الوقت- البقعة الجغرافية الاستراتيجية, الصغيرة بمساحتها الكبيرة بتأثيراتها, التي يتضح يوما بعد يوم أن رسائلها النارية, ستدون مستقبل الشرق الاوسط قلب العالم وترسم وجهه السياسي.
مجددا رسائل الجولان, تنقل مع تصاعد الغبار الآتي مع زحف جحافل الجيش العربي السوري وحلفائه الذين اشتاقت اليهم المنطقة الأصيلة بعد ان احتلها جيش سعد حداد العميل بنسخته السورية فأتوا ليستعيدوها.
الجيش السوري والأكثر صراحة محور المقاومة, يستمر في تقدمه السريع الذي يذكرنا بتاريخ ماض قريب, هو مشهد سحق داعش الارهابي تحت أقدام الجيش العراقي واللجان الشعبية من أغلب المناطق التي احتلها خلسة في العراق.
تموضعات الجيش وخطته العسكرية التي يسير بشكل سريع نحو تحقيقها وسط ترقب ورعب اسرائيلي يعكس حجم الانجاز وقيمته, كان في معرض حديثنا في مقال حول الحملة العسكرية المدوية المستمرة في سحق جيش لحد العميل وطرده من المنطقة الجنوب السوري.
رسائل الجولان, كلماتها كانت معدة مسبقا, هي ترجمة لفعل الحماقة الاسرائيلية التي استهدفت الجيش السوري علنا منذ بداية الازمة السورية ودعمت المسلحين معلوماتيا ولوجستيا وعالجت جرحاهم وساهمت في التخطيط لتموضعاتهم عبر مخطط اصبح واضحا بلسان اعلام العدو, الذي اراد تثبيت حزام امني يحمي حدوده عبر استنساخ تجربة جيش لحد بصورة سورية !!
وجاءت عملية استهداف الموكب القيادي الذي ضم قيادات من الحرس الثوري الايراني ومن حزب الله, الشعلة التي فتحت ابواب المواجهة على مصرعيها.
فما كانت كلمات السيد نصر الله عن جيش لحد واعلانه التحلل من معادلات الردع وقواعد الاشتباك التي كسرها الاسرائيلي, وكذلك كلام الرئيس الاسد الذي اعلن ان لديهم ادلة دامغة عن تورط الكيان الاسرائيلي في ادارة حملات من الحدود الجنوبية نحو دمشق, والتوعد الصارخ الذي اطلقه قادة الحرس الثوري الايراني بأن على الكيان الاسرائيلي أن تتحضر لعاصفة مدوية, الا ترجمة لهذه البداية النارية !!
لم تتأخر الرسائل في ترجمة مفردات الخطابات, ولم تكذب كلاما سياسيا أن هذه الحماقة الاسرائيلية أخرجت الى العلن اللحمة الميدانية التي تجمع محور المقاومة, وأعطت الحجة لهذا المحور بأن يكشف عن عظيم قدرته حين يتحد في ميدان !!
فكان العراق البارحة, واليوم الجولان.
الحملة العسكرية لاعادة الجنوب السوري الى اكناف الدولة:
إن القول بأن الحدود السورية الجنوبية تشهد معركة أقليمية ليس مبالغا فيه بل أشمل من اقليمية أيضا, ففي هذه الجغرافيا, يقود جيش لحد بالنسخة السورية عمليات عسكرية واسعة مدعوما بتوجيهات وإدارة إسرائيلية وأردنية وأميركية وفرنسية مباشرة وتدخلات بالسلاح والمعلومات والدعم الناري المباشر الذي أصبح معلنا وموضع تناول متكرر من قبل الاعلام.
فلم يعد خفيا, ان القوة الغربية والاسرائيلية مع الحليف الاردني وجيش لحد الجديد, تسعى لفرض حزام الأمر الواقع الأمني في مناطق محافظة القنيطرة المحاذية للجولان المحتل، ليشكل حماية للكيان الاسرائيلي الذي يتدخل في الازمة السورية بوقاحة ويقيه هجمات محور المقاومة عبر الاستفادة من رجال وسلاح "الثورة السورية المباركة ".
وهذا الأمر ترفضه ايران والنظام السوري وحزب الله وروسيا ايضا, لينتقل اليوم هذا المحور الى مواجهة مباشرة لهذا المخطط حيث أطلق محور المقاومة العمليات العسكرية القائمة, عبر تنسيق وتخطيط وتحضيرات مسبقة.
الأمين العام لحزب الله الذي أوضح أن امكانية تأسيس جيش لحد جديد في الجولان امر مرفوض وان الكلمة والفصل في تلك المنطقة للجيش السوري والمحور الذي ينتمي اليه , ويضاف الى هذا تصريحات نارية اطلقها الحرس الثوري الايراني عبرت عن ان ما يحصل في الجولان امر مرفوض قطعا وما رافقه من تصريحات للمرشد الاعلى للثورة الاسلامية عبرت عن سماحه لبعض من الايرانيين بالتوجه لتأدية واجبهم القتالي في سوريا.
فكانت هذه الحملة انطلاقة لمرحلة جديدة من العمليات العسكرية في تلك المنطقة تهدف لاسقاط مشروع الحزام الأمني الاسرائيلي, فضلا عن اهداف اخرى تتخذ شكلا وقائيا.
في التوقيت:
الحملة العسكرية تعبر في توقيتها عن وعي وحكمة كبيرة جدا تمتلكها قيادة محور المقاومة مجتمعة, فهي تأتي في ظرف محرج جدا للكيان الاسرائيلي الذي يقدم على انتخابات داخلية تلقى فيها نتانياهو صفعة قوية من محور المقاومة نتيجة حماقته وتهوره في اعتداء القنيطرة, والرد الذي تلقاه في عملية حزب الله مما اظهر مدى الضعف والشلل الذي يعانيه الكيان الاسرائيلي الذي بدا مربكا غير قادر على الرد مجددا لأن هذا الفعل قد يحمل اليه حربا شاملة مدمرة, عبرت عنها رسائل عنيفة بصواريخ المقاومة التي استهدفت الموكب العسكري الصهيوني دون اي تردد, وهذا الظرف جعل الكيان يعد الف مرة قبل الاقدام على اي حركة تطال اي فرد او مكان يخص محور المقاومة.
وفي المقلب الاخر, يأتي التوقيت في ظل تفاقم أزمة احراق التيار الاردني وانعكاسها على الوضع الداخلي في الاردن الذي يعاني من انشقاق واصطفاف خطير جدا يضع الملك الاردني امام ظرف خطير ومحرج لن يمكنه من المشاركة في المعارك الجارية في الجولان بعد ان اطلق سابقا يد استخباراته فتح حدوده واقام غرف عمليات لادارة تنفيذ المشروع الاسرائيلي في الجنوب السوري.
وهذا ليس كل شيء, فالحليف الامريكي للكيان الاسرائيلي, غارق في ترتيبات تسوية الملف النووي الايراني, وهو ليس في وارد الموافقة على اي عمل عسكري اسرائيلي يخرب مساعيه قبل الجولة القادمة من المفاوضات في شهر اذار.
وفضلاً عن ذلك، فإن لمعركة الجنوب هدفا يتصل بأمن المقاومة, حيث يهدف الهجوم الى استباق عملية عسكرية كان يحضرها الكيان الاسرائيلي عبر الجماعات المسلحة التي حشدت الالاف من عديدها في منطقة الجولان تمهيدا للهجوم على القرى اللبنانية الدرزية في مناطق مزارع شبعا ومرتفعات جبل الشيخ والوصول الى مشارف القرى الشيعية داخل الحدود اللبنانية وهذا ما يعتبره الحزب خطا أحمرا ايضا !!
العملية العسكرية, تحمل طابعين, الأول وقائي, متعلق بالجغرافيا اللبنانية, يهدف الى استباق عمل عسكري يخطط له من قبل جيش لحد الجديد واسياده, لاستهداف مناطق داخل لبنان عبر مزارع شبعا.
وكذلك التمهيد لعملية عسكرية محتملة في بداية الربيع القادم تهدف لانهاء تواجد المسلحين في مناطق القلمون وجرود عرسال, عبر عزل المسلحين في تلك المنطقة وقطع الامداد والتواصل عنهم وسط تشدد في تضييق الخناق على طرق امداد المسلحين في تلك المناطق حاليا ينفذه الجيش اللبناني وحزب الله من لبنان والجيش السوري من الخلفية السورية.
اما فيما يتعلق بالجغرافيا السورية, تأتي العملية لتحصين درع للعاصمة السورية دمشق التي يتم استهدافها عبر هجمات من الحدود السورية الجنوبية التي تشكل خطرا استراتيجيا فيما لو بقيت المعارضة تتقدّم من درعا والقنيطرة باتجاه الشمال.
اما الطابع الثاني الذي تحمله هذه المعارك فهو تموضع هجومي عبر اعادة السيطرة على الحدود الجنوبية من قبل محور المقاومة لجعل الكيان الاسرائيلي امام خيارين لا ثالث لهما اما التزام عدم التدخل في الشؤون السورية واستهداف محور المقاومة بكافة اذرعه وتموضعاته, وبالتالي عودة النظام السوري الى الالتزام مجددا بقواعد فك الاشتباك التي خططها كسينجر عام 1972بعد ايقاف الكيان الاسرائيلي اعتداءاته, واما تحويل الجولان السوري منطقة عمليات عسكرية تستفيد منها المقاومة في استهداف الكيان الاسرائيلي لوقف اعتاداءاته في حال رفض الكيان المحتل الانصياع للارادة السورية.
هو الكيان الاسرائيلي, ومن يقف معه في خندق واحد من جيش لحد الجديد والنظام السعودي والاردني العابثين في تلك المنطقة السورية, الساعين لاستهداف محور المقاومة خدمة للكيان المحتل, ينظرون لما يحصل بأم العين, ويشاهدون مجاهدي محور المقاومة يرفعون راية الدولة السورية ويتقدمون وسط انهيارات واسعة في صفوف جيش لحد الذي يكرر تجربة انهيار جيش لحد الاول في الجنوب اللبناني, تحت وطأة ضربات محور المقاومة الذي صار وسط الاحداث حقيقة مفروضة متواجدة بأذرعها المتعددة على ارض الواقع تصنع بوحدتها المعادلات وتضع نهاية لاطماع دولة حاقدة ماكرة معتدية.
فما وقع الحملة العسكرية على الكيان الاسرائيلي؟؟ كلام ينقله الاعلام الاسرائلي بلسانه ووسائله, تقرير مفصل نضعه بين ايديكم ينقل لكم مستوى تأثيرات هذه المعركة في قادم الأيام بلسان الكيان الاسرائيلي.
