الوقت- إن تعزيز القوات العسكرية الأمريكية، بما في ذلك أسطولها البحري، يُعدّ أحد أهم شعارات الرئيس الأمريكي "دونالد ترامب"، الذي ادّعى مؤخراً بأن مستوى قدرات جيش بلاده وصل في وقتنا الحالي إلى أفضل وضع له على مرّ العقود الماضية ولكن العديد من الإحصائيات العالمية أثبتت بأن هذا الادعاء غير صحيح على الأقل فيما يخص قوات البحرية الأمريكية، حيث أظهرت تلك الإحصائيات بأنه على الرغم من أن الوثائق السرية الخاصة بالأمن القومي والاستراتيجية الدفاعية الأمريكية، تحدثت بأن واشنطن بدأت حقبة جديدة من المنافسة الاستراتيجية مع الصين وروسيا، وبدأت باتباع سياسة خارجية أكثر عدوانية ضد العديد من البلدان، إلا أن أداء أسطول حاملات الطائرات الخاص بها والذي يعدّ الأداة الأكثر أهمية لفرض الهيمنة العسكرية الأمريكية خارج أمريكا قد انخفض إلى أدنى مستوى له منذ أكثر من عقدين.
وحول هذا السياق أفاد موقع "يو أس أن آي" الإخباري العالمي الذي يقوم بمتابعة وتحليل عمليات البحرية الأمريكية بشكل خاص في تقرير صدر عنه مؤخراً، بأن أداء حاملات الطائرات الأمريكية على مدى الـ 15 شهراً الماضية، عند مقارنته مع 50 عاماً من تاريخ قوات الجيش الأمريكي، قد انخفض إلى أدنى مستوى له، على رغم من قيام وزارة الدفاع الأمريكية خلال السنوات الماضية بإصلاحات وتحديثات عديدة لحاملات الطائرات التابعة لها.
ووفقاً لهذا الموقع، ففي عام 2018، كان هناك 15 في المئة فقط من كل حاملات الطائرات الأمريكية جاهزة للخروج في عمليات عسكرية، على الرغم من أنه في عام 2013 كان هناك 25 في المئة من كل هذه الحاملات كانت تذهب في عمليات عسكرية وشاركت في الحرب على أفغانستان والعراق وفي سياق متصل لفت موقع "يو أس أن آي" الإخباري العالمي إلى أن البحرية الأمريكية لم تقم خلال 22 يوماً من أيام صيف هذا العام، بأي نشاطات عسكرية في أي مكان في العالم وهذه الفترة هي أطول فترة لم تقم فيها البحرية الأمريكية بأي أنشطة هجومية على مدى السنوات الخمسين الماضية.
ولقد أكدت البحرية الأمريكية صحة هذه الإحصائيات، لكنها تقول بأنها على استعداد لاستخدام أسطولها البحري كلما دعت الحاجة، حيث قالت البحرية الأمريكية في بيانٍ لها: "إن البحرية هي القوة الأهم في أمريكا ولديها القدرة على الاستجابة لأي أمر طارئ في جميع أنحاء العالم وفي أي وقت"، ووفقاً لمسؤولين أمريكيين، فإن انخفاض أداء قوات الأسطول البحري الأمريكي يرجع إلى وجود عجز في ميزانية وزارة الدفاع الأمريكية لإجراء إصلاحات وتحديثات لقطعها البحرية وذلك بسبب دخول واشنطن بالعديد من حروبها المزعومة على الإرهاب في أفغانستان والعراق والتي استمرت لمدة 17 عاماً.
وفي سياق متصل قال الأدميرال "بيل موران"، نائب قائد البحرية الأمريكية: "بعد 11 سبتمبر، وبعد تلك التطورات الميدانية التي حدثت للقوات البرية الأمريكية، كانت قواتنا البحرية تقدّم الكثير من الدعم لتلك القوات وهذا يعني بأنه كان لدينا الكثير من الأعمال، والكثير من الأعمال سوف تكلّف الكثير من المال وسوف تقلّل من العمر الافتراضي لتلك القوات وبهذا فلقد أصبحت القطع البحرية التابعة للقوات الأمريكية أصغر عمراً وأقل كفاءة".
ولفت هذا الموقع الإخباري إلى أن هذا الوضع قد أدى إلى تجنب أمريكا إرسال حاملات الطائرات إلى منطقة الخليج لأكثر من ستة أشهر وأعرب هذا الموقع أيضاً أنه بالإضافة إلى قضية عجز الميزانية، يعدّ نقص عدد الموانئ التي تقوم بتقديم الكثير من الدعم لإصلاح حاملات الطائرات، قضية أخرى تواجهها البحرية الأمريكية وفي حين كانت البحرية الأمريكية تمتلك 13 ميناء حول العالم لإصلاح ودعم قطعاتها البحرية، فقد وصل هذا العدد في وقتنا الحالي إلى 4 موانئ فقط، وبالنسبة للموانئ الأخرى فلقد أُغلقت أو تغيّر استخدامها ومن بين هذه الموانئ، هنالك ميناء واحد فقط قادر على استضافة الجيل الجديد من حاملات الطائرات التابعة لقوات البحرية الأمريكية وفي سياق متصل كشفت البحرية الشهر الماضي عن خطة بقيمة 21 مليار دولار لمعالجة نقص الموانئ التي تقدّم الدعم لحاملات الطائرات الأمريكية، ولكن لا يزال هناك الكثير من الوقت لإجراء تقييم شامل لتقديم هذا المشروع ولقد صنف البنتاغون في الآونة الأخيرة أسباب ضياع الكثير من المعلومات إلى الوقت الطويل الذي يُصرف لإصلاح ودعم هذه الحاملات الحربية.
من جهة أخرى لفت هذا الموقع الإخباري إلى أن الطائرات الحربية تعاني أيضاً من العديد من المشكلات وذلك بسبب استخدامها لفترات طويلة في حرب العراق وأفغانستان وسوريا وفي وقتنا الحالي لا تملك القوات الأمريكية إلا عدداً قليلاً من حاملات الطائرات جاهزة للمشاركة في عمليات عسكرية ولقد أدّى هذا الوضع إلى خلق تغيير في شكل وجود قوات البحرية الأمريكية في منطقة غرب آسيا والخليج الفارسي والبحر المتوسط وعلى سبيل المثال، فلقد غادرت حاملة الطائرات الأمريكية "يو أس أس ثيودور روزفلت" الخليج الفارسي منذ شهر مارس من هذا العام ولم تعد وفي وقتنا الحالي ليس هناك أي حاملة للطائرات الأمريكية متمركزة في هذه المنطقة.
وهنا كتب موقع "يو أس أس" الإخباري: "في شهر سبتمبر الماضي، كان هناك حوالي مئة قارب إيراني تابع للحرس الثوري الإيراني في مضيق هرمز تقوم بالكثير من التدريبات العسكرية وبدلاً من قيام القوات الأمريكية بإرسال حاملة للطائرات للتعامل مع تلك القوارب الإيرانية، كان يتم إرسال مدمرة صواريخ وعدد من الزوارق البحرية وعندما قام الروس بمناورات عسكرية في البحر الأبيض لم يكن مع أمريكا أي حاملة للطائرات جاهزة لترسلها للتعامل مع الاستفزازات الروسية.
