الوقت- على مقربة من ذكرى اغتيال القائد الجهادي في حزب الله الشهيد عماد مغنية, كتبت صحيفة "واشنطن بوست" عن تفاصيل مثيرة حول عملية الاغتيال في 12 شباط 2008 كاشفة أن العملية نُفذت بالتعاون بين الموساد والمخابرات الأميركية سي أي أيه.
الصحيفة قالت إن الشهيد "عماد مغنية كان يسير في شارع منعزل هادىء في دمشق بعدما خرج من أحد المطاعم حيث كان هناك فريق من السي أي أيه يلاحق تحركاته ولدى اقترابه من سيارة رباعية الدفع كان قد أوقفها في المكان إنفجرت عبوة ناسفة كانت مزروعة في الإطار الإحتياطي الموجود في خلفية السيارة فتطايرت الشظايا ضمن دائرة ضيقة ما أدى لإغتيال عماد مغنية على الفور".
وكشفت الصحيفة إن العبوة فجرها الموساد عن بعد من تل أبيب وهم كانوا على تواصل مع المجموعة العاملة على الأرض و اشار مسؤول سابق في الاستخبارات الاميركية الى ان الطريقة التي اعدت بها العبوة كانت تسمح للولايات المتحدة باعتراض وتعطيل تفجيرها ولكنها لا تمكنها من تفجيرها وقد تم اختبار هذه القنبلة في ولاية كارولاينا الشمالية لضمان ان يكون الانفجار محدوداً ولا يؤدي لأضرار جانبية وقال مسؤول سابق لقد فجرنا حوالى 25 قنبلة للتأكد من حسن سير العملية.
العملية بحسب واشنطن بوست كانت تحتاج الى موافقة الرئيس الاميركي جورج بوش وقد وقع عدد من كبار المسؤولين الامريكيين من بينهم وزير العدل ومدير جهاز الاستخبارات الوطني ومستشار الأمن القومي على الأمر أيضا.
في 12 شباط 2008، كان عماد مغنية، قائد العمليات الدولية في "حزبالله"، يسير في شارع هادئ ليلاً في دمشق بعد تناوله العشاء في مطعم مجاور. وعلى مسافة قريبة، كان فريق من عملاء وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية (سي آي أيه) في العاصمة السورية يرصد تحركاته.
وعندما اقترب مغنية من سيارة رباعية الدفع مركونة في موقف للسيارات، انفجرت عبوة مزروعة في إطار احتياطي في مؤخر السيارة، وتطايرت الشظايا ضمن دائرة ضيقة، فلقي مصرعه على الفور.
يأتي كلام الاستخبارات الامريكية بعد مضي 7 سنوات على الاغتيال, حيث لم تعترف امريكا مسبقا قط بالمشاركة في العملية التي ألقى "حزب الله" تبعتها على الكيان الاسرائيلي. لكن لطالما كانت هناك شكوك حول تورّط واشنطن, ففي كتاب "الجاسوس الطيب" (The Good Spy ) عن المسؤول الخبير السابق في الـ" سي آي أيه "، روبرت آيمس، ينقل الكاتب كاي بيرد عن مسؤول استخباري سابق قوله بأن العملية "خضعت في شكل أساسي لإشراف السي آي أيه" وبأن "فريقاً من فرق العمليات السرية في السي آي أيه هو الذي نفّذ الاغتيال".
تعليقات حول توقيت وطبيعة التصريحات الاستخباراتية:
ما إن كشفت صحيفة "واشنطن بوست" النقاب عن الدور الأميركي في اغتيال الشهيد عماد مغنية في العاصمة السورية قبل سنوات، حتى تداعى المعلقون الأمنيون والعسكريون الإسرائيليون إلى عرض معاني ذلك. وفيما رأى معلقون أن تسريب الأنباء عن الدور الأميركي في عملية الاغتيال يرمي إلى إظهار أنه ليس في وسع الكيان الاسرائيلي العمل في المنطقة العربية من دون امريكا، و أشار آخرون إلى أن هذا الكشف يورط واشنطن مع "حزب الله".
المعلق الأمني في "معاريف الأسبوع"، يوسي ميلمان تحت عنوان "التسريب ليس صدفة"، إن من سرَّب تفاصيل اغتيال الشهيد مغنية لصحيفتي "واشنطن بوست" و"نيوزويك" الأميركيتين أراد نقل رسالة للكيان الاسرائيلي ورئيس حكومتها أن "ليس في وسعكم العمل من دوننا. انظروا إن كان التعاون وطيداً بين جهازي الاستخبارات للدولتين، من شأنه أن يتضرر جراء سياسة رئيس حكومتكم. هذا هو الجوهر المستتر للرسالة المسربة".
من جهته ينطلق المعلق العسكري في "القناة العاشرة" آلون بن دافيد، الذي ينشر تعليقات أيضاً في "معاريف الأسبوع"، ليشير إلى أن نشر هذه الأنباء يورط امريكا في المعركة ضد "حزب الله".
وكتب بن دافيد أن قصة اغتيال مغنية نشرت بالتوازي في اثنتين من كبريات الصحف الأميركية، ما يشير إلى وجود حملة مدروسة.
ويضيف بن دافيد: "لم تخف واشنطن بوست أن مصدر معلوماتها موظف سابق في سي آي ايه، والشعور هو أن هذه حملة موجهة أولاً وقبل كل شيء إلى داخل امريكا. فوكالة الاستخبارات المركزية تلقت شحنات من الانتقادات في لجنة مجلس الشيوخ، خصوصاً على طريقتها في التحقيق مع المشبوهين بالإرهاب في الدول الأجنبية. وهذا النشر يأتي ليوضح أن الوكالة تعرف كيف تفعل أموراً أفضل. لكن هذا النشر يورط امريكا مع حزب الله، الذي لم يتهم الأميركيين أبداً باغتيال مغنية ".
مع حلول الذكرى السنوية السابعة للاغتيال، نشر الصحافيان بالتوازي هذه المعلومات التي تكشف أكثر فأكثر, عن مدى العلاقة التي تربط بين الاستخبارات الامريكية والاسرائيلية.
لكن التوقيت التي تأتي فيه التقارير الواضحة والتي اعترفت بالمصادر بشكل علني دون صدور تأكيد حول صحة التقارير, لها دلالات كثيرة أشار اليها المحللون في عرضنا للتعليقات.
في الخلاصة, تعتبر التقارير رسالة موجهة الى الكيان الاسرائيلي الذي يشوب علاقاته مع امريكا مشاكل حادة بسبب سلوك نتانياهو وحكومته, ويأتي التصريح ليتوجه للشعب الاسرائيلي الذي سيدلي بأصواته ويحدد شكل الحكومة القادمة, لمحاولة الضغط على التيار المتشدد في الكيان واضعافه عبر الاشارة الى مستوى الاستفادة التي يجنيها الكيان الاسرائيلي من امريكا وما يقابل هذا من سلوك سيء من قبل نتانياهو وحكومته.
في حين أن المفاوضات النووية الايرانية تقدم على مرحلة مفصلية في شهر اذار القادم, وسط تزايد الرفض الاسرائيلي والعربي لمنع حدوث الاتفاق , في مقابل سعي امريكي لانهاء الملف عبر انجاز اتفاق يعطي اوباما دفعة الى الامام وسط مسعى الجمهوريين الذين يتماهون مع نتانياهو في منع حصول اتفاق, لتأتي التصريحات كرسالة واضحة لنتانياهو حول مستوى الحاجة الاسرائيلية لامريكا.
على اي حال, تأتي التقارير كمحاولة لترطيب الاجواء مع القيادة الايرانية في رسالة دبلوماسية مبطنة واضحة تريد فيها الادارة الامريكية تمهيد اجواء ايجابية حول الاتفاق بعد موجة المواجهة الساخنة التي جرت الاطراف الى مواجهات عسكرية اثر اعتداء الجولان وما بعده من تداعيات.
