الوقت- صرح الرئيس الأمريكي دونالد ترامب خلال حملته الانتخابية بأنه لا يتفق مع الهيكل التنظيمي للنظام السياسي الحاكم في الولايات المتحدة وهنا يأتي السؤال هل الهيكل التنظيمي للنخبة الحاكمة في أمريكا سوف يتقبل ترامب رئيسا للولايات المتحدة أم لا ؟
إن الهيكل التنظيمي للنخبة الحاكمة في أمريكا يتشكل باختيار رئيس الجمهورية عددا من المعاونين، حيث يُطلق على كل معاون اسم سكرتير وكمثال على ذلك نرى بأن الرئيس الأمريكي لديه سكرتير مختص بالشؤون الخارجية وسكرتير مختص بالأمور الاقتصادية ولهذا فإن النخبة الحاكمة في أمريكا يوالون رئيس جمهوريتهم اكثر بكثير مما هو عليه في كثير من بلدان العالم التي يعطي القانون لمجلس النواب فيها الحق بمساءلة الوزراء. ولكن في الولايات المتحدة الأمريكية تكون جميع إدارات السلطة التنفيذية تابعه للرئيس فقط وهذا لا يعني أنه لا توجد خلافات في وجهات النظر لدى المسئولين في الإدارة الأمريكية، فهنالك الكثير من الخلافات التي تؤدي أحيانا إلى استقالة بعض الوزراء من مناصبهم. إن هذا الأمر يعد من الأمور الطبيعية التي تحصل في كثيرا من بلدان العالم، فنرى أن هنالك خلافات في وجهات النظر بين رئيس الجمهورية وبين بعض الوزراء والتي قد تسبب أحيانا باستقالة الكثير منهم أو أعفاءهم من مناصبهم.
ولكن نظرا لمرور فقط أربعة اشهر على تشكيل حكومة ترامب فلذا لا يمكن التكهن بحجم الخلافات العميقة بين هذه النخبة الحاكمة والتي يمكن أن تؤدي إلى زعزعة التماسك الداخلي لهم أم لا. ولكننا حتي الأن نستطيع القول بأنه مازال هنالك انسجام داخلي بين أعضاء حكومة ترامب، وكمثال على ذلك نرى بأن وزير العدل الأمريكي صرح بموافقته الكاملة ودافع عن قرار الرئيس ترامب الذي يدعوا إلى محاربة المهاجرين ومنعهم من دخول أمريكا وبناء جدار حدودي مع المكسيك لمنع دخول المهاجرين.
ومن ناحية أٌخرى نرى بأن المسؤولين في البيت الأبيض أيضا لهم رؤية متفقة مع الرئيس ترامب فيما يتعلق بالفضائح الاستخباراتية التي قامت بها روسيا. وبالتالي فإنه من غير الممكن في الوقت الحالي الجزم بأن هنالك انشقاقات أو اختلافات بين وزراء حكومة ترامب. في الواقع هذا لا يعني أنه لا توجد هنالك اختلافات في وجهات النظر بين النخبة الحاكمة ولكن ألأمر المسلم به هو أن حكومة ترامب مستمره في عملها بالرغم من وجود بعض الاختلافات الصغيرة، وفي السياق نفسه يمكن مشاهدة بعضا من هذه التوترات الصغيرة بين بعض المسئولين في ألإدارات المتعلقة بالسطة التشريعية والقضائية للحكومة.
من ناحية أخرى لدى ترامب العديد من المشاكل مع وسائل الإعلام، وإذا نظرنا إلى الصحافة الأمريكية فهي أمام العالم كله صحافة حرة تتمتع بالاستقلال عن الإدارة الأمريكية ولكن إذا دققنا النظر وتفحصنا الصحافة في أمريكا لوجدناها تتبنى نفس سياسات المؤسسة الرئاسية الأمريكية بالنص مما يعنى أن مؤسسة الرئاسة تسيطر على مجريات الأمور في الصحافة الأمريكية التي يتابعها الملايين على مستوى العالم متوهمين أن هذه الصحف تنقل الحقائق بلا زيف أو تغيير ولا يعرفون أنها تخدم السياسات الأمريكية مما يساعد أمريكا على الاستقرار وعدم إثارة البلبلة في الأوساط الأمريكية.
ولهذا يمكن القول بأن هنالك عدم انسجام بين رئيس القوة التنفيذية وبعض ألإدارات الحاكمة داخل الولايات المتحدة. ومن اجل مناقشة موضوع خلافات ترامب مع النخبة الحاكمة في أمريكا يجب الأخذ بعين الاعتبار بأن الرئيس ترامب لا يعد فردا ذو تجربة سياسية ولكنه جاء من خارج النخبة الحاكمة. لم ينضم ترامب إلى أي حزب فسيرته الشخصية تثبت لنا بأنه كان في وقت سابق مع الديموقراطيين وبعد ذلك صار مع الجمهوريين واستطاع أن يخوض حربه الانتخابية من خلال تصريحاته التي كان يعلن فيها عن محاربته للفساد.
من المؤشرات الدالة على أن ترامب سيصبح رئيساً أكثر تقليدية بمرور الوقت، هو أنه بات يميل للاعتماد، بشكل متزايد، على النصائح التي يقدمها له مستشاروه العسكريون، وعلى الأخص «ماكماستر»، وجيمس «ماتيس» وزير دفاعه، الذي يحظى باحترام كبير. وكلا الرجلان يتمتعان، في الحقيقة، بخبرة كبيرة، ويحظيان باحترام معظم «الديمقراطيين» في أميركا، وكذلك احترام حلفاء أميركا الرئيسيين في أوروبا، وآسيا، والشرق الأوسط. وخلال هذا كله نرى أن هنالك بعض الخلافات لدى الكثير من النخبة الحاكمة، فبعضهم يرى بأن الوعود التي صرح بهاترامب خلال حملته الانتخابية سوف تزيد من قوة الولايات المتحدة ومن الممكن القضاء على المشاكل السابقة مثل البطالة واللجوء السياسي الغير شرعي ولكن البعض الأخر المخالف يرى بأن سياسات ترامب سوف تؤدي إلى إيجاد انقسامات داخل الحكومة الأمريكية قد تؤدي إلى انهيارها. وتجدر الإشارة إلى أن هذا الاختلاف في وجهات النظر بين المسئولين في الإدارة الأمريكية حول الرئيس الأمريكي ترامب ما زالت موجودة.
