الوقت- في وقت تصرف امريكا آلاف المليارات من الدولارات على الحروب تعتبر الكوبونات الغذائية رمزا للفقر في هذه الدولة، ففي عصر أزمة الرهون العقارية يوجد ۲۸ مليون أمريكي مسجلين حديثاً لطلب الاعتماد علي تلك الكوبونات من أجل البقاء علي الحياة، وذلك في إشارة واضحة إلي أن أغنى دولة في العالم تعيش أزمة اقتصادية.
وقد زادت معدلات الالتحاق ببرنامج المعونة الغذائية التكميلي بنسبة 70 في المئة منذ العام 2008، فبحسب دراسة قامت بها صحيفة وال ستريت وصل هذا العدد الى 47.8 مليون في شهر ديسمبر من العام 2012.
عدد الأشخاص الذين يستخدمون كوبونات المعونات الغذائية تقريبا يعادل عدد الأمريكيين الذين يقبعون تحت الفقر، والذي ارتفع إلى أقل من 50 مليون شخص بقليل في العام 2011 بالإعتماد على مقياس الفقر التكميلي، والذي يختزل نفقات المأكل والملبس والمأوى والرعاية الصحية وغيرها من الضروريات، وتشير تقديرات مكتب الإحصاء الأمريكي أن واحدا من ستة أشخاص في امريكا يقبعون تحت خط فقر.
أكبر عامل وراء الزيادة في سوق العمل هو ركود وارتفاع معدلات الفقر وهذا يعني أن عددا مذهلا أي 15 في المئة من سكان امريكا يتلقى قسائم المعونات الغذائية، أي ما يقرب ضعف المعدل الذي كان في العام 1975.
وأظهرت الإحصاءات الرسمية أن ركوداً اقتصادياً جديداً يطارد امريكا، وأنه تم تسجيل رقم قياسي في اعتماد أمريكيين بشكل رئيسي على الكوبونات الغذائية لإطعام أنفسهم وأسرهم.
وزيادة أعداد الأمريكيين، الذين يعتمدون على ترجع جزئياً إلى الجهود التي بذلت مؤخراً لزيادة الوعي العام بهذا البرنامج وأيضا التحول من نظام الكوبونات الورقية إلى البطاقات الإلكترونية نتيجة الضغوط المفروضة على الأمريكيين العاديين بسبب المتاعب الاقتصادية المفاجئة وأزمة الرهن العقاري وتسريع فقدان الوظائف وارتفاع الأسعار.
الملتحقين ببرنامج المعونة الغذائية التكميلي يحصلون على الإعانات عبر بطاقة السحب الآلي، والتي يمكن أن تستخدم لشراء الحبوب واللحوم والفواكه والخضروات والخبز والحليب والمواد الغذائية الأخرى وعندما تكون كميات الغذاء قليلة، غالبا ما يهرع المستفيدون من برنامج المعونة الغذائية التكميلي إلى محلات البقالة التي تعمل على مدار الساعة، منتظرين لتحل الساعة 12 من منتصف الليل حيث يتم إيداع المساعدات في حساباتهم.
وذكرت بيانات اتحادية أن عدد الأطفال الأمريكيين الذين يعتمدون على كوبونات الطعام للحصول على وجبة ارتفع إلى 16 مليون طفل العام الماضي، مما يشير إلى انتعاش اقتصادي غير متوازن حيث ما زالت الأسر ذات الدخل الاقل بعيدة عن اللحاق به.
وأفاد مسح لمكتب الاحصاء الأمريكي عن العائلات الأمريكية أن واحدا من كل خمسة أطفال تسلم كوبونات طعام في 2014، وهو ما يتجاوز مستويات ما قبل الركود، حين كان واحدا من كل ثمانية أو تسعة ملايين طفل يتسلمون كوبونات طعام.
وعلى الرغم من التصريحات الرسمية التي تقول أن الركود الإقتصادي قد انتهى و أن الإنتعاش الاقتصادي جار على قدم و ساق، تلجأ العائلات الى الإستفادة من برنامج المعونة الغذائية التكميلي بأعداد قياسية ويشكّل الفقراء العاملين عدداً متزايداً من متلقي كوبونات الطعام، وحوالي نصف الذين يتلقّون المعونات هم من الأطفال.
وسعى الجمهوريون في الكونغرس إلى خفض برنامج المساعدة الغذائية التكميلية أو برنامج كوبونات الطعام في اطار خطة أوسع لتحقيق التوازن في الميزانية واقترح مشرعون في وقت مبكر العام الماضي تخفيضات بقيمة 40 مليار دولار في البرنامج على مدى عشر سنوات ، وخفضت النسخة النهائية لمشروع قانون المزارع الذي صدق عليها لتصبح قانونا 8.6 مليار دولار من البرنامج، مما يقضي على المزايا لحوالي 850 الف شخص حسب تقديرات نشطاء مناهضين للجوع ، وكشفت نتائج أخرى للمسح عن تغييرات سريعة في امريكا حيث أصبح مزيد من الأطفال ينشأون في عائلات بها أب أو أم فقط، وأن المزيد من الشبان يؤخرون الزواج.
ما يقارب نصف عدد الأطفال الذين يتلقون معونات برنامج المعونة الغذائية التكميلي في الوقت الحاضر، أي نحو 10 ملايين، يعيشون بالفعل في فقر مدقع وهو ما يعني أن دخل الأسرة أقل من نصف مستوى الفقر الرسمي ، إن الإجتزاءات من معونات برنامج المعونة الغذائية التكميلي بكل ما للكلمة من معنى هو بمثابة سحب الطعام من على طاولة الملايين من العائلات الاميركية في وقت تتزايد فيه حدة الفقر والهوة بين طبقات المجتمع.
انه الوجه غير المعروف لأغنى دولة في العالم، فالدولة التي تعتبر في النظام الاجتماعي بأنها أم لكل المواطنين لا تدفع سوى حفنة من الدولارات للذين يعتمدون في حياتهم في امريكا على كوبونات المواد الغذائية، غير أن الأزمة الاقتصادية التي تعتبر الأشد من نوعها منذ عقود جعلت أعداد المحتاجين والمعوزين في أمريكا ترتفع بشكل هائل حيث لم يعتمد مثل هذا العدد الحالي من الأمريكيين من قبل على كوبونات الغذاء، ومازالت الأعداد في تزايد في وقت لازال السياسيون الامريكيون يتحدثون عن انفاق آلاف المليارات من الدولارات على سياساتهم التوسعية في العالم.
