الوقت- يعيش الشعب البحريني في ظل واقعٍ سياسي واجتماعي بات يُهدد مستقبله. فيما يمضي النظام بسياساته التعسفية عبر إصدار أحكام الإعدام والقيام بتلفيق الإتهامات، وذلك لأسبابٍ تخويفية لم يتبيَّن أن الشعب الشجاع استسلم لها. كل ذلك يجري دون وجود أي رقيبٍ أو حسيبٍ يمكن أن يُعيد لهذا الشعب بعض حقوقه أو يعترف بها. فماذا في آخر أحكام النظام البحريني؟ وما هو النهج الذي تعتمده السلطات البحرينية؟ وكيف تنتقد المنظمات الحقوقية الدولية جرائم وظلم النظام؟ وما هو دور جهاز الأمن الوطني والمخابرات البريطانية في ذلك؟
آخر أحكام السلطات البحرينية
قالت وكالة الأنباء البحرينية أن محكمة التمييز أيدت حُكم إعدام المتهمين الثلاثة بالتفجير الذي أدى إلى مقتل ثلاثة من عناصر الشرطة في آذار من العام 2014، حيث قضت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وبرفضه مضموناً. مما يجعل الحكم في تلك القضية باتاً في حق المتهمين الثلاثة.
نهج السلطات البحرينية: سياسة انتقام أم ماذا؟
عمدت السلطات الحاكمة في البحرين إلى انتهاج سياسة أشبه بالإنتقام من المواطنين السلميين المُنادين بحقوقهم المدنية والمشروعة مما جعلها تكشف وعلى مرأى العالم حقيقة وجهها الخفي. حيث يبدو واضحاً ومن خلال مراقبة سلوك السلطات البحرينية، أنها تسعى دوماً للقضاء على أي حراك ولو كان سلمياً. فيما باتت تستخدم أساليب - أدانتها المنظمات الحقوقة مراراً - كالقمع والإعتقال والتعذيب والقتل أيضاً. فيما تؤكد الحوادث المتتالية خلال السنوات الأخيرة تعمّد السلطة البحرينية في قتل المواطنين وبدمٍ بارد.
الهيئات الحقوقيّة تنتقد أحكام الإعدام وممارسات النظام البحريني
منذ أشهر أعلن أمين عام المنظمة الأوروبيّة للأمن والمعلومات وسفير الشرق الأوسط للجنة الدولية لحقوق الإنسان "هيثم أبو سعيد"، أن حكومة البحرين تقوم بإصدار أحكام بالإعدام دون أي وجه ولا مسوغ قانوني. حيث أنه وبحسب القوانين الدولية، فإن المحاكمات الموثقة لا سيما أحكام الإعدام تُعتبر جائرة بأغلبها، كما أن ممارسات النظام بالشكل الذي يحصل يُعتبر انتهاكاً للمواد السادسة والسابعة والرابعة عشر من العهد الدوليّ الخاص بالحقوق المدنية والسياسية (ICCPR)، والذي انضمّت إليه البحرين عام 2006، والتي تحمي الحق في الحياة والمحاكمة العادلة والحق في عدم التعرض للتعذيب.
جهاز الأمن الوطني: عودة لشرعنة سياسات الظلم
مع بداية العام الجاري، أعادت السلطات البحرينية تفعيل جهاز الأمن الوطني بموجب المرسوم الذي حمل رقم (1) لهذا العام، بعد أن تضمنت توصيات "لجنة بسيوني" فقرة تساءلت فيها عن دور جهاز الأمن الوطني، وأوصت اللجنة بتعديل المرسوم الخاص بتأسيس الجهاز وإبقائه جهازاً معنياً بجمع المعلومات الإستخبارية فقط دون إنفاذ القانون أو التوقيف. وهو ما عاد وشرعنه النظام البحريني عبر إعادة تفعيل عمل الجهاز. الأمر الذي أثار موجة من الإعتراضات الشعبية والحقوقية خصوصاً أن الجهاز كان مسؤولاً عن العديد من الإنتهاكات كإسقاط الجنسية عن مثقفين ونشطاء سياسيين في البحرين من بينهم آية الله الشيخ عيسى قاسم، واعتقال زعيم المعارضة الشيخ علي سلمان، والإبقاء على نبيل رجب قيد الإعتقال.
الإستخبارات البريطانية: دور مشبوه على الساحة البحرينية
لم يقتصر سلوك السلطة البحرينية على إعادة صلاحيات الجهاز الأمني فقط، بل هناك من يتحدث عن دورٍ بالغ الخطورة تلعبه الإستخبارات البريطانية (MI6) على الساحة المحلية البحرينية. فيما لا يُعتبر هذا الأمر مُستغرباً فقد خرجت القوات البريطانية من البحرين عام 1971 وعادت اليوم عبر دورٍ أمني استخباراتي. في وقتٍ تناغمت فيه التصريحات البحرينية والبريطانية لتُعبر عن حجم المصالح المشتركة. حيث تساءل ملك البحرين مراراً عن سبب رحيل القوات البريطانية من البلاد ودعاهم للعودة. في حين أعلن المسؤولون البريطانيون عن اعتبارهم النظام البحريني على أنه أحد المصالح البريطانية التي ينبغي الحفاظ عليها.
الواقع البحريني: تحليل ودلالات
عدة أمور يمكن استنتاجها مما تقدم نشير لها بالتالي:
أولاً: بات واضحاً أنه لا يمكن للنظام البحريني أن يستغني عن الحضور الغربي وتحديداً البريطاني في الداخل. فيما يتساءل المراقبون عن الركيزة الشعبية التي يعتمد عليها النظام السياسي في البحرين والتي لا يمكن أن يستمر دونها ولو دعمه الغرب بأسره.
ثانياً: يعيش الشعب البحريني بكافة أطيافه حالة من الظلم والإستبداد من قِبل النظام الحاكم. حيث أن أغلب المعتقلين في البحرين يؤكدون أنهم اعتقلوا لرفضهم ظلم النظام الحاكم خصوصاً أن السلطات دائماً ما تقوم بخطوات استباقية عبر تلفيق اتهامات بحق من تريد اعتقالهم، ثم تربط جرائمهم بالمحيط والعائلة التي يعيشون بينها.
ثالثاً: يتعاطى النظام البحريني بسياسة تعسفية تجاه النُخب البحرينية لا سيما الإعلام وأهل القانون. حيث يتم تهديدهم منعاً لفضحهم أمام الرأي العام المحلي والدولي.
رابعاً: تؤكد الحقائق أعلاه أن الظلم في البحرين أصبح جزء من الواقع الإجتماعي الذي يعيشه الشعب البحريني. فيما لا يوجد أي من الجهات القادرة على الحكم بموضوعية وإنصاف الشعب أمام نظامه التعسفي.
من الواضح أن الشعب البحريني يعيش تحت رحمة نظامٍ لا يستمد منه السلطة. بل إن ضعف النظام وافتقاده للركيزة الشعبية تُعتبر السبب الرئيسي في ممارسات السلطات البحرينية للسياسات التعسفية الظالمة بحق الشعب. فیما یبدو واضحاً أيضاً أن الشعب البحريني لن يتنازل عن حقوقه المشروعة والمطالبة بها بشكلٍ سلمي.