الوقت - يبدو أن روسيا لم ولن تتحمل وحدها مخاطر فرض عقوبات أوروبية على اقتصادها٬ بل إن أوروبا نفسها سوف تدفع الثمن غاليا، وهذا ما نرى تداعياته يوماً بعد يوم، اذ يبدو أن حملة الولولة الأوروبية من سخونة الأضرار التي تلحق بهم بسبب هذه العقوبات تتدحرج كقطع الدومينو، ودولة بعد دول باتوا يلوحون من باب التذكير بأنهم يعانون من خسائر لن تطول قدرتهم على تحملها.
خسائر المقاطعة على الأوروبين أكبر بأضعاف من خسائر روسيا
قدرت وزارة التنمية الاقتصادية الروسية الأضرار التي لحقت بالاتحاد الأوروبي جراء فرض العقوبات ضد موسكو بنحو 100 مليار دولار، بالمقابل تكبدت روسيا ما بين 20 و25 مليار دولار، وكان نائب وزير التنمية الاقتصادية الروسي "ألكسي ليخاتشوف" قد صرح سابقاً على هامش منتدى الاستثمار الدولي سوتشي 2015: بأنهم يراقبون عن كثب الجانب الرسمي والمحتوى من الآثار السلبية للعقوبات.
وقيّم ممثل الوزارة الروسية أضرار روسيا من العقوبات على مدى فترة العقوبات الماضية وحتى العام الماضي ما بين 20 و25 مليار دولار، في حين أن الأضرار على الاتحاد الأوروبي قدرت بنحو 100 مليار دولار.
بلغاريا تتحمل خسائر كبيرة بسبب الحظر الروسي
أعلن الرئيس البلغاري "روزين بليفنيلييف" أن بلغاريا تتحمل خسائر كبيرة بسبب الحظر الروسي، لكنها ما زالت ملتزمة بالعقوبات ضد روسيا، موضحاً أن الخسائر كبيرة في القطاع الزراعي والسياحي، ولكن بلغاريا تؤيد العقوبات ضد روسيا.
واعتبر أن المال لا يلعب الدور الحاسم، عندما يجب اتخاذ القرارات السياسية الجريئة بهدف منع زعزعة الاستقرار في المستقبل"، مفيداً أن "بلغاريا لا تزال مرتبطة بشكل كبير بتوريد الغاز من روسيا."
ولفت إلى أنهم يبحثون عن البدائل وينتظرون إنجاز بناء خط نقل الغاز بين رومانيا وبلغاريا وأنهم اتفقوا مع شركائهم في اليونان على بناء خط جديد لنقل الغاز "Interconnects".
سبق لألمانيا أن اكتوت بأضرار جسيمة أيضاً في الملف نفسه
سبق لألمانيا أن شكت من وجعها من الملف نفسه إذ أن الصادرات الألمانية إلى روسيا تراجعت بنسبة 25.5% العام الماضي، نتيجة للعقوبات الأوروبية المفروضة على موسكو والرد الروسي عليها، وذلك وفقاً لأرقام نشرتها لجنة العلاقات الاقتصادية الأوروبية الشرقية.
ومنذ مدة ليست ببعيدة بدأ رجال الأعمال الألمان يطالبون بتحريك الجمود بين الدولتين لأنهم لم يعودوا يطيقون الخسائر الفادحة التي لحقت بهم على أثر هذه العقوبات، اذ كشف موقع "سبوتنيك" الروسي ما دار في أروقة المؤتمر الإقتصادي الذي نظمه حزب الاتحاد الديمقراطي الذي ترأسته المستشارة الألمانية "أنجيلا ميركل" في سترالسوند في ألمانيا، حيث طالبت "ميركل" رجال الأعمال بالصبر نتيجة الخسائر الاقتصادية التي تتكبدها ألمانيا جراء العقوبات الاقتصادية المفروضة من قبل الإتحاد الأوروبي على روسيا بسبب الأزمة الأوكرانية.
واعترفت "ميركل" بأن هذه العقوبات تؤثر سلبا على اقتصاد ألمانيا أي بنسبة خسائر تقدر بــ 25 في المئة أي بحوالي 7.5 مليار يورو بسبب وقف التصدير الى روسيا، وهذا يعد خسارة كبيرة لألمانيا في وقت تعاني فيه أوروبا والعالم من تراجع في الأسهم العالمية خاصة النفطية منها والتي بدورها تؤثر على مجالات إقتصادية أخرى، اضافة الى أزمة اللاجئين التي تكبد ألمانيا أيضاً عبئاً اقتصاديا اضافياً.
هذا ويجدر الاشارة إلى أن العلاقات بين روسيا والدول الغربية تدهورت على خلفية الأزمة الأوكرانية، حين اختارت واشنطن وبروكسل التصعيد ضد موسكو، إذ بدأتا بفرض عقوبات ضد روسيا على مراحل منذ آذار 2014، حيث طالت العقوبات في البداية شخصيات وأفراد، من ثم تم توسيعها فيما بعد لتطال قطاعات من الاقتصاد الروسي وما يشمله من شركات ومؤسسات تجارية وزراعية.
بدورها قررت موسكو في شهر أغسطس في نفس العام فرض قيود على واردات المواد الغذائية من الدول التي فرضت عقوبات عليها ارتباطا بالأزمة الأوكرانية كرد على العقوبات التي تمارسها هذه الدول على روسيا.
وطالت قائمة الحظر الروسية واردات اللحوم والنقانق والسمك والخضروات والفواكه ومنتجات الألبان من الاتحاد الأوروبي وأمريکا وأستراليا وكندا والنرويج. وفي الـ25 من تموز 2015 قررت الحكومة الروسية تمديد هذه القيود لمدة عام آخر حتى الـ5 من آب عام 2016، وذلك ردا على قرار الاتحاد الأوروبي تمديد عقوباته على روسيا حتى الـ31 من كانون الثاني من العام الحالي، وبعد ذلك ذكر مصدر صحفي أن العقوبات مددت هذا الشهر لتمتد إلى شهر أيلول من العام الحالي.
فكم سيصمد الأوروبيون؟ وهل هي سياسة النفس الأطول؟ أم أن الذراع الروسية أقوى من أن تلويها عقوبات أوروبية وأمريكية؟ ما علينا إلا انتظار الأشهر القليلة المقبلة لنعرف مستجدات هذا الملف، خصوصاً أن مسببه الأساسي أي أوكرانيا بدأت السير على طريق التغيير المرتقب الذي قد يرضي الجميع.
