الوقت- من أهم العناصر المساهمة في تقوية شخصية الطفل هي الثقة بالنفس، حيث أن هذه النقطة تتعلق بجميع توجهاته السلبيّة أو الايجابيّة اتجاه نفسه واتجاه المجتمع الذي يحيط به.
فالثقة بالنفس هي الأساس لتكيُّف الفرد مع الذات والمُجتمع، وهي مقدار لتقييم قدرات الفرد ومهاراته وفعاليته في جميع المواقف التي يواجهها، وهي من الصفات الأساسية التي تسمح للفرد أن يستخدم أكبر قدر مُمكن من قدراته الجسميّة، والنفسيّة، والاجتماعيّة، واللغويّة لتحقيق هدف ما يسعى لنيله وتحقيقه.
الحياة الأسرية الصحيحة والحياة الإجتماعية الناجحة هي التي تغذي ثقة الفرد وتعززه وتُنشِئ شخصيّة مُستقرّة قادرةً على اتّخاذ القرارات بشكل مستقل، لمواجهة الكثير من الاضطرابات والصعوبات التي يتعرّض لها في المواقف المختلفة، كما ينتج عن ثقة الفرد بنفسه شعور حبّ الذات والتقدير النفسي.
أهمية الثقة بالنفس لدى الطفل
تبعث الثقة بالنفس على التوافق النفسيّ للطفل الذي يشعره بالراحة والسعادة والاطمئنان الداخليّ، ليشعر الطفل بحالة من التقدير والأمان الذاتي، والاستقرار النفسي ليبعده ذلك عن كثير من المشاكل النفسية والإضطرابات.
بالإضافة إلى ذلك فزرع الثقة بالنفس تجعل الطفل ناجحاً في أدائه للمَهام من خلال إيمانه بذاته خاصة في مرحلة الدراسة وأداء واجاباته المنزلية، فثقته بمهارته تدفعه للمزيد من التعلّم والنجاح والانفتاح النفسيّ لاكتساب خبرات جديدة.
فالطفل الواثق بنفسه يُحب من حوله ويُعبِر عن مشاعره براحة من دون خوف، أما الطفل غير الواثق بنفسه فإنه يخاف من التعبير عما يشعر به ويحاول قدر الإمكان الهروب ممن حوله وعدم الإختلاط بهم، وأيضاً لا يملك القدرة على اتّخاذ اي من القرارات المتعلقة به شخصياً، وإنّه أيضاً يظن أنّ كل من حوله يراقب عيوبه، لأجل ذلك يلجأ إلى العزلة والانطواء على نفسه لعدم وجود الثقة الكافية بكفاءته الاجتماعيّة والذاتيّة.
بناء ثقة الطفل بنفسه
الدور الأساسي لبناء ثقة الطفل بنفسه يقع على الأسرة والمدرسة لتمكين هذه البُنية، وبالنظر إلى الآثار السلبيّة لضعف ثقة الطفل بنفسه وتدنّي مفهومه الذاتي عن نفسه، يجب على الأسرة أن تقوي هذه الحالة لتستمرّ مع الطفل أثناء تقدّمه في مراحله العمريّة، وتعرّضه للكثير من الأزمات النفسية.
هناك الكثير من الطرق العلاجيّة لبناء ثقة الطفل وتقويتها من أبرزها التعبير عن المشاعر والحب فالطفل بحاجة للحنان والحضن والأمان، وترك مساحة كافية له للتعبير عن مشاعره، والاستماع له باهتمام مع مُراعاة مشاعره والأخذ بها مع عدم إهمالها، وتشجيعه على التعبير دائماً.
والابتعاد التام عن الكلمات والجمل السلبيّة التي يُلقي بها الآباء على أبنائهم دون المعرفة بمقدار الأذى النفسيّ الذي تُسببه هذه الكلمات، فيحطم ثقته بنفسه، فهو يُصدّق كل ما يُقال له خاصة من والديه، حيث إذا تعرض لمشكلةٍ أو موقف ما يرى نفسه غير كفؤ لمحاولة حلّها، فتُسيطر عليه التعابير السلبيّة المليئة بالاستسلام، مثل لا أستطيع، وغير قادر، وأخاف وغيرها من المشاعر التي تحبطه وتدمر ثقته.
الطريقة الأخرى هو انتقاد السلوكيّات الغير المرغوب بها والتي تصدر من الطفل، مثل ضربك لأخيك هو سلوك غير لائق بدل قول أنت ولد مشاغب، فتوجيه الملاحظة على سلوك الطفل يُحافظ على التقدير الذاتيّ مع إيصال التوجيه المطلوب بالطريقة المناسبة، أمّا توجيه الملاحظة للطّفل بذاته وبشكل مباشر فيقلل من القيمة الذاتيّة لشخصيّة الطفل.
فضلاًعن ضرورة الثبات بآلية تعامل الأهل مع الطفل والإتفاق بين الأب والأم في اتخاذ قراراتهم المتعلقة بطفلهم، فلا يجب نهي الطفل عن سلوك تارةً والتغاضي عنه تارةً أخرى.
كما أن السماح للطفل في اتخاذ قراراته بنفسه وبأن يكون له حرية الإختيار، كشراء الألعاب التي يرغب باللعب بها، أو بملابسه التي سيرتديها، وذلك بطرح جميع الخيارات المُتاحة لديه وشرحها، مع احترام والتوضيح له عن ماهية القرار الذي اتّخذه، وفي حال اتّخاذه قراراً غير ملائم يجب التوضيح له عن سبب رفض قراره بطريقة منطقيّة ومُقنعة بما يتناسب مع عمر الطفل، فإن ذلك يرفع لديه ثقته بأفكاره ومهاراته باختيار ما هو مُناسب لنفسه.
وكذلك يجب الابتعاد عن المقارنة بين الفرد وأقرانه أو أصدقائه في المدرسة لكي لا يشعر بنقص أو بأنه غير مرغوب به مما يزعزع ثقته بنفسه، ويجب على الأم التّركيز على ما يُميّز الطفل وتشجيعه ومدحه،
والطريقة الأخيرة هي تشجيعه لإبداء رأيه في موضوع معين أو خاص به أو أسرته، والسماح له في بعض الأحيان بأن يتحمل بعض من المسؤولية للاعتماد على ذاته، مع التشجيع والتحفيزالمُستمرّ لجميع التجارب الناجحة التي استطاع تأديتها، وتجاهل المُحاولات الفاشلة في أي عمل قام به.