الوقت- أعلن القيادي في حركة حماس صلاح العاروري اليوم الاثنين أن وفدا كبيرا للحركة من المرتقب أن يقوم بزيارة للسعودية قريبا، هذا الوفد سيكون على رأسه رئيس المكتب السياسي للحركة خالد مشعل، ومن المرتقب بحسب ما صرح به صلاح العاروري أن يلتقي الوفد محمد بن سلمان وشخصيات من العائلة السعودية الحاكمة، هذه الزيارة كان قد سبقها زيارة لخالد مشعل لأداء العمرة التقى خلالها سلمان بن عبد العزيز لتأخذ الزيارة الطابع السياسي من خلال اللقاءات التي أجريت، الزيارة السابقة كما المرتقبة التي أعلنت، أحدثت مجموعة من ردود الأفعال الفلسطينية الإستفهامية في الضفة الغربية حول طبيعة الزيارات للعائلة السعودية المالكة، وحول النية من وراء التقارب السعودي الذي تسعى إليه مع حركة حماس.
علاقة السعودية وحماس تفقد اسس البناء الصحيح
هذا التقارب الذي يعلن عنه يقابله قلق من الجانب الرسمي المصري لأسباب تختلف وطبيعتها عن القلق الفلسطيني ومحور المقاومة، وعلى كل حال يبقى الحديث الأبرز عن طبيعة العلاقات السعودية مع حركة حماس والموقع الذي تنطلق منه العائلة الحاكمة في علاقتها مع حماس أو محور المقاومة، فعلاقة السعودية مع حماس في واقع الأمر يمكن وصفها بأنها قائمة على مجموعة ركائز تخلص إلى القول بأنها هشة غير مستقرة وليست فيها أي استقلالية، ويبرز فيها التناقض الواضح في الأداء، فالأيديولوجية التي قامت عليها العائلة الحاكمة في حكمها لا يوجد فيها ارتباط مع محور المقاومة، فمن التنسيق والتعاون والإلتقاء في الأهداف مع الكيان الاسرائيلي والذي يتجسد فيه التناقض الواضح إلى فقدان إستقلالية القرار والذي يتجسد في دعم جماعات التكفير التي ما هي إلا خدمة للقوى الإستعمارية والإرتهان لمصالح الخارج وبث الفرقة بين شعوب المنطقة والعالم أجمع.
إذن هذه العلاقة المنوي تعزيزها هشة غير مستقرة وتفقد لأسس البناء الصحيح، فهي استمالة واضحة لهذه الحركة بعد محاربة لها امتدت لسنوات في سبيل إبعادها عن محورها الاساس المقاوم والممانع لمخططات أعداء الأمة ضد شعوبنا الإسلامية والعربية، خاصة بعد ما شهده هذا المحور من انتصارات سواء ضد جماعات التكفير في سوريا والعراق إلى مقاومة الشعب اليمني ليأتي الإتفاق النووي تتويجا لهذه الإنتصارات ومثالا واضحا على أن الوقوف بوجه المتآمرين على شعوب أمتنا والصبر والحكمة والسياسة في إدارة الصراع لا بد أن تثمر في آخر المطاف، وبالتالي فإن العائلة الحاكمة في السعودية متخوفة من نتائج الإتفاق النووي الاخير الذي سيعيد حق ايران في مليارات الدولارات المتوقع وصولها قريبا إلى البنوك الإيرانية والتي كانت مودعة في بنوك دول أوروبية وأجنبية، وبالتالي فهذه الأموال سيكون لمحور المقاومة النصيب الأكبر منها.
معارضة الجانب الرسمي المصري
الجانب الرسمي المصري أعلن وبصراحة وشدة موقفه المعارض والمخالف لهذا التقارب ليبرز إلى السطح جملة من التناقضات المتشابكة في العلاقات المصرية السعودية ودورهما في المنطقة، وفي سياق التوضيح يمكن تسجيل مجموعة النقاط التالية:
- الجانب الرسمي المصري والمدعو من قبل السعودية للتقارب مع حركة حماس يرفض هذا التقارب بشدة على اعتبار أن الحركة ما هي إلا الذراع السياسي للإخوان المسلمين في فلسطين، ومن مبدأ السياسة التي تبناها السيسي في قمع الإخوان المسلمين في مصر، وبأخذ الإرتباط السياسي بين الحركة في فلسطين والإخوان المسلمين حجة لمحاربة الحركة، عمد السيسي إلى تدمير كل مقومات الدعم الذي كان يصل الفلسطينيين في غزة، من تدمير الأنفاق التي تصل الحدود المصرية بغزة إلى إغلاق معبر رفح، كل هذا وبغطاء وتأييد سعودي مباشر للسياسة المصرية، ليبرز التناقض في الدعوة السعودية من جهة وغطاءها للسياسة المصرية من جهة ثانية.
- في مقابل دعوة العائلة الحاكمة في السعودية للجانب الرسمي المصري على ضرورة تحسين العلاقات اتجاه غزة، يجتمع الطرفان المصري والسعودي على أن السياسة السعودية في المنطقة وكما الجانب المصري لا يصب في صالح حركات المقاومة على اعتبارها تعمل وفق مشروع متناقض وسياساتهم التي قامت على الإرتهان للخارج، وهنا يكمن محور الإختلاف السعودي المصري بشكل أعمق. فالجانب الرسمي المصري يبحث في حقيقة الامر عن تبرير لهذا التقارب المدعو إليه، فإذا كانت السعودية تريد العمل لمؤامرة على إخراج حركة المقاومة الفلسطينية من محور المقاومة كرد على الإتفاق النووي ونتائجه التي تخشاها وتخافها فإن الجانب المصري لم ير في ذلك حتى الآن مكسباً.
اذن الجانب الرسمي المصري يشعر بالقلق والخوف من معانقة السعودية لحماس، فيما تشعر السعودية بالقلق والخوف من الإنتصارات التي يحققها محور المقاومة يوما بعد يوم وهي المخاوف نفسها التي تشاركها مصر في ذلك بل وكل الأنظمة العربية التي لم تقدم لشعوبها إلا الخذلان والعار والإستسلام، وأمام هذه المتناقضات والمخاوف السعودية والمصرية، يبقى على حركة حماس وحركات المقاومة الفلسطينية تحديد المصير وإتخاذ القرار الصائب للإبتعاد عن الفخ الذي ينصب لهم.