين منافسه زعيم حزب "أزرق أبيض" "بيني غانتس".
وفي سياق متصل، كشفت تلك المصادر أن "غانتس" يحاول بتحالفه الوسطي الذي يملك 47 مقعداً، تشكيل حكومة أقلية بدعم من زعيم حزب "يسرائيل بيتنا" "أفغيدور ليبرمان" الذي يملك 7 مقاعد، واليسار ممثلاً بحزب "العمل غيشر ميرتس" الذي يملك 7 مقاعد وفي ظل رفض حزب الليكود التوقيع على نتائج الانتخابات، يراهن تحالف "أزرق أبيض" على سيناريو تشكيل حكومة أقلية بدعم من القائمة العربية المشتركة التي حصلت على 15 مقعداً، كخطوة أولى تمهّد لإقامة حكومة وحدة وطنية، وذلك لتجنب التوجه إلى انتخابات رابعة، لكن تشكيل الحكومة بدعم من النواب العرب يواجه معارضة النائبين بالكنيست من تحالف "أزرق أبيض"، "تسفي هاوزر" و"يوعاز هندل".
وعلى صعيد متصل، أكدت تقارير إعلامية أن خلافات تسود داخل كتلة "أزرق أبيض" حول تشكيل حكومة ضيقة، كما أظهر استطلاع رأي أن نصف ناخبي هذه الكتلة يعارضون تشكيل حكومة كهذه بدعم من القائمة المشتركة، رغم أن "المشتركة" نفسها لم تعلن حتى الآن أنها ستدعم حكومة يشكلها "بيني غانتس". ومن جانبه كتب القيادي في تحالف "أزرق أبيض" ورئيس حزب "هناك مستقبل"، "يائير لابيد"، في تغريدة له على تويتر، قال فيها: "المشتركة لن تكون جزءاً من حكومة الأقلية، هم سيصوتون لمرة واحدة من خارجها، تصويتهم ودعمهم أفضل من الذهاب إلى انتخابات رابعة"، وبذلك تكون كلمة الفصل هذه المرة للقائمة المشتركة، التي بدعمها لأحد الأطراف قد تجنّب الذهاب إلى انتخابات رابعة.
أبرز المعوقات التي تقف كحجر عثرة أمام تشكيل حكومة وحدة وطنية بين "نتنياهو" و"غانتس"
لقد زاد ضجر وسخط المجتمع الصهيوني بعد إنعقاد ثلاث جولات من الانتخابات التي لم تؤتي ثمارها كما يجب والتي كانت نتائجها متشابهة تقريبًا، وفي وقتنا الحالي تتجه الأنظار إلى بصيص من الأمل عقب ظهور بعض العلامات التي تشير إلى موافقة "نتنياهو" و"غانتس" أخيراً على تشكيل حكومة وحدة وطنية، ولقد جاءت هذه الخطوة المهمة عقب تفشي فيروس كورونا في الأراضي المحتلة خلال الأيام الماضية.
وفي سياق متصل، أعلن "بيني غانتس" رئيس تحالف "أزرق أبيض" في إسرائيل، أنه اقترح على رئيس حكومة تصريف الأعمال "بنيامين نتنياهو" تشكيل حكومة وحدة وطنية شاملة، لكنه لم يتلق بعد أي رد جدي منه وشدد "غانتس"، عبر صفحته في فيسبوك يوم الجمعة الماضي، على أن إسرائيل تحتاج إلى حكومة طوارئ شاملة على خلفية تفشي فيروس كورونا المستجد في أراضيها، معربا عن رغبة تحالف "أزرق أبيض" في الانضمام إلى جهود محاربة الوباء وعن دعمه لمساعي الحكومة في هذا المجال مهما كانت الظروف السياسية. ووجه "غانتس" انتقادات إلى "نتنياهو" الذي دعا تحالف "أزرق أبيض" مؤخرا في تصريحات صحفية إلى تشكيل حكومة وحدة طوارئ.
وعلى صعيد متصل أوضح "غانتس" أنه، في اجتماع عقده مع "نتنياهو" قبل عدة أيام، اقترح على رئيس حكومة تصريف الأعمال إطلاق مفاوضات بين تحالف "أزرق أبيض" وحزب "الليكود" الذي يقوده "نتيناهو" من أجل تشكيل هذه الحكومة في القريب العاجل، لكنه لم يتلق بعد أي رد جدي على هذه المبادرة ولا يزال ينتظر. يذكر أنه لا تزال مسألة مشاركة القائمة المشتركة ذات الأغلبية العربية في الحكومة المستقبلية نقطة الخلاف الرئيسة بين "غانتس" و"نتنياهو"، حيث شدد هذا الاخير على رفضه لهذه الفكرة، واصفا القائمة المشتركة بـ"داعمي الإرهاب". من جانبه، طالب "غانتس" بأن تضم الحكومة المستقبلية جميع القوى المتمثلة في الكنيست. ووفقا لبعض المصادر الاخبارية، يعمل "غانتس" منذ انتخابات الكنيست الثالثة التي جرت في الثاني من مارس الماضي على بناء تحالف حاكم يستند على وجه الخصوص إلى دعم معظم المشرعين من قائمة المشتركة من خارج الحكومة.
وعلى صعيد متصل، ذكرت بعض وسائل الاعلام العبرية أن الرئيس الإسرائيلي "رؤوبين ريفلين" جدد يوم الأربعاء الماضي دعوته لتشكيل حكومة وحدة وطنية من حزبي "الليكود" اليميني بزعامة رئيس الوزراء "بنيامين نتنياهو" و"أزرق أبيض" الوسطي بزعامة "بيني غانتس". وجاءت دعوة "ريفلين" بعد تسلمه، النتائج النهائية للانتخابات وكان "ريفلين" قد اقترح بعد الانتخابات التي جرت في سبتمبر/أيلول الماضي، تشكيل حكومة وحدة يترأسها "نتنياهو"، ويكون "غانتس" فيها نائبا لرئيس الوزراء ولكن لقاءات بين "الليكود" و"أزرق أبيض" لم تفضِ إلى اتفاق لتشكيل حكومة.
وفي الختام يمكن القول أن عدم رد "نتنياهو" على اقتراح "غانتس" بتشكيل حكومة طوارئ من أجل مواجهة فيروس كورونا الذي انتشر بشكل مخيف داخل الاراضي المحتلة، يُعد بمثابة رفض قاطع على تشكيل هذه الحكومة، ولهذا فإن الطريقة الوحيدة المتبقية لتشكيل حكومة وحدة وطنية في إسرائيل هي حل الكنيست أو عقد دورة انتخابية رابعة من أجل إزالة الجمود السياسي الذي يعصف بهذا الكيان الغاصب.
