الوقت ـ لأن الأسود لا تلد الا أشبالا, ولأن أمثال عماد فايز مغنية, الذي أرعب اسرائيل وهز عروش قيادييها وأبكاهم, و وضع نهاية حلم الدولة العبرية, لأن أمثاله, لا يموتون, ولا ينتهون, ولأن كل ذرة من آثار العماد رعب وخوف وقلق للكيان الاسرائيلي, كان الامس والاغتيال ..
لأنك شبله, تشبهه بفكرك وشكلك وحياتك, ولأنك زققت منه كره اسرائيل زقا, وحفظت منه أسرارا وأسرار, كيف يجعل الرجل بإصرار وعزم وايمان وحش الاعلام الى أوهن من بيت العنكبوت...
جهاد تمهل, لا ترحل, لم يشبعنا وجه عماد الحي بعد, لم نكتف منه, لا ترحل!!
أم أنك في ليل من ليالي الضاحية الجنوبية, جئت متعبا من بلاد الشام والفتح , فاخترت أن تشكي تعبك المبكر لأبيك .. كل من عرفك, عرف أنك تفتقده أكثر من أي شخص.. وعرف أنك تدفن وتصبر على ألم يتم لأب ليس ككل الأباء ..
ماذا قلت له؟؟ ماذا همست في وحدتك .. رأتك ليلتها النجوم وبكاك القمر .. هل قلت له يا والدي إنه يخنقني البعد عنك .. أبحث عنك في كل زوايا الجبهات .. أبحث عن القشة التي كنت تنتشلها من أرض الجهاد تلاعب فيها ثغرك وتنظر للبعيد البعيد ..الى أبعد مدى الى القدس .. هل شكوت له والدموع التي لم يراها أحد من عينيك تنهال, خانت عنفوانك حينها..فكبيت وسالت, وسال معها قلب أبيك الذي كنت عنده المدلل المقرب .. فقررتم حينها أن تتعانقا .. وأن تناما بهدوء قريري العين ..
عجزت بلاطة القبر والجسد وغدر الصهاينة , أن يبعدوك عن من كنت تنظر الى عيناه بلا شبع , تسترق النظر اليه وتغتنم فرصة أتى فيها الى البيت لكي يرتاح , فتنهال على جبهته قبلاتك قبل أن تغفو عيناه وينام تعبا..
كان ثقيلا عليك الفراق, لم تمض سبع سنين من الفراق عليك كما مضت على الناس .. لم يشبعك لهو الصبية والسهرات, ولم يجذبك جميل مقاعد الجامعات وعيش الطلاب .. فقررت أن تبحث عن والدك دون كلل ولا ملل..
خبرنا , هل وجدته على تلال هضبة الجولان, حيث ارتحل وكانت تحدق عيناه .. الى هناك حيث يريد لجنوده أن يعبروا, لينهوا حلم الكيان المصطنع, ويصنع بعقله اللامع وارادته الصلبة تاريخا عجز كل العرب والغرب عن صناعته ..
كيف لك أن تعيش بعيد ا عم هكذا والد .. الحق معك .. قد سمع العماد أنين طفله الذي أضناه الفراق .. سمع الشكوى ليلا ولمس دموع عيناه على بلاط قبر ليس فيه الا الجسد .. فابتهل الوالد الى الله .. فانتفح القبر .. خلع الولد الجسد ومضى في عناق سيطول .. يطول ...
جهاد عماد مغنية , إن تمعن في صوره التي شغلت الاعلام منذ ان ارتحل والده , واعتنق المنبر يعد الوالد , أنه لم يمت , وأن فترة طيش الطفولة ولت , وأن الجبهات مسكنه الجديد , وأن ثأر الله وثأر أبيه , في كل بقعة داستها قدما الطفل الذي شب في الميادين والجبهات وساحات مقارعة اسرائيل..
نبذة عن حياة الشهيد :
سطع نجم جهاد عماد مغنية, منذ استشهاد والده عام .... , حيث صعد الولد الصغير بطلب من قيادة المقاومة , الى المنبر يوم تشييع والده يرتدي البذلة العسكرية, ليطلق خطابا لفت نظر اسرائيل لهذا الشبل المرعب الذي يحمل في طلته وعيناه الكثير من التحدي, تماما كقيادة المقاومة التي رأت في شخصيته ما كانت تراه في والده من حضور وبلاغة ووعي وذكاء ونباهة, ومنذ ذاك الحين, بدأت رحلة الطفل الذي كبر جامعا القلم والرصاص.
جهاد عماد مغنية ( طيردبا 1989 م – عازب ), الابن المقرب للشهيد القائد عماد مغنية, عاش في الظل وسط تعتيم أمني على حياته وعائلته لظروف حساسة عاشتها العائلة التي تلاحق اجهزة الاستخبارات العالمية رجلها الأكبر. بدت ملامح القيادة والنباهة والذكاء تظهر في حياة الشاب الصغير أكثر من إخوته, وقد عبر العديد ممن عرفوه أنه يقرب الشهيد القائد كثيرا خلقا ومنطقا ..
تميز جهاد, بطفولة صاخبة, حيث بدت قدراته وطاقاته تتجاوز الجيل والعمر الذي ينمتي اليه, وقد كان منذ صغره كثير الحركة والنشاط ويتميز بذكاء وابداع كبير. منذ استشهاد والده, تلقى الشاب الألمعي, اهتماما من قيادات المقاومة وخصوصا أمينها العام , وبدأت الحزب يعد الشاب لدور مستقبلي يليق بشبل الشهيد عماد مغنية, حيث اتيح لجهاد التواجد قرب القيادات العسكرية والامنية للحزب لاكتساب الخبرة العملية الغوص في اتون العمل المقاوم الذي يميل اليه الشاب الذي بدأ يكرر تاريخ والده منذ الصبا.
لم تتوقف حدود الرعاية بهذا الشبل, عند حدود حزب الله , فقد حاز ايضا على اهتمام من القيادات في الحرس الثوري الايراني, بشخص الحج قاسم سليماني قائد فيلق القدس ورعاية المرشد الأعلى للثورة السيد على الخامنئي, حيث تواجد الشاب , مع قادة الحرس الثوري الذين كانوا يعملون في مناطق بلاد الشام ولازم قيادات من الصف الاول والثاني في الحزب , وقد تدرج جهاد داخل الأطر التنظيمية للحزب بشكل سريع , حيث خضع للعديد من الدورات الخاصة في الحزب.
الشهيد الشاب , كان يجمعه بأصدقائه علاقات ودية كبيرة, وكان من الأشخاص الوديين والدائمي البسمة, ولكنه يختزن كما والده مزيجا ساحرا من الذكاء والدقة والوعي الى جانب الفكاهة وطيب العشرة, وكان يمتلك في شخصيته مواصفات قيادية ونظرات ثاقبة تظهر حجم التحدي والعنفوان الذي يختونه, وتمتع في حياته بعلو همة وتعدد مواهب بدأت تظهر في داخله كلما زاد من العمر عدة.
الشاب الذي يستهويه السلاح والقتال المباشر في الميدان, لم يترك الجامعة والدراسة بل مزج في جهاد العلم والسلاح, حيث درس في الجامعة الأمريكية لبيروت, ادارة الأعمال, وتفرغ بعدها لأداء واجب لطالما كان يرى والده ذائباً في تأديته.
جهاد الوجه الشبيه بوجه والده, لم يترك ساحة من الساحات الا وتواجد فيها, حيث كان يهتم بتلبية الدعوات التي تأتيه لاحياء نشاطات تقام باسم والده وتكريما له, فقد تنوع مشاركاته جنوبا وبقاعا في الانشطة الثقافية والرياضية والاجتماعية المختلفة , حيث فاز بالعديد من الجوائز الثقافية كما العسكرية, كجائزة " الشهيد مطهري الثقافية " التي فاز فيها الشاب صاحب الذكاء العملي السريع.
سفر للعناق الأبدي:
الشاب الذي لم يكتب له صنع ما صنعه والده بالعدو الماكر اسرائيل, لم يحمله شوقه للبقاء, فقرر يوم الاحد 18-01- 2015 , أن يلاقي والده على حدود المنطقة التي كانت تعني له الكثير, فاطمأن على أن خطى النصر الحاسم ودخول القدس بات قريبا, كلمات سمعها قبل السفر بأيام ليحملها لوالده الذي ينتظر هذا الوعد, فمع تصريح أمين عام المقاومة السيد حسن نصر الله بأن المقاومة ستجتاح شمال فلسطين في الحرب القادمة, ومشهد الجولان السوري الذي كان يرسم الشاب الطامح فيه خطط ومنافذ للعبور, ومع قائده الذي أحبه الحاج أبو عيسى الذي كان يشغل جاهد مغنية منصب معاونه, حيث استلم الحج أبو عيسى بعد عدة نجحات باهرة جلبت العز والنصر للقيادة في سوريا والعراق ولبنان, وقرر جهاد مغنية أن يختم مسيرة مشرفة كانت قصيرة كبدر مر في سماء شهر شباط وارتحل ليعانق والده الذي يفخر بهذا الشبل القادم من الميادين.
جهاد عماد مغنية 1989 - 2016, شهادة شبل, ستشعل في جيل شباب المقاومة وأطفالهم شعلة وارادة ستنهال الى الميادين من كل حدب وصوب, وتعبر من حيث اوصى أبو عيسى وجهاد, الى هناك الى الحلم الى فلسطين في القريب.
هو جهاد عماد مغنية, 26 عاما, نامت عيناه بعد ان اطمأن ان النصر يسير قريب, تاركا اخوة له يبكيهم غيابه, تشحذ عزمهم شهادته وصدق العهود. شاء جهاد أن يكرم والده بهدية لم يقدمها باقي الابناء, رحل الى والده يكرمه بمساواة من أحبهم وأحبوه, ليصبح نجلا شهيدا لوالد قائد شهيد, فتكتمل شعلة القيادات الصادقة الالهية ويلتحم مجددا دم الابن والاب فيتعانقا في رحلة الأدبية, حسين محمد عباس الموسوي, هادي حسن نصر الله, علي حسان اللقيس, جهاد عماد مغنية, ولم تنته القافلة حتى تصل الدماء لتلطخ وجه اسرائيل وترسم معادلة بالدم لن تهدأ حتى تقضي على الكيان الاسرائيلي.
