الوقت- في آسيا الوسطى هناك مركزان في الوقت الحالي لهما قدرة التوتر العالية، الأول هو وادي فرغانة والثاني نطاق الحدود الشمالية لأفغانستان مع بلدان آسيا الوسطى وخاصة طاجيكستان وتركمانستان، حيث حدوث الأزمة فيها يهدد أمن روسيا والصين وإيران.
وادي فرغانة منطقة بين طاجيكستان وأوزبكستان وقيرغيزستان، والعناصر التي يمكن أن ترفع منسوب عدم الاستقرار في هذه المنطقة، هي تنوع الأعراق التي تخوض صراعات تاريخية مع بعضها البعض، الكثافة السكانية العالية (11 مليون شخص في 22 ألف كيلومتر مربع)، شحة الأراضي والمياه، الاتجاهات الدينية المتطرفة، الأعمال غير اللائقة للحكومات مثل مذبحة أنديجان والأنشطة الواسعة النطاق لوكالات الاستخبارات الإقليمية وعبر الإقليمية، النزاعات الحدودية وقيام السكان المحليين بتهريب المخدرات والسلع بشكل واسع.
وتقع وادي فرغانة في مركز البرامج الوقائية للولايات المتحدة لمستقبل آسيا الوسطى، لأن معظم الخبراء الغربيين يعتقدون أن روسيا تساعد حركة أوزبكستان الاسلامية، لتمنع عبر أداة الضغط هذه توجه أوزبكستان المفرط نحو الغرب. ويرون أن مستقبل وادي فرغانة يعتمد على توجه طشقند نحو روسيا أو الغرب. فإذا اختارت أوزبكستان الخيار الثاني، فإن منطقة فرغانة ستتحول إلي ساحة مواجهة بين الشرق والغرب، وسوف يكون الوضع مماثلاً لأوكرانيا. ولعل هذا ما يفسر كلام مساعد وزير الخارجية الأمريكي أثناء تسليم 328 عربة مدرعة إلي أوزبكستان عندما قال: إن أوزبكستان بحاجة إلي هذه المعدات لمكافحة الإرهاب وتهريب المخدرات. وفي المجموع تصل قيمة هذه المساعدة العسكرية الأميركية إلي 154160000دولار.
وفي المقابل يتطلع الروس إلى الحدود الطاجيكية الأفغانية. وقد اعتبر السفير الروسي إلى طاجيكستان "ايغور لياكين فرولوف" هذه المنطقة بأنها حدود منظمة معاهدة الأمن الجماعي، ومعرضة لخطر الإرهاب، مضيفاً أن موسكو سوف لن تدخر جهداً للحفاظ على هذه الحدود. وفي الوقت الراهن هناك حوالي 5 آلاف متشدد على الحدود مع طاجيكستان، وحوالي ألفين متشدد علي الحدود مع تركمانستان من أتباع داعش. وقد تحولت في الوقت الحالي محافظات قندوز وبغلان وسربل وفارياب وجوزجان، إلي مكان تجمع الإرهابيين المستوردين من طاجيكستان وأوزبكستان وشمال القوقاز والسعودية وباكستان.
وربما لهذا السبب قال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في اجتماع منظمة معاهدة الأمن الجماعي في موسكو، إن " جماعة داعش المتطرفة تخطط لتوسيع أنشطتها في آسيا الوسطى. ويجب علي منظمة معاهدة الأمن الجماعي أن تكون مستعدة للتعامل مع هذا الوضع، وتستخدم التدابير الوقائية. وفي هذه الظروف يجب أن تكون الحدود بين طاجيكستان وأفغانستان هي الأولوية الأولى، كما يجب تقديم المساعدة المالية والتقنية إلي طاجيكستان لتحديث قواتها المسلحة.
كما قال نائب وزير الدفاع الروسي "أناتولي أنطونوف" عقب تفقده القاعدة العسكرية الروسية في طاجيكستان، إن قدرة طاجيكستان الدفاعية تعني أمن روسيا، ونحن نعتقد أننا من خلال استقرار طاجيكستان وتعزيز قواتها المسلحة، نضمن أمن روسيا. وقد صدرت لي الأوامر بأن أتخذ جميع الإجراءات والتدابير اللازمة بشكل سريع، لتعزيز القوات المسلحة الطاجيكية أكثر فأكثر.
وبالتزامن مع هذه التحركات الروسية، عينت داعش أميراً ومجلس قيادة من 12 عضواً لولاية خراسان. وقد أعلنت هذه المجموعة أنها قد حشدت 10 آلاف مسلح على الحدود بين باكستان وأفغانستان. ويبدو أن هذا الجيش قد أعدّ للهجوم علي أرض خراسان التاريخية، التي تشمل من وجهة نظر تنظيم داعش الإرهابي، باكستان وأفغانستان وشمال وشرق إيران ، وبلدان آسيا الوسطى الخمسة وغرب الصين والهند.
وتعتبر باكستان وأفغانستان أن الأخبار التي تتحدث عن مساعي وتحركات داعش في المنطقة، هي دعاية الدول الأجنبية. وبالنسبة إلي حكومات آسيا الوسطى فهي لم تبد أي رد علي ذلك، أما أوزبكستان فقد دعت رابطة الدول المستقلة إلي المساعدة في تعزيز حدود طاجيكستان وتركمانستان. وكما قيل إن خطوط النزاعات المحتملة هي شمال بلخ وهرات وقندوز في أفغانستان، ويجب أن نضيف بدخشان أيضاً، لأنها كانت في السنوات الأخيرة مركزاً لنشاط وتحركات المتطرفين.
إن أوزبكستان وبناءً على اتفاق غير مكتوب تدعم مشاريع أميركا في المنطقة. وقد أعلنت وكالة الأمن القومي الأوزبكي مؤخراً أن هناك أدلة تشير إلي أن داعش ستقوم في ربيع 2015 بتنفيذ عدة أعمال إرهابية في أوزبكستان، داعية إلى تعزيز الحدود بين طاجيكستان وقيرغيزستان. وعلى ما يبدو فإن طريق مجموعة خراسان إلي حقول النفط والغاز في كازاخستان وروسيا، تمر عبر تركمانستان وطاجيكستان. وبناءً علي ما تقدم ونظراً إلي مركزي التوتر المذكورين، فيمكننا رسم مستقبل تحالفات القوي الإقليمية وعبر الإقليمية، لجهة استخدام تيار التطرف في آسيا الوسطى.
