الوقت - المشاورات والتكهنات حول محادثات السلام السورية، التي من المقرر أن تبدأ اليوم في جنيف، تزايدت بشكل ملحوظ في حين أن جبهة المعارضة وبسبب الإخفاقات الميدانية والخلافات الداخلية والضغط الروسي، تعيش وضعاً فوضوياً.
حتى مساء الثلاثاء، أفادت التقارير بأن الدعوة لم توجَّه للأكراد للمشارکة في المحادثات. وقال لوران فابيوس وزير الخارجية الفرنسي، يوم الأربعاء لـ "إذاعة فرنسا للثقافة"، إن ""مسألة مشاركة الأكراد السوريين كانت تحدياً صعباً للغاية، لذلك، قال لي دي ميستورا الممثل الخاص للأمم المتحدة في سوريا، إنه لم يدعُ هذا الحزب".
قضية مشاركة الأكراد هي من أهم التحديات أمام عقد هذه الجولة من المحادثات السورية. فروسيا تصر على أن الأكراد يجب أن يشاركوا في المحادثات إلى جانب المعارضة ومقابل ممثلي الحكومة، لكنّ المعارضين وبدعم من السعودية وتركيا اعترضوا بشدة على هذه المسألة، ويقولون إن الأكراد وبسبب التعاون مع حکومة بشار الأسد، ليسوا من المعارضة.
وقال وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف يوم الثلاثاء الماضي: "هناك بلد واحد يعارض مشاركة الأكراد وخاصةً حزب الاتحاد الديمقراطي، ولكن من دون هذه المشاركة فإن هذه المحادثات لن تصل إلی النتائج المتوخاة". ومع ذلك، فقد أكد: "إننا لا نخطط لاستخدام حق النقض لمنع بدء المحادثات السورية". وعلی الرغم من أن وزير الخارجية الروسي لم يوضح البلد الذي کان يعنيه، ولكن القادة الأتراك أعلنوا علناً أن حضور الأكراد في هذه المباحثات خطٌ أحمر بالنسبة لهم.
وقال وزير الخارجية التركي مولود شاووش أوغلو يوم الثلاثاء إنه في حال دُعي حزب الاتحاد الديمقراطي إلى جنيف، فإن أنقرة ستقاطع المحادثات. في المقابل، "هيثم مناع" وهو من قادة مجلس سوريا الديمقراطية، والذي دُعي للمشاركة في محادثات السلام السورية، قال: "إذا لم يتم توجيه الدعوة إلی "صالح مسلم" و"إلهام أحمد"، من قادة الجماعات الكردية السورية، في هذه المباحثات، فهو أيضاً لن يشارك في الاجتماع".
موافقة المعارضة...
بينما تبدو إمكانية حضور الأكراد في مباحثات اليوم مستبعدةً، فقد أعلنت المعارضة المدعومة من السعودية وتركيا يوم الأربعاء رسمياً، أنهم سيشارکون في الاجتماع. وإذْ أعلن سالم المسلط المتحدث باسم وفد المعارضة السورية في الرياض هذا النبأ، أضاف: "قررنا المشاركة في اجتماع جنيف تحت رعاية الأمم المتحدة، وإجراء مباحثات مع ممثلي الحكومة السورية". وقد كرر مرةً أخرى مواقف المعارضين السابقة بالقول: "ينبغي أن تستند عملية المباحثات في جنيف، إلی مباحثات جنيف 1، والتي تحدثت عن تشکيل حكومة انتقالية مع كافة الصلاحيات".
وتأتي موافقة المعارضة علی المشارکة في اجتماع جنيف، بعد أن ذكرت مصادر إخبارية أن "جون كيري" وزير الخارجية الامريكي قد هدّد صراحةً "رياض حجاب" المنسق العام لمؤتمر المعارضة السورية، بأنه إذا رفضوا المشارکة في الاجتماع ولم يکونوا على استعداد لإجراء تعديلات في قائمة المشاركين، فإنهم سيخسرون الدعم العسكري والسياسي.
وفي وقت سابق أصدرت "الهيئة العليا للمفاوضين المعارضين" السوريين في الخارج، والموجوين في الرياض، بياناً أعلنوا فيه بعض تحفظاتهم بشأن محادثات السلام السورية في جنيف. وفي هذا البيان أثارت المعارضة بعض المطالب بما في ذلك "سؤالهم عن الأشخاص الذين تمت دعوتهم لحضور هذا الاجتماع"، وأيضاً كسر ما أسموه "حصار المدن السورية"، و"الإفراج عن السجناء السياسيين".
الحالة الفوضوية للمعارضة
وجاء إعلان المعارضة استعدادها للمشارکة في هذا الاجتماع، في حين أن حلفائهم قد تکبّدوا خلال الأسابيع القليلة الماضية هزائم کبيرة على الأرض، وخاصةً في محافظة اللاذقية الشمالية ومحافظة درعا الجنوبية. ويعتقد المحللون أن المعارضة السورية تعيش حالياً حالةً من الفوضى والارتباك والاختلاف، والقرارات الرئيسية تؤخذ علی يد القوى الأخرى. وقال عبد الباري عطوان في مقال في صحيفة "رأي اليوم" الإلكترونية: "إنتظرنا حتى ساعة متأخرة من مساء الثلاثاء لمعرفة خريطة حضور المعارضة السورية، ومن موافق ومن مقاطع، ولكن الدخان الأبيض تأخر خاصةً من صومعة الرياض، لأن اجتماع الهيئة العليا للإشراف على الانتخابات التي يرأسها "رياض حجاب" في حال من الارتباك والتردد، وسط تضارب الأنباء حول الموقف النهائي."
الجيش السوري يواصل تقدمه علی الأرض
خلال الأيام القليلة الماضية، تسارع انهيار دفاعات الجماعات المسلحة، وأهمها استعادة السيطرة علی مدينة الشيخ مسکين في الجنوب، والربعية في شمال البلاد. واستمراراً لهذا التقدم في مناطق مختلفة من سوريا، نفّذت وحدات الجيش السوري إلى جانب حلفائهم عمليةً مفاجئةً وسريعةً في جنوب دمشق، قامت خلالها بقطع وتطهير مناطق الاتصال بين الإرهابيين في بلدتي "داريا" و"المعضمية" في غوطة دمشق الغربية.
وأفادت وكالات الأنباء أن الجيش السوري وبمساعدة حزب الله قد بدأ مساء الثلاثاء الماضي عمليةً مفاجئةً في غوطة دمشق الغربية. ووفقاً لهذه التقارير، فبعد عدة ساعات من القتال العنيف، نجحت قوات الجيش السوري والمقاومة في قطع وتطهير مناطق الاتصال بين الإرهابيين في بلدتي "داريا" و"المعضمية". وفي هذه العملية، قُتل وأصيب أكثر من 20 إرهابياً. ومن الجدير بالذكر أن الغوطة الغربية تقع تحت الحصار الکامل منذ أكثر من عام، ولم تتخذ الحكومة السورية أي إجراءات لتنظيف المنطقة خلال العام، لأسباب غير معروفة.
