الوقت - في لقاء خاص لـ"الوقت"مع أحمد ويحمان، رئيس المرصد المغربي لمناهضة التطبيع مع الكيان الإسرائيلي والأستاذ الجامعي في جامعة محمود الخامس ورئيس فيدرالية صحفيي المغرب سابقا، تحدث عن فعاليات إيران ونشاطها في الدفاع عن القضية الفلسطينية ولخّص الأوضاع السياسية والمستجدات على صعيد المنطقة والعالم، كما تطرق لدور السعودية في تشويه قضايا المقاومة ودعم حركات الإرهاب فكان لنا الحوار التالي:
الوقت: برأيكم ما هو تأثير وارتداد المؤتمرات والفعاليات المقامة في إيران على ملف دعم القضية الفلسطينية؟
الأستاذ أحمد ويحمان: بالنسبة للفعاليات الإيرانية وبالأخص مؤتمر دعم فلسطين المقام في طهران وفي هذا التوقيت الزمني اعتقد أنه محطة سيكون لها مابعدها. وهي خطوة نوعية لاسيما بعد التطورات الأخيرة المتمثلة بإندحار المخطط التشتيتي، التفتيتي للملتقى فقد فشلت هذه المشاريع الإستعمارية بإنهزام الإرهاب في كل من العراق وسوريا وكذلك مجيء إدارة متهورة على رأس الولايات المتحدة الأمريكية المتمثلة في شخص ترامب وتعليقاته الأخيرة هو ونتنياهو بشأن تصفية القضية الفلسطينية وضم وتثبيت إحتلال مرتفعات الجولان السوري، فمن هنا جاءت أهمية هذا المؤتمر لتكون الرد الثاني الذي جاء بعد رد السيد حسن نصر الله رئيس المقاومة اللبنانية حيث طرح معادلة هزت أركان الكيان وبدأ الصهاينة يغادرون ويهاجرون وعندنا في المغرب أمثلة لصهاينة فروا خائفين ورجعوا إلى المغرب وهم يهود من أصول مغربية. فمعادلة ديمونة بعد معادلة الأمونيا التي طرحها السيد حسن أعطت أُكُلها وأجبرت العدو على مراجعة حساباته حتى أن "المجنون ليبرمن" صرح بعد يوم أو يومين من الخطاب بأن إسرائيل لن تبدأ بأي عدوان! وهو الذي كان مع "نتنياهو المخبول" يهدد ويتوعد. وهذا معناه بدء العد العكسي لزمن الفرقة وزمن التشتت للأمة الإسلامية. نتمنى أن تكون هذه المحطّة بداية مرحلة جديدة بشر بها مراراً السيد نصرالله فزمن الإنهزامات قد إنتهى وانقضى. وعسى أن يكون توجيه قائد الثورة الإيرانية في الجلسة الإفتتاحية لمؤتمر الدفاع عن فلسطين مناراً للمسار الواجب سلكه لمواجهة كل التحديات والمؤامرات الإستعمارية والصهيونية.
الوقت: ماهي قراءتك لمواقف الزعماء العرب فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية ومحور المقاومة من جهة وعلاقاتهم المستحدثة مع الكيان الإسرائيلي؟
الأستاذ أحمد ويحمان: أنه "في الحقيقة دائماً هناك التباس على أبناء الأمة الإسلامية والعربية في اعتبار بعض القادة العرب لاسيما في الدول الخليجية وغير الخليجية أنهم المعنيون بالقضية الفلسطينية وحدهم إلّا أنهم دائماً يتآمرون على الثورة الفلسطينية، لأنها خطر بالنسبة لهم كما هي خطر بالنسبة للصهاينة والكيان الصهيوني وخطر على الإمبريالية العالمية أيضاً، فمصالح هؤلاء كلها تتقاطع مع بعضها البعض ضد القضية، هذا العدو الثلاثي الأضلاع يتسابق في التآمر على القضية الفلسطينية ولا مصلحة له في انتصارها وإلا فستخسر الولايات المتحدة الأمريكية والغرب بشكل عام مصالحهم في المنطقة لأن دولة فلسطين المتحررة الديمقراطية ستكون نموذجاً مشعاً على المنطقة كلها وربما تنطلق ثورات في السعودية والقطر و... لتتحرر كما تحررت فلسطين. كنا فيما مضى نصرخ ضد التطبيع ونحن الآن في مرحلة ما بعد التطبيع حيث بدأ التحالف بشكل علني (بالمفتشي كما يقول الأخوة المصريون) ودون حياء ودون أن يرفّ لهم جفن فرأينا كيف يتم التنسيق بين المخابرات السعودية والمخابرات الصهيونية وكذلك المخابرات والجيش التركي للأسف الشديد كما تمّ أيضاً تبادل السفراء والزيارات العلنية والمخفية وهذا ماشاهده العالم أجمع.
الوقت : في الآونة الأخيرة هاجمت السعودية إيران واتهمتها بإستغلال القضية الفلسطينية وفي الوقت ذاته تسعى السلطات السعودية للتطبيع مع الكيان الإسرائيلي فماهو رأيكم بهذا الموضوع؟
الأستاذ أحمد ويحمان: إنّ هذا الأمر واضح ويراه الأعمى وإذا كانت السعودية تدّعي بأنها الأولى بالدفاع عن فلسطين فلتتفضل لمساعدة كتائب القسام وكتائب سرايا القدس. ولكنها في الحقيقة تساعد داعش في سوريا. ومن يحلل الواقع الملموس لن يفاجئه هذا وسيجده طبيعياً، فمثل هذه الأنظمة تتآمر مع العدو لأنّ مصالحها مع الأعداء ومصالحها مناقضة لمصالح شعوبها وبالتالي هذا ليس غريباً على مثل هذه الأنظمة.
الوقت: كيف تقيم الدور المغربي في دعم القضية الفلسطينية بصفتك ناشط سياسي من المغرب؟
الأستاذ أحمد ويحمان: لقد اعتبر الشعب المغربي القضية الفلسطينية دائما قضيةً وطنية، وهذا شعار أول من أطلقه هو الإتحاد الوطني لطلبة المغرب في نهاية الخمسينات بعد الإستقلال مباشرةً في أحد مؤتمراته في مدينة تطوان، وأصبح شعار كل القوى السياسية بمختلف اجتهاداتها الفكرية ومنطلقاتها السياسية. والمسيرة المليونية في الرباط وغيرها من المدن تبيّن للعالم أننا في المغرب نعتبر أن التضامن مع الشعب الفلسطيني هو مرحلة أدنى من الواجب. حيث يجب الإنخراط في تحرير فلسطين، فنحن معنيون مثلما الفلسطينيون معنيون بتحرير فلسطين التي هي محور الصراع كله لتحرير الأمة أو لتكريس البقاء تحت تبعية الغرب ومصالحه. نحن كمرصد مغربي لمناهضة التطبيع اقترحنا قانوناً لتجريم التطبيع بالبرلمان وتبنته أربعة تكتلات برلمانية أساسية في المغرب. القانون يجرم أي تعامل مع أي صهيوني ويعتقل أي صهيوني سولت له نفسه أن يزور المغرب وتقدمه للمحاكمة. وهذا المقترح مجمد حالياً من قبل الحكومة مع أن أربعة فرق برلمانية أساسية وافقت عليه. فهو بمعنى آخر قد حظي بأغلبية ساحقة، ولا أظن أن هناك برلمانياً واحداً سيعترض عليه ولكن عندما وضعناه أثار ضجة كبيرة حتى أن أوباما بعث رسالة حول هذا الموضوع للملك، وحتى أن كاترين آشتون التي كانت حينها منسّقة الاتحاد الأوروبي بعثت رسالة نُشرت في الصحف تهدد فيها أنه في حال تمرير هذا المقترح للبرلمان سيعاقب المغرب عقاباً شديداً، على المستوى الإقتصادي العام، كما أنّ وزير الخارجية الهولندي بعث رسالة تهديد، لكنّ كل هذا لا يبرر تجميد هذا المقترح الذي أصبح قانوناً ضمنياً في الحقيقة فالمسألة هنا مسألة سيادة، وعندما تطرح السيادة الوطنية فلا تبرير لأحد مهما كانت الضغوطات.
إعداد: عبدالسلام تقي
